الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي تمتنع عن الالتزام بالحجاب الكامل، فما نصيحتكم؟

السؤال

خطيبتي تمتنع عن تغيير لبسها، وقد تكلمت معها أكثر من مرة، لكنها لا تقبل، وغالباً ما يصل النقاش للتخاصم، فهي تلبس السروال الواسع، وقميصاً يغطي عورتها المغلظة.

أحاول جاهداً نهيها عنه، وهي تقول لي: إني أعرف أن هذا اللبس غير مكتمل، ولا يرضي رب العالمين، لكنني تعودت عليه، وسأغيره في المستقبل عندما يهديني الله لذلك.

علماً بأني اتفقت معها على تغييره شيئاً فشيئاً لحين حفل زواجنا، فنحن لسنا خاطبين فقط بل قمنا بكتب الكتاب، ولم نتزوج بعد، وهي قد غيرت كلامها الآن، مع أنها تتردد هنا وهناك.

عندما أحدثها تقول دائماً إني تعودت على هذا اللباس، وأخواتي يرتدين هذا اللباس، وصديقاتي بالجامعة، وعليك أن تتقبلني كما أنا، ولا تحاول تغيير لباسي.

أريد طريقة لإقناعها دون خصومة، وأن تتقبل الموضوع بكل لين وأريحية، علماً بأنها مؤمنة بالحجاب وشعائر الإسلام.

أنا أعلم بأني مقصر في موضوع اختيار الزوجة ولكني اخترتها لحبي لها، وتقدمت لها من أول حبي لها.

أخاف على نفسي وعليها من حساب الله، مع أني دائماً أنصحها، وأحاول معها، وأخاف على أطفالنا أن يقتدوا بها في المستقبل، فهل أتركها لهذا السبب؟ علماً بأنها يتيمة الأب، فهل أتركها أم أبقى معها؟ وما السبيل لمناصحتها؟

بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لك تواصلك بالموقع، كما نشكر لك اهتمامك بحجاب امرأتك وزوجتك، وإنما قلنا زوجتك لأنك قد كتبت الكتاب فأصبحت زوجةً لك، وإن لم تُزفّ إليك، فقيامك بنُصحها ووعظها وتذكيرها بأهمية الحجاب هو قيامٌ بالواجب الذي كلّفك الله تعالى به في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة)، ولحديث: (الرجل راعٍ في أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته).

نصيحتنا لك: أن تستمر في نُصح زوجتك، كما ننصحك أيضًا بأن تتخذ الأساليب الحسنة التي من شأنها أن تؤدي إلى قبولها بنصحك، وألَّا يكون هذا النصح مجرد أوامر صارمة، فإن هذا يدعوها إلى شيء من العناد، ولكن إذا ذكرت لها تقديرك للمعاناة التي تجدها هي عندما تلتزم بالحجاب الشرعي الكامل، وإدراكك لمدى ثقل الالتزام بذلك، وأن ذلك يحتاج إلى شيءٍ كثير من الصبر والاحتساب، ونحو ذلك من الكلام الذي يُشعرها بأنك تُقدّر معاناتها في مخالفتها للبيئة، والمجتمع الذي من حولها، ومخالفتها لما اعتاده أهلها.

هي بالفعل تجد شيئًا من المعاناة، ولكن إذا وجدت فيك التقدير لهذه المعاناة، والإفصاح عن تقديرك لها وشعورك بها؛ فإن هذا يُخفف عنها هذه المعاناة ويدفعها، ويُشجعها نحو الالتزام بما تطلبه منها.

ثم من الأساليب أيضًا: أن تُهديها الملابس الجميلة الحسنة التي تُحبُّها، والتي تُحقق مقصودك أنت من لبسها للحجاب.

ومن الأساليب النافعة بلا شك: التذكير بالثواب العظيم للمتقين، ولمن يُطيعون الله تعالى ويُطيعون رسوله ويلتزمون بأوامرهما، فذكر عاقبة التقوى وعاقبة الصبر على تنفيذ ما أمر الله تعالى به، والتذكير بالجنة وثواب الطائعين فيها؛ هذا من شأنه أن يغرس في القلب الإيمان، ويُوجد في النفس المحفّز الدافع نحو الالتزام بهذه الشعائر.

ننصحك بأن تُسمعها بشكل غير مقصود الوصف الذي ورد في كتاب الله تعالى وفي سُنَّة رسوله -صلى الله عليه وسلم- عن الجنة وما فيها من الثواب.

ثم من الأسباب أيضًا -أيها الحبيب-: أن تربطها بصداقات مع نساء صالحات طيبات من قريباتك، أو أن تُقيم وتُنشئ علاقات أسرية مع أسر فيها نساء ملتزمات بالحجاب، حتى يسهل عليها هي التأسي والاقتداء بهنَّ، وتشعر بأنها تجد إعانة من الآخرين، وأنها ليست منفردة بهذا التكليف، وهذا من الأسباب التي تُخفف على النفس القيام بما أوجب الله تعالى عليها.

لا ننصحك أبدًا بتركها لمجرد هذا السلوك الذي تسلكه، ما دمت تحبها وترضى منها الصفات الأخرى، ونأمل -إن شاء الله تعالى- أن يوفقك الله تعالى لتغيير سلوكها باتباع هذه الأساليب وأمثالها.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسّر لكم الأمر، وأن يُقدّر لكم الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً