الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت شرهة لتناول الطعام..فهل للاكتئاب دور في ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كما تبين من استشاراتي السابقة، فإني أصبت بالاكتئاب، وتناولت دواء (مودابكس) لأجل ذلك.

ما أشكوه كان أول الأعراض ظهورًا بعد التوقف عن تناول الدواء، فما ظهر منها كان ثلاثة، وشكوت لحضراتكم ثانيها (الصداع)؛ لأنها كانت الأشد، وبفضل الله زال الصداع بنهاية شهر رمضان.

أمَّا العرض الأول فقد تطور كثيرًا الآن، وصار يسبب لي قلقًا وأفكارًا وسواسية قهرية، تمنعني من المذاكرة والخشوع في الصلاة، وقد أؤخر الصلاة بشدة أيضًا، واختباراتي الأسبوع القادم، وهي للشهادة وليست للنقل.

هذه المشكلة هي أنني لا أشبع من تناول الطعام مطلقًا، كانت في البداية تظهر نوبات شراهة مع نوبات الصداع، وأول نوبة شراهة تعرضت لها أوجعت بطني بشدة، ولكن بعد ذلك لم أعد أتألم منها.

أنا أكلي كله صحي، وأمارس الرياضة بانتظام، وتوقفت عن الحميات الغذائية كونها تدمر صحتي وشكل وجهي، ووزني ٤٨ كيلو مع طول ١٥٧ سم.

الآن أصبحت علاقتي مع الطعام متوترة جدًا، هو شغلي الشاغل، أريد الأكل فقط، لم تعد نوبات متكررة، بل أصبحت يومية، وسلوكياتي تجاهه تشبه السلوكيات القهرية، وأنا أخاف حقًا، تناولي للطعام ليس سريعًا، ويستغرق مني ساعتين، والإجمالي قد يصل لأربع ساعات أو أكثر.

لا أعرف ماذا أقول لحضراتكم، لكن أريد خطوات مدروسة، كم آكل وكيف ومتى؟ وكيف أشبع، وكيف أجوع؟ أنا متوترة جدًا، وحياتي تدهورت، ولا أستطيع الدراسة، ليس لدي شيء سوى الطعام.

أريد المساعدة وتوجيهكم حقًا، الوضع مخزٍ ومهين لفتاة صغيرة مثلي.

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Wither حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك (بُنيّتي) مجددًا عبر موقع استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.

أولًا: أحمد الله تعالى لك (بُنيّتي) على أنك تخلصت من الصداع ومن بعض الأعراض الأخرى التي وردت في أسئلتك السابقة.

ثانيًا: أريد أن أقول هنا: إن نوبات الشره للطعام يمكن أن تُفسّر بعدة طُرق، الطريقة الأولى: أن زيادة الشهية للطعام قد تكون أحد أعراض الاكتئاب، نعم صحيح أن معظم المصابين بالاكتئاب يفقدون الشهية للطعام، وينقص وزنهم كثيرًا، إلَّا أن البعض على العكس، تزيدُ شهيتهم للطعام ويزداد وزنهم، مع أنهم يُعانون من الاكتئاب النفسي.

أمَّا الاحتمال الثاني لزيادة الشهية للطعام - وخاصةً أن وزنك فقط 48 كيلو، طولك 157 سنتيمتر-؛ فيبدو أنك تعانين من حالة معروفة، نُسمّيها اضطراب تناول الطعام في شكل (بوليميا نرفوزا Bulimia Nervosa) وهي الشره للطعام، حيث يُصاب الإنسان - وخاصة من الفتيات - بنوبة من الشره للطعام، فيمكن أن تأكل كل ما تقع يدها عليه من الطعام، ثم تشعر بالغثيان والاشمئزاز، وربما تحاول أن تُخرج ما تناولته من طعام عن طريق الاستفراغ، أو عن طريق ممارسة الرياضة المبالغ فيها، أو تناول المسهّلات. وأيضًا ليس غريبًا أن هناك علاقة قريبة بين الاكتئاب، وبين اضطراب تناول الطعام.

الاحتمال الثالث: أنك وبسبب التوتر والامتحانات التي تجرينها في مدرستك، وتوتر الدراسة، هناك بعض الناس يتكيفون مع هذه الضغوط عن طريق الشره للطعام، وما يُسمَّى (كومفورت فود Comfort Food) أي: الطعام الذي هو مجلبةٌ للراحة والتكيُّف مع التوتر وضغوطات الحياة.

ماذا نفعل (بُنيّتي) أمام هذا الحال؟ عدة أمور:

أولًا: يُفيد أن تتكلمي مع الأخصائية النفسية الموجودة عندك في المدرسة، فمعظم المدارس فيها أخصائية نفسية، فربما هذا الحديث مع الأخصائية النفسية، يمكن أن يساعدك في تخفيف بعض الضغوط النفسية التي أنت واقعة تحتها.

الأمر الثاني: محاولة ضبط كمية الطعام عن طريق تناوله ببطء، وهذا أمرٌ أنت تفعلينه، ولكن يُفيد التفكير فيه، لأن رسالة الجسم من المعدة إلى الدماغ -بأن الإنسان قد وصل إلى درجة الشبع- قد تتأخّر هذه الرسالة، ويكون الإنسان قد شبع، إلَّا أنه لم يُدرك تلك الرسالة بعد، ولذلك يستمر في تناول الطعام.

التوصية الأخيرة: أن تحرصي على الطعام الصحي، وهذا أنت تقومين به بطبيعة الحال -كما ورد في سؤالك-، ولكن حاولي أيضًا التركيز على الخضار والفواكه، ممَّا لا يزيد عندك الوزن كثيرًا.

أدعو الله تعالى أن يشرح صدرك وييسّر أمرك، ويُعينك على التخلص من هذا العرض، كما تخلصت -ولله الحمد- من الأعراض الأخرى التي وردت في سؤالك هذا وأسئلتك السابقة.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً