الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدم لخطبتي من لا أرضى دينه وسلوكه، فكيف أقنع أهلي برفضه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة متدينة، ولكنني في بيئة ليست كذلك، تقدم لخطبتي شاب، ولكني أرفضه بشدة؛ لعدة أسباب: أني أريده ملتحيًا، وصاحب دين، ولا يحلق رأسه على هيئة القزع. كما أريده عونًا لي، وأن يؤسس معي بيتًا مسلمًا، والشخص الذي تقدم لي غير ذلك؛ فهو كباقي الشباب الذين يهتمون بالمناظر، ولكن أهلي يصرون عليه؛ لأنه يصلي، ويصوم، ومعه مال، وأنا لا أريد أن أخبرهم سبب الرفض؛ لأن ذلك سيولد حربًا بيني وبين أبي.

سؤالي: هل يحق لي أن أرفض هذا الشخص لأنه لا يوافق المواصفات التي أريدها، وأراها مناسبةً لي ولأولادي في المستقبل، وهل يعد رفضه عقوقًا لأبي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إسراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وبعد:

أختنا الكريمة: أمنيتك في الزواج من شاب متدين، خلوق، ملتزم بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- حق خالص لك، ولا يجوز لأحد إجبارك على تغيير تلك الأمنية.

وعليه: فمن حيث الأصل يجوز لك رد الشاب إذا لم يكن متدينًا، أو خلوقًا، بل من حيث الأصل يجوز رده إن كان فيه عيب صارف حتى وإن كان متدينًا، فلا يشترط لوجود الدين والخلق في شخص القبول به؛ فصلاحه، وتدينه، وأخلاقه ليست موجبةً للزواج؛ فقد روى مسلم في صحيحه عن فاطمة بنت قيس: أن أبا عمرو بن حفص طلَّقها البتة، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (فإذا حللتِ فآذنيني)، قالت: فلما حللتُ ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوكٌ لا مال له، أنكحي أسامة بن زيد)، فكرهته، ثم قال: (انكحي أسامة)، فنكحتُه، فجعل الله فيه خيرًا، واغتبطت به. فمعاوية صحابي كبير القدر من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ومع ذلك أمرها النبي ألا تقبل به وأن تتزوج غيره.

وأما بخصوص الوالد فهذا ليس من العقوق؛ إذا صاحب الرفض أسلوب حسن، وتوضيح بأنه لم يعجبك، أو أن الوظيفة لن تجعله مراعيًا لك ولأولاده بحكم شغله، أو أي سبب آخر بعيد عن الحديث إلى ما يثير حفيظة الأهل.

لكن بقيت نقطة نود أن نهمس بها إليك: الزواج يقوم على المجموع لا على الجميع؛ والمعنى أنك لن تستطيعي تحصيل كل ما تريدين في شخص واحد، فإذا وجدت الأصول العامة من الدين والخلق في شخص فإن هذا أهل لأن تفكري فيه جيدًا، سيما وأنت اليوم في مرحلة مناسبة للزواج، ولكن بعد أن يمتد العمر قد يكون خيار اليوم غير متاح في الغد.

وأخيرًا: لا تفعلي أي شيء إلا بعد استخارة واستشارة؛ فإن عقبى الأمرين تكون السلامة -بإذن الله تعالى-.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً