الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالاكتئاب لأن لدي ميولاً ناحية نفس الجنس!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لديّ مشكلات نفسية أحتاج إلى حلّها، فأنا أعاني دائمًا من القلق، والاكتئاب، والضيق، وتقلّب المزاج، والتوتر، خاصةً إذا حدث شجار بيني وبين أي شخص؛ حيث تبدأ يداي بالارتجاف وتزداد ضربات قلبي بشكل كبير.

أنا متزوج، ولم يحصل إنجاب، والمشكلة من جانبي؛ مما زاد الوضع سوءًا، فقد أصبح كل شيء في حياتي مرتبطًا بعدم قدرتي على الإنجاب، وأشعر بأنني غير مكتمل، وعندما أكون بين مجموعة من الشباب، وكلّهم لديهم أطفال، ينتابني شعور شديد بالنقص.

أعاني من عدم وجود شهوة تجاه الزوجة أو النساء بشكل عام، أي أنني لا أشتهي النساء، وقد شعرت بهذا الأمر منذ بداية مرحلة البلوغ، وكنت ألاحظ أن الشباب يتحدثون عن النساء والرغبة تجاههن، لكنني لم أكن أشعر بالأمر نفسه.

كما أن لدي ميولًا جنسية قوية تجاه نفس الجنس، وأعتقد أن السبب يعود إلى تعرضي لتحرش سطحي أو كلامي في طفولتي، -والحمد لله- لم أُقدِم على أي فعل عملي، سوى مشاهدة بعض المقاطع أو المراسلة، وهذا الأمر يسبب لي مشكلات نفسية كثيرة، ويُبعِدني عن الله، وقد حاولت قدر المستطاع الابتعاد وعدم التفكير، لكن دون جدوى، فالتفكير يعود بقوة ولا أستطيع السيطرة عليه.

استخدمت سابقًا أدوية مضادة للاكتئاب مثل: السيرترالين والفافرين، بالإضافة إلى دواء آخر لا أتذكّر اسمه، وقد لاحظت تحسنًا مؤقتًا، فقد أفادتني هذه الأدوية كثيرًا في التخفيف من أعراض الاكتئاب، ومن الميول الجنسية غير المرغوبة إلى حدٍّ ما؛ إذ مرّت عليّ فترات كنت أشعر فيها بالاشمئزاز من تلك الأفكار، وشعرت بأن حالتي قد تحسّنت، ولكن بعد التوقف عن استخدام الأدوية، عادت الأعراض كما كانت سابقًا.

ولا توجد لدي رغبة جنسية تجاه زوجتي، إلا عند استخدام حبوب التنشيط الجنسي، وكذلك دواء يُسمّى دابوكستين، حيث يساهم في تحسين مزاجي ويقلّل من التفكير السلبي.

أما عندما لا أستخدم هذه الأدوية: فلا أتمكّن من ممارسة العلاقة الجنسية، وأعاني حينها من جميع الأعراض السلبية، وأشعر وكأن هناك صراعًا وصراخًا داخل رأسي، يمتلئ بكل ما هو سلبي.

أحاول في تلك اللحظات ألا أفكّر في الأمور السلبية، وأسعى إلى استحضار كل ما هو إيجابي، لكنني لا أستطيع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولًا: أنتَ -أخي الكريم- لديك استشاراتٌ نفسيةٌ سابقة، وقد قمنا بالإجابة عليها، وأتمنى أن تكون قد أخذت بالنصائح التي ذكرناها لك.

ثانيًا: يظهر أنك تسلك منهجًا سلبيًّا في التفكير، وأنا أُقِرُّ بأن لديك بعض الصعوبات، وأنَّ عدم الإنجاب يُعَدُّ مشكلة، لكن ينبغي للإنسان أن يوقن أن ذلك من قَدَرِ الله تعالى، فالعُقم أمرٌ قد كتبه الله على مَن شاء من عباده، قال سبحانه: {وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا}، ومن تمام الإيمان أن يؤمن المسلم بالقدر خيرِه وشرِّه، إذ هو أحد أركان الإيمان الستة.

ثالثًا: يجب أن ترتقي بنفسك وبتفكيرك، ولا تدخل في مقارناتٍ، فأنتَ ربما تكون أفضلَ بكثيرٍ من هؤلاء الذين تُقارن نفسك بهم، حتى وإن حُرِمتَ من الأطفال، لكن قد تكون لديك أشياءٌ أنتَ نفسك غيرُ مدركٍ لها، وتكون أشياءَ عظيمةً جدًّا.

رابعًا: أريدك أن تعرضَ نفسَك على طبيبٍ مختصٍّ في أمراض الذكورة، -والحمد لله- الآن توجد وسائلُ كثيرةٌ جدًّا لتحسين فُرص الإنجاب، نعم، والعلاجاتُ موجودة، فأنا أرى من الضروري أن تعرضَ نفسَك على طبيبٍ مختصٍّ، حتى وإن كنتَ قد قمتَ بهذا فيما مضى.

خامساً: موضوعُ التوجُّه الجنسي، فلا بد أن تُحرِّر نفسك من أيِّ استعبادٍ نحو الجنسية المثلية، فهذا أمرٌ -حقيقةً- مزعجٌ جدًّا، وأنتَ لم تقعْ في فواحش، وهذا يجب أن يكون دافعًا لك لأن تُحقِّر هذه الأفكار، أقصد الأفكار الجنسية المثلية، وتُعطي نفسك دائمًا الشعور بأنك -الحمد لله- رجل، وأنك مُنجذبٌ نحو زوجتك، وتُفكِّر على هذا النهج؛ لأنَّ الجنسيةَ المثلية التي تحدَّثتَ عنها أرى أيضًا أنَّه يوجد فيها شيءٌ من الطابع الوسواسي.

سادساً: ما تعرّضتَ له من تحرّش أو غيره، لا ننكر أنه قد يترك أثرًا سلبيًّا، لكن الإنسان قادر على الاستفادة من قوة الحاضر، ومن قدرته الحالية على اتخاذ القرار.
نعم، اللحظة الراهنة هي ما تملك، ومن خلالها يمكنك إعادة بناء نفسك بناءً نفسيًّا سليمًا، وهذا أمر ممكن جدًًّا -بإذن الله-.

وطبعًا، مشاهدة مقاطع الفيديو في الماضي، والتعرض لهذه المقاطع، هي مشكلة كبيرة جدًّا، لكن الذي أراه وأحسبه أنك الآن تسير في الاتجاه الصحيح -بفضل الله-.

سابعاً: أخي الكريم، أرجو أن تكون شخصًا فعّالًا على المستوى الاجتماعي، فلا تتخلّف أبدًا عن واجبك الاجتماعي، حاول أن تساعد الناس من خلال وظيفتك، فهذا أمر مهم جدًّا، واحرص على أداء جميع الواجبات الاجتماعية، وكن ملتزمًا بالصلاة في أوقاتها، واجعل لنفسك وردًا قرآنيًّا يوميًّا، ولا تغفل عن الأذكار.

كما ينبغي أن تضع لنفسك أهدافًا في الحياة: أهدافًا آنية، وأهدافًا متوسطة المدى، وأهدافًا بعيدة المدى؛ لأن وجود الأهداف ووضع الآليات التي توصلك إليها؛ أمر طيب يجعل الإنسان يشعر بقيمته الداخلية، مما يحسن من مستوى تفكيره ومشاعره، وكذلك أفعاله.

ثامناً: استخدام المنشّطات الجنسية لا بأس به، لكن الأفضل أن يكون ذلك تحت إشراف طبيب مختص، وعندما تذهب إلى طبيب الذكورة، يمكنك مناقشة هذا الموضوع معه.

تاسعاً: بالنسبة لمُحسِّناتِ المزاج: أنا أرى أن الـ (Faverin = فافيرين) من الأدوية الممتازة، لكن إذا كان الـ (Dapoxetine = دابوكستين) يساعدك أيضًا، فهذا أمرٌ جيد، ويمكنك الاستمرارُ عليه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً