الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أواجه صعوبة في الذهاب إلى المسجد، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أريد أن أستشيركم وتدلوني على الصواب -بإذن الله- في مسألتي.

ذهابي للمسجد يستغرق حوالي 7-8 دقائق مشياً، وأحياناً أذهب بالدراجة في صلاتي الظهر والعصر، وطريقي إلى صلاة المغرب غالباً لا أواجه مشكلات، أما في صلاتي العشاء والفجر، وطريق عودتي من صلاة المغرب، غالباً ما أواجه المشكلات، وهي أنه يوجد طريق مظلم ضيق نوعاً ما، فيه طلوع ونزول، وعلى أحد جانبيه توجد غابة صغيرة، وعلى الجانب الآخر قطعة أرض صغيرة غير معمرة، وتستغرق مدة المشي في هذا الطريق حوالي دقيقتين، والمنطقة عامة يوجد فيها كلاب.

عند ذهابي وعودتي للمسجد -خاصة في الليل- يلزمني أن أقطع هذا الطريق، سواء بالدراجة أو مشياً، وفي كلتا الحالتين لا أدري من أين قد يأتيني الخطر، عن يميني أو شمالي! سواء أكان من الكلاب أم من غيرهم؛ لأنه كما قلت: الطريق مظلم، لا تكاد ترى شخصاً يمشي فيه.

علماً أنني ألازم أذكار الصباح والمساء، خاصة عند ذهابي للمسجد، ولكنني عندما أمرُّ من هذا الطريق أشعر بعدم الأمان، وأحياناً أخاف أن أُصاب بأذى، علماً أنه يوجد مسجد على الجهة المقابلة، لكن نفس المشكلات، بل أسوأ؛ فأنا لا أدري ماذا عليّ أن أفعل، هل أذهب أم لا؟!

أتمنى أن تفيدوني، وتدلوني على الصواب -بعون الله-، فأنا عندما أذهب للمسجد أشعر بعدم الأمان، وعندما لا أذهب لا أشعر بالراحة، وأشعر بالندم على تضييع الصلاة في المسجد.

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيراً على حرصك على أداء الصلاة في المسجد، وعلى التزامك بالأذكار -يا بني-، وإن ما تواجهه من تحديات هو أمر يستحق النظر بعناية، وإليك بعض النصائح التي قد تساعدك على اتخاذ القرار الصحيح -بإذن الله-:

1. استمر في التزامك بالأذكار والدعاء، خاصة دعاء الخروج من المنزل، ودعاء الخوف، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من قال: بسم الله، الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم، ثلاث مرات، لم يضره شيء" (رواه الترمذي).

2. حاول أن تجد شخصًا من جيرانك أو أصدقائك، يذهب معك إلى المسجد؛ فالرفقة في الطريق توفر الأمان، وتشعر بالطمأنينة.

3. إذا كنت تستخدم الدراجة، حاول تثبيت مصباح أمامي قوي، ليضيء الطريق، كما يمكنك حمل مصباح يدوي عند المشي، لتبديد الظلام.

4. إن أمكن، حاول الذهاب إلى المسجد، لأداء صلاة المغرب والعشاء في جماعة؛ بحيث تكون العودة في وقت ما يزال فيه ضوء قليل، مما يقلل من مخاطر الظلام، خاصة صلاة المغرب.

5. حاول الحديث مع جيرانك وسكان الحي حول مشكلات الطريق والأمان، قد يكون هناك إمكانية لتحسين الإضاءة في الطريق، أو اتخاذ إجراءات للحد من وجود الكلاب.

6. في حال عدم إمكانية تغيير الظروف، قد يكون من المناسب أخذ وسائل للدفاع الشخصي، مثل صافرة لإنذار الآخرين، في حال واجهت خطرًا.

إذا كانت المخاطر التي تواجهها حقيقية، وتعرض حياتك أو سلامتك للخطر، فإن الشرع يراعي هذه الأمور، قال الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (البقرة: 286). فإن كان الخطر حقيقيًا ومستمرًا، فإن الصلاة في البيت في هذه الحالات قد تكون مبررة، والله أعلم، ولتحقيق التوازن بين الأمان وأداء الصلاة في المسجد، يمكنك:
- الصلاة في المسجد حينما يكون ذلك آمنًا.
- أداء الصلاة في المنزل في الأوقات التي يكون فيها الخطر شديدًا.
- الحرص على المشاركة في دروس المسجد وأنشطته، لتعويض فضل الصلاة في الجماعة.

بني: استخدم الحكمة في اتخاذ قرارك، واطمئن بأن الله -سبحانه وتعالى- يعرف نيتك وحرصك على أداء الصلاة، وسيتقبل منك -إن شاء الله- سواء صليت في المسجد أو في البيت، إذا كان ذلك لدوافع مبررة.

جزاك الله خيرًا، وبارك فيك، وأسأل الله أن ييسر لك الأمور، ويكتب لك الأجر والثواب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات