الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أنصح بنت خالتي، بدون أن أفضحها؟

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب ولدت في عائلة محترمة جداً -وبالخصوص عائلة أمي-، إحدى خالاتي لديها عدد من البنات، أغلبهن صغيرات في السن -أطفال-، الكبرى منهن تبلغ من العمر 14 عامًا) حينما دخلت إلى حسابها في (التيليجرام) كانت صورة البروفايل "شاب يقبل فتاة" صعقت بالمعنى الحرفي لهذه الصورة، حتى إني تأثرت من قوة الصورة وصراحتها، كلنا نعلم أنها بنت مؤدبة جداً، لدرجة أننا نقول عنها بأنها معقدة نفسيًا من الرجال، فكيف ذلك؟!

سمعت عنها مؤخرًا من أهل بيتي، أنها اشترت هاتفاً جديدًا، ولكن للأسف خالتي وزوجها، لا يفقهون كثيرًا بالتكنولوجيا، كي يراقبوا ابنتهم حق الرقابة.

كما سمعت أيضًا أنها بدأت تسمع الأغاني، وخصوصًا ما يسمون (BTS)، وصارت مهووسة بالهاتف النقال، حتى انفصلت تقريباً عن عالمنا هذا، وهم كل فترة يسحبون منها الهاتف ثم يرجعونه، لتأديبها، لكنهم لا يعرفون شيئًا عن هذه الصورة، بل أكثر من صورة تدل على نفس المعنى في ملفها (شاب وبيده فتاة، شاب يقبل فتاة، شاب يطير مع فتاة)، أنا متأكد أنهم لو رأوا هذه الصور ووصلت إلى خالتي فسيحصل جدل كبير، وسيتم منعها نهائيًا من الهاتف، وسيتم التعامل معها بأقسى شيء قد يخطر على البال؛ لأن هذا الموضوع يستحيل أن يوجد في عائلتنا، لأن العائلة كلها تقريبًا حفظة لكتاب الله، وملتزمون دينيًا إلى أبعد درجة.

عموماً، أنا أخذت لقطات شاشة لهذه الصور التي وضعتها، فقلت في نفسي: سأعرضها على خالتي أو على أمي -بحكم أنها تحب أمي كثيراً، وتتقبل كلامها- لكني خشيت أن هذا الموضوع يشوه سمعتها، أو أكون وقعت في فتنة، فمسحت هذه الصور -ويمكنني أن أسترجعها- بل مسحت كل شيء من هاتفي نهائياً، وقمت بحظرها، كي لا تظهر أمامي مجددًا.

أنا متردد، هل أقول لأمي أو لخالتي؟ لعلي أنقذ هذه الفتاة، وفي نفس الوقت تحدثني نفسي بأني سأكون سببًا في خراب سمعتها، (ومن ستر مؤمنًا ستره الله).

بالمناسبة هي دائماً ما تكون الأولى على مدرستها في الدراسة، ذكية وذات دين، وعندي إحساس بأني حتى لو أخبرت أحدًا من العائلة بهذا الأمر، فلا أعتقد أنه سيكون ذا فائدة ملموسة على سلوكها ودينها، بل سيكون في الغالب مجرد منع نهائي من الهاتف، مع الكثير من الإهانات، ليس إلا.

فلا أدري ما أفعل؟ أرشدوني بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الكريم- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بأمر هذه القريبة، التي نسأل الله أن يُصلحها، وأن يُعينها على مراقبة الله تبارك وتعالى، ونحن في شهر الصيام، ونؤكد أن الأمر صعبٌ ومحرجٌ، لكن السكوت لا يصلح، فعليك أن تأخذ أحسن السُّبل في نُصحها، إذا كان في الخالات أو في العمّات مَن هي عاقلة فاضلة تستطيع أن تكتم سرَّها وتستر عليها وتُقدّم لها النصيحة؛ فلا مانع من إيصال النصيحة لها، وقبل الفضيحة وقبل الكلام لابد أن يصل لها النصح والستر، فإن (الْمُؤْمِنُونَ ‌نَصَحَةٌ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ يُوَادُّونَ وَإِنْ تَفَرَّقَتْ دِيَارُهُمْ، وَالْمُنَافِقُونَ غَشَشَةٌ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَإِنِ اجْتَمَعَتْ دِيَارُهُمْ).

الإنسان إذا وجد خطرًا أو خطأً، عليه أن ينصح ويستر، فابحث عن السبيل الذي تُوصل به النصيحة إليه، والتي تنصحها لابد أن تُبيّن لها أنها متميّزة، وأن فيها خيرًا، وأن عليها أن تبتعد عن الأمور التي لا تليق بالعائلة، ولا تليق بفتاةٍ مسلمة مثلها.

السكوت لا يصلح، والفضيحة لا تصلح، لذلك لابد أن تبحث عن السبيل المناسب الذي تُوصل به النصيحة إليها، وكذلك تبحث عن الشخص المناسب من الأهل الذي يمكن أن يُوصل النصيحة إليها، وإذا كان هناك إمكان أن تصل النصيحة إليها مكتوبة، تُرسل لها في ورقة أو في شيءٍ كتنبيهٍ، وعلمتَ أن ذلك مفيد؛ فهذا أيضًا لا مانع منه، تكتب نصيحة وتُوصلها لها، تُذكّرُها بالله تبارك وتعالى، وتخوّفها من عواقب التمادي في هذا الأمر، ونسأل الله أن يُعينك على النصح.

الإنسان ينبغي أن يُدرك أن هذه مسؤولية، ولكن التصرف الصحيح مهم، ومن المفيد جدًّا أن تعرف أيضًا ردود الفعل المتوقعة، إذا كنت ستُرسلُ خالة أو عمَّة، فعليك أن تقرأ أولًا كيف ستتصرف، ترى هل ستتفهم هذا الأمر؟ هل تستطيع أن تكتم السر، هل في ذلك مصلحة للفتاة؟ لابد من دراسة كاملة قبل الإقدام على أي خطوة.

نسأل الله أن يُعينك على الخير، وأن يهدي هذه الفتاة للحق والخير، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً