الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أهلي ضد ارتدائي للحجاب الشرعي، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

عمري 22 سنة، متحجبة، ولكن أريد تعديل الحجاب بارتداء الخمار، فقد هداني الله -والحمد لله- للطريق الصحيح، حتى إني أرتدي القفازات وأتعفف، ولكنني أواجه مشكلة الأهل الذين هم ضد الفكرة، فقد منعوني من الخروج لشراء الطرحة، أو الخمار الشرعي، كما أني لا أملك مالاً، ولا أعمل حتى يمكنني شراء الخمار.

يقولون عني أني منافقة، وأتهاون في الصلاة؛ لأنهم رأوني في عذري الشرعي لم أصل، فظنوا أني لا أصلي أبدًا.

ماذا أفعل وقلبي تواق للتوبة، وهناك من يسد طريقي؟ أعلم أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولكنني بارة بوالديّ، ولا يمكنني كسرهما، ماذا يمكنني فعله لشراء الخمار وارتدائه بدون موافقتهما؟ وما رأيكم في تصرف هؤلاء الآباء؟

ولكم مني جزيل الشكر والدعوات الطيبة، وفقكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بشرى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى أن ييسّر لك طاعته، ويُبلّغك رضوانه، ونحن نشكرك على حرصك على القيام بفرائض الله تعالى، ونأمل -إن شاء الله- أن يجعل الله تعالى لك يُسرًا، فإنه سبحانه وتعالى قد قال في كتابه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: 4].

وبالنسبة للحجاب: إن كنت تقصدين بشراء الطرحة والخمار الشرعي ما تُغطين به رأسك وصدرك ورقبتك ونحو ذلك؛ فهذا فرض لا خلاف فيه بين علماء المسلمين، ولا يجوز لك أن تُطيعي أحدًا من خلق الله في معصية الله تعالى؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إنما الطاعة في المعروف) ويقول: (لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الله).

ولكن مع قيامك بهذا الفرض لا بد أيضًا من القيام بفرض البرّ بالوالدين والإحسان إليهما، فاحذري أن يبدر منك ما يسوء إلى والديك، غير العمل بطاعة الله تعالى المفروضة، فأحسني صحبتهما، وأحسني إليهما بالقول والفعل، ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، فقد قال الله في كتابه: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15].

وإذا استطعت أن تأخذي من أموال والدك ما تشترين به حاجتك من الخمار والغطاء، فيجوز لك ذلك فيما يبدو -والله تعالى أعلم-؛ لأنه من النفقة الواجبة عليه بذلُها لك، فإذا لم يبذلها بنفسه وتمكّنت من أخذها بقدر حاجتك؛ نرجو -إن شاء الله- ألَّا حرج عليك في ذلك.

أمَّا إن كنت تقصدين بالحجاب وتغطية الوجه بالنقاب؛ فهذا جمهور العلماء -أي أكثر العلماء من المسلمين والمذاهب- على وجوبه أمام الرجل الأجنبي، حتى لا يتمكن من الوقوع في المعصية وهي النظر، ولكن مع ذلك هناك خلاف بين الفقهاء في وجوبه، فإن ضاق بك الأمر ورأيت أن تأخذي بقول الذين يقولون بجواز كشف الوجه؛ فنرجو -إن شاء الله- أنه لا حرج عليك في ذلك، وإذا كنت تعتقدين وتتابعين مَن يرى وجوب تغطية الوجه؛ فإنه سينتهي الأمر إلى نفس الوضع السابق في المسألة السابقة، وهي أنه لا يجوز لك أن تُطيعي أحدًا في معصية الله.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً