الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي فرصة عمل بعيد ووالداي يريداني أن أبقى معهما

السؤال

السلام عليكم.

لدي فرصة عمل في مستشفى كبيرة في محافظة أخرى، لكن والديّ يريدانني أن أبقى معهما، بمبدأ أن السفر والاستقلال من عادات الغرب، وليست من عادتنا.

أنا أعرف أنني إذ بلغت سن الرشد، فيمكنني أن أستقل في أي وقت، ولكن كيف أناقش والديّ في ذلك من دون أن أعصيهما؟ وهل إذا تركت المنزل من دون موافقة، هل ذلك يعتبر من العقوق؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب .

اعلم أخي العزيز –وفقك الله– أن الاستقلال يختلف عن الاستغناء، فالاستقلال يُسهم بشكل كبير في إثبات الذات، وتنمية الاعتماد على النفس، والاستعداد المبكر لقيادة الأسرة، وتحمل أعباء الحياة بكل أشكالها، والاستفادة من خبرات وتجارب الآخرين، على عكس الاعتماد السلبي على الآخرين، ولو كانوا من الأهل، والاستقلال في ثقافتنا الإسلامية يختلف عن الاستقلال في البلاد غير المسلمة، فالمسلم يدرك حق عائلته، وأرحامه، وقرابته، ومجتمعه، وأهمية صلتهم، ومداومة بر الوالدين، وأن لهؤلاء حقاً لا يزول بالابتعاد عنهم، وهذا لا يوجد في الاستقلال عند غير المسلمين.

لذلك إذا كنت ترى أن فرصة العمل هذه لا يمكن تعويضها أو تأجيلها، وأن السفر والابتعاد سيتيح لك فرص النجاح، والتميز، والخبرة، وأن والديك في حالة صحية ومادية لا يحصل لهما الضرر بابتعادك عنهما، فلا بأس في الذهاب إلى هذه الفرصة، ولكن اجتهد في شرح وتوضيح كل ما يجعلهما يوافقان على ذهابك، فهذا هو الأولى والأفضل.

وينبغي أن تعلم: أن الاستقلال لا يعني الترك، أو الاستغناء عن الوالدين، والأهل، والأرحام، فالاستغناء أشبه بانقطاع تام، وابتعاد كلي، واكتفاء بالنفس في كل المجالات، وهذا نوع من القطيعة التي لا تجوز شرعًا.

وحتى تقنع والديك بأهمية هذه الفرصة، والسماح لك بالذهاب، ننصحك بالتالي:

أولاً: احرص على أن توضح لهما أعباء الحياة في واقعنا المعاصر، وفي منطقتك تحديدًا، وأهمية أن يبني الشاب نفسه، ويؤسس لبناء عائلة وأسرة.
ثانيًا: وضح لهما أن الفرص قليلة، وأن مثل هذه الفرصة قد لا تعود، أو لا تتكرر.
ثالثًا: يمكن أن تبحث عن شخص له قدر ومكانة عند والديك ليحدثهما في الأمر، ويشرح لهما وجهة نظرك.
رابعًا: تجنب الدخول في نقاش حاد، أو في جدال معهما، حتى لا تحدث ردة فعل عكسية.
خامسًا: اختر الأوقات المناسبة لفتح الحديث معهما حول موضوع سفرك للعمل، ووضح لهما أن هذا سيعود بالنفع المادي والنفسي لك ولهما أيضًا.

أخيرًا: ابحث عن مخاوف الوالدين من هذا القرار، وحاول أن تزيل تلك المخاوف، من خلال إثبات أمان المكان الذي ستذهب إليه، وأيضًا تتأكد أن هناك من سيرعى والديك، ويقوم على خدمتهما، وتوفير كل احتياجاتهما، وأنك ستبقى على اتصال وزيارات مستمرة لهما.

ولا تنس الاستخارة والدعاء أن يختار الله لك الخير، وأنك إن قدمت رغبة والديك على رغبتك؛ فسوف يفتح الله عليك أبواباً من الخير والرزق، بغض النظر عن كون المسألة عقوقاً أم لا؛ فكم هي فرحة والديك ببقائك بجوارهما، وبسعادتهما هذه سيبارك الله لك في رزقك وعملك، وقد يتيسر لك عمل قريب جوارهما.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً