الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطيبي يغضب إذا خرجت دون أن أخبره!

السؤال

السلام عليكم.

مشكلتي أن خطيبي يغضب إذا خرجت من دون أن أخبره، وعندما أتصل عليه فإنه لا يرد، وقد يستمر غضبه وانقطاعه عن التواصل معي لأسبوعين، وقد تصل إلى شهرين، وإذا اتصل علي فبطلب من أمه.

أشعر بأنه قاس القلب، وأفكر بفسخ الخطبة، ولكني أخشى أن أندم على ذلك، أنا محتارة جدًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك، إنه جواد كريم.

أختنا الكريمة: العرب تقول: ثبت العرش ثم انقش، ونحن هنا نريد أن نتحدث في الأصل، أو في القواعد قبل أن نتحدث عن البناء.

وعليه فسؤالنا لك: كيف تدين الشاب؟ وكيف هي أخلاقه؟ هذا هو السؤال المحوري الذي يجب الإجابة عليه أولاً؛ فنبينا -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).

فإذا كان الشاب متدينًا، وأخلاقه حسنة، فإن ما بعد ذلك هين، ويمكن إصلاحه، وإن كان الشاب بعيدًا عن التدين، وغير مقبل عليه، وأخلاقه بين الناس سيئة؛ فإن إصلاح هذا الشاب في زواجه متعثر، إلا أن يشاء الله تعالى أمرًا آخر.

وعليه فإننا ننصحك بما يلي:

1- التأكد من تدين الشاب وأخلاقه عن طريق بعض محارمك، فيسألون عنه جيرانه الصادقين، ويسألون أصدقاءه في العمل، المهم أن يتحدثوا مع من يتعايشون معه.

2- اعلمي -أختنا الكريمة-: أن بعض الشباب عنده قناعة داخلية بأن خطيبته إذا لم تستمع لكلامه منذ البداية فإن حياته ستكون عصيةً عليه، والبعض يخشى ذلك، فإذا كان الشاب من هذا النوع، فالوضوح معه، وسماع ما يقوله ما دام في طاعة الله أمر لا ينبغي عليك تركه.

3- حديثه عن أمه قد يكون إيجابيًا، بمعنى انظري إلى الجانب الإيجابي منه، فحديثه معناه أنه بار بأمه، يستمع إليها، ونحن دائمًا نقول: إن البار بأمه حري أن يكون بارًا بزوجته وأولاده بعد ذلك، والعكس بالعكس، فانظري إلى الجانب الإيجابي -حفظك الله-.

4- نحن لا ننصحك بتضخيم التخوف، بل ننصحك بالتغافل، وإصلاح ما يمكن إصلاحه، والسؤال عنه بحكمة، فلا اندفاع، ولا انغلاق، ما دام ذلك منضبطاً بالضوابط الشرعية.

5- الاستخارة: وهي ركعتان اثنتان من غير صلاة الفريضة، يدعو فيهما المُستخِيرُ اللهَ بالدعاء الوارد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وهو: (اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ، وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأَسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العَظِيمِ، فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ خَيْرٌ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي - أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ - فَاقْدُرْهُ لِي، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي - أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ - فَاصْرِفْهُ عَنِّي واصْرِفْنِي عنْه، واقْدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي به، ويُسَمِّي حَاجَتَهُ) اجعلي الدعاء بعد السلام مباشرةً، ولا حرج أن يكون في السجود وبعد السلام، ثم بعد هذه الصلاة توكلي على الله، وثقي أن الأمور بيده، وأن الله سيقضي لك الخير لا محالة، فإن تيسر الزواج فهذا هو الخير، وإن تيسر الابتعاد فهذا هو الخير، المهم أن تتقدموا للأمام نحو الزواج بعد الاستخارة.

أختنا الكريمة: بقي أن نقول لك: إن الخاطب إذا لم يعقد عليك شرعيًا فهو أجنبي عنك، فلا يجوز لمس يده، ولا الخلوة معه، ولا الحديث إليه حديثًا خارجًا عن الشرع، بل يجب أن يكون الحديث بقدر، وفي الإطار الذي به يعرفك وتعرفينه، وبعلم محارمك.

التهاون في هذه الضوابط يجر عليك الكثير من المتاعب بعد ذلك، فانتبهي -رعاك الله-.

نسأل الله أن يكتب لك الخير حيث كان، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً