الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خلاف بين عائلات والدي ووالدتي.. كيف أتعامل معه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندي سؤال، لكني أظن أنه من المفيد أن أوضح لكم شيئًا أولًا:

عائلتي تعاني من بعض التفكك؛ فبعد خلاف بين والدي وعائلة والدتي، انقطع تواصلي مع أهل أمي منذ أن كنت طفلًا، وهي ترفض السماح لي بزيارتهم تجنبًا للمشاكل، ومنذ بضع سنوات، حدث خلاف آخر بين والدتي وعائلة والدي، فانقطعت الزيارات معهم أيضًا، كما وقعت مشكلة قبل حوالي ثلاث سنوات، ترك والدي على إثرها المنزل لمدة عام كامل، وسؤالي يتكون من جزئين:

أولًا: كيف أتعامل مع هذا الوضع العائلي المعقد الذي شرحته؟
ثانيًا -وهو الأساسي-: تفسير رؤيا رأيتها منذ ثلاث سنوات، عندما كان والدي خارج المنزل، وكنت أعيش حياتي بشكل طبيعي.

رأيت رؤيا، علمًا أنني نادرًا ما أحلم أثناء النوم، وكانت كالتالي: كنت أمشي في طريقي إلى المنزل، وفي يدي شيء لا أتذكره تحديدًا، لكنه كان مهمًا جدًا بالنسبة لي، بل أهم من حياتي. فجأة، هجم عليّ ثلاثة كلاب: اثنان منهما أسودان وضخمان، والثالث بني اللون. الكلبان الأسودان هاجماني بشراسة، أما الكلب البني فكان معهم، لكنه بدا نادمًا أو حزينًا، أتذكر أن الحلم كان مؤلمًا، وسقطت على ركبتيّ من شدة الهجوم، وكادا أن يأخذا الشيء الثمين مني، لكنني تمسكت به ولم أفرّط فيه حتى استيقظت وأنا أتنفس بسرعة.

ومنذ تلك الرؤية، بدأت حالتي تتدهور تدريجيًا بشكل غير ملحوظ، مثل الكسل، ضعف التركيز، انخفاض الدرجات، ضعف الإيمان، الاكتئاب، وغيرها.

وبعد ثلاث سنوات، رأيت رؤيا أخرى، وكان محتواها كالتالي: كنت أعود إلى المنزل من مكان لا أتذكره، لكنه كان مهمًا، وعند باب البيت، رأيت سيدة عجوز لا أعرفها، فاحتضنتني فجأة، ثم دخلت المنزل، ووجدت أقارب والدي موجودين، فسلمت عليهم وجلست وسطهم، وكان هناك ثلاثة أطفال يزحفون أمامي على الأرض، لم أعرفهم، علمًا أن العائلة لا يوجد بها أطفال.

لست متأكدًا إن كانت السيدة العجوز هي جدتي أم لا، لكنني متأكد أن الرؤيتين صحيحتان ومترابطتان. وبعد الرؤية الثانية، بدأت حالتي تتحسن قليلًا، لكنني ما زلت أعاني من آثار كثيرة لم تُحل منذ الرؤية الأولى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، وحسن العرض للسؤال، ونحن سعداء جدًّا بهذه الاستشارة التي تدل على نضجك، ونحمد الله -تبارك وتعالى- أنك في عمر تستطيع فيه أن تستوعب مثل هذه الأمور، ويكون لك دور في إصلاح ذات البين، والتواصل مع الأخوال والخالات والأعمام والعمات، وإقناع الوالدين أيضًا ولو على انفراد بأهمية أن يُقطع هذا الهجر؛ لأن النبي ﷺ بيَّن أنه «لا يحل لمسلمٍ أن يهجر أخاه فوق ثلاث»، فكيف إذا كان هذا الأخ هو الخال، أو هو العم، أو هي العمة، أو هي الخالة! ما أحوجنا إلى أن ننتبه إلى أهمية صلة الرحم!

وأرجو أن تسعى لهذا الإصلاح، وأن تتخذ الأسلوب اللطيف؛ فالإنسان إذا نصح والده أو والدته ينبغي أن يكون في غاية اللطف، «يا أبتِ .. يا أبتِ .. يا أبتِ .» كما فعل خليل الرحمن (إبراهيم عليه السلام).

وحاول دائمًا أن تكون ناقلًا للمشاعر النبيلة والأشياء الجميلة بين الوالدين أولًا، ثم بين الأرحام والأقارب؛ لأن هذه من الأمور الشرعية التي لابد أن نحرص على الالتزام بها، فأمر صلة الرحم من الأمور العظيمة، وهي من واجبات الشريعة.

ولذلك أرجو أن تحتال على الوالدين في التواصل مع أعمامك أو أخوالك ومع جميع هؤلاء، وليس من الصواب أن يتوارث الأبناء ما حصل من الآباء والأمهات من خصام مع أهلهم هنا أو هناك، بل ينبغي أن يكون لنا دور بمنتهى اللطف في الإصلاح، وفي التواصل مع هؤلاء الذين يسألون الله -تبارك وتعالى- عن صلتهم.

والحمد لله، هذه الاستشارة تدل على نضجٍ، ونرجو أن يكون لك دور بلطف مع الوالد والوالدة حتى تلطف الأجواء بينهم، ونسأل الله أن يجعلك سببًا في الجمع بين أفراد الأسرة الصغيرة والكبيرة.

أمَّا بالنسبة للرؤيا: فيؤسفنا أن نعتذر عن إجابتها؛ حيث إنه خارج اختصاص استشارات موقع إسلام ويب، فالاستشارات مخصصة للأمور (النفسية، الأسرية، الطبية، الفكرية، الشباب).

لكننا نحب أن نقول: متى ما اتقَ الإنسان ربه في اليقظة، لن يضره ما يراه في النوم، وإذا وجدت مختصًا في تعبير الأحلام، فلا مانع من عرض ما رأيت عليه، ولكن كما قلنا: من يتقِ الله في صحوه وفي حياته لن يضره ما يرى في منامه، ونرجو أن يكون في هذا الذي رأيت خير، خاصة وأنت تستبشر بما رأيت، ونسأل الله أن يعينك على تجاوز هذه الصعاب، والقيام بأدوار كبيرة في إصلاح أحوال هذه الأسرة.

ومرة أخرى: نحن على ثقة كبيرة، ونسأل الله أن يوفقك في أن يكون لك دور، ويمكنك التواصل معنا، وعرض تفاصيل المشكلات، وأنماط الشخصيات هنا وهناك؛ حتى نتعاون جميعًا في وضع الخطة الإصلاحية العلاجية التي تستطيع بها أن تجمع بين الأرحام، وتتواصل مع أصهارك، ومع الأهل، ومع جميع الناس.

نسأل الله أن يعينكم على الخير، وأن تكونَ -إن شاء الله- مصدر خير لأسرتك وللأمة، ونحن ننتظر من الشباب المتعلِّم من أمثالك أن يكون لهم أدوار كبيرة في الإصلاح وفي النصح.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً