الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطيبي متساهل في الصلاة، فهل أتركه أم أنصحه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة تقدم لخطبتي شاب سمعته طيبة والجميع يشكر في أخلاقه وأخلاق والده -رحمه الله-، وبعد السؤال عنه قالوا بأنه ملتزم بالصلاة، وعندما سألت أخته التي تسكن معه في البيت، قالت: إنه أحيانًا بسبب ضغط العمل يمكن أن يدخل فرضاً في فرض، وإنه قابل للتغيير، ويريد أن يكون ملتزمًا. أنا لا أعلم عن دينه أي شيء، قابلته في الرؤية الشرعية مرة واحدة، وكان الكلام بيننا عامًا، وشعرت بالقبول، ولكني قلقة جدًا من دينه، فوجدت على صفحة الفيس بوك بعض الأغاني، ورأيت بعض البوستات التي فيها خير.

أهلي متمسكون بالشاب، وبيننا توافق في المستوى العلمي والمادي ومن نفس البلد، والدي متوفى ووالدتي حساسة جدًا، وأخبرت أمي أهل الشاب بموافقتنا، فهل أعطي نفسي فرصة للتعرف عليه أكثر في فترة الخطوبة؟

والدتي تجبرني على كل شيء، حتى لبس الحجاب، وتمنعني من لبس الخمار، وتريد أن أتزين وأضع المكياج في يوم الخطبة، وترفض فكرة العرس الإسلامي، ولو رفضت ما ترغب فيه تبكي وتغضب، ما هو الحل، أفيدوني؟

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رقية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك –ابنتنا الفاضلة– في الموقع، ونسأل الله أن يرحم والدك وأمواتنا وأموات المسلمين، وأن يُعينك على برّ هذه الوالدة التي تريد لك الخير وإن أخطأت في بعض طلبها للخير، أو في بعض تصوراتها للخير.

ونتمنى أيضًا أن تتاح لك فرصة لإخبار الشاب عن رغبتك في المحافظة على الصلاة وفي النواحي الشرعية؛ لأن هذا مفتاح الحياة الزوجية السعيدة.

إذا كان الشاب يمدح في أخلاقه وأخلاق والده المتوفى -رحمة الله على الجميع-، وكانت أخته معك بهذه الصراحة وبيّنت لك أنه يُصلي لكنه يُدخل فرضاً في فرض، وأنه قابل للتحسُّن، فنسأل الله أن يُعينك على أن يكون لك تأثير، ونبشرك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خيرٌ لك من حُمر النّعم)، فكيف إذا كان الرجل هو هذا الشاب الذي طرق بابك، واختارك على مَن سواك من البنات والنساء.

بالنسبة للوالدة: أرجو أن تعامليها بلطف، وتجتهدي في إرضائها، وتحاولي أن تحتالي عليها إذا أمرت بأمرٍ فيه معصية، أعلني لها عن حبك لها، ذكّريها بأن الطاعة لله هي مفتاح النجاح ومفتاح السعادة، وحاولي أيضًا تقدّير الوضع الذي هي فيه، فكثير من الأمهات تحتاج إلى كثير من التعليم وتصحيح المفاهيم، -نحمد الله تبارك وتعالى- الذي يسّر لك هذا الأمر، ونسأل الله أن يجمع بينكم على الخير وفي الخير.

إذًا نحن نوافق على فكرة التعرُّف عليه أكثر وتشجيعه في هذه الفترة، بيّني رغبتك في أن تكونين محجّبة، وأن يكون البيت يقوم على الصلاة والقرآن، من أجل إخراج ذرية صالحة تسجد لله تبارك وتعالى، والوالدة حاولي ألَّا تحتكي معها وتجعليها تبكي وتحزن أيام فرحك، ونسأل الله أن يُعينك على الخير، والله تبارك وتعالى يُسائلنا عمَّا نستطيع فعله، لكن بعض الأمور التي تخرج عن إرادتنا ونحن في أنفسنا نكرهها ولا نحبُّها، لا يُحاسبنا الله تبارك وتعالى عليها.

وإذا كنت تشعرين أن الوالدة تجبرك؛ فهذا لأنها تريد مصلحتك كما تعتقد، فلا يوجد أم إلَّا وتتمنّى كل الخير لبنتها، وإن كانت أحيانًا لا تعرف الوصول إلى الخير الذي يُرضي الله.

في يوم الخطبة طبعًا من حق الفتاة أن يراها الشاب وتراه، ولا مانع من أن يكون هناك أيضًا نوع من الزينة؛ لأن الطرفين يتزيّنوا، طبعًا الأصل أن يراها على الطبيعة، وتراه على طبيعته، لكن الذي يحصل عند الناس هو أنه يُصلح هندامه، وهي تُصلح هندامها، وبالتالي الأمر في مرحلة الخطبة والتعارف سيكون سهلاً؛ لأنه جاء ليرى ما يدعوه إلى النكاح، وما يدعوك للقبول به من خلال النظرة الشرعية.

أمَّا في العرس -الفرح- فاجتهدوا في اجتناب المخالفات الشرعية والمعاصي بقدر المستطاع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينكم على تجاوز الصعاب، ونتمنّى أيضًا في كل الأحوال أن تحافظي على هدوئك في تعاملك مع الوالدة، فلا ترفعي عليها صوتًا، ولا تُغضبيها، ولا تُحزنيها، وحاولي معها، واستعيني بالأخوال والأعمام والفاضلات والصالحات ممَّن يمكن أن يؤثرن على الوالدة تأثيرًا إيجابيًا، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً