الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطبني رجل طيب ولكنه أقل مني ثقافة، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم

خطيبي أقل مني في الثقافة والعلوم الشرعية، وأدركتُ ذلك بعد فترة من الخطوبة، بحيث لاحظتُ أنه يغضب بسرعة في مواقف لا تستدعي كل هذا التوتر، وأحيانًا في أمور لا تستحق أصلًا.

في المقابل، أنا عكسه تمامًا في هذا الأمر؛ لا أسمح لنفسي بأن أفهم الأمور بشكل خاطئ، وإن حدث ذلك، أستفسر وأمنح الطرف الآخر العذر.

ما يقلقني أيضًا أنه ولأكثر من مرة، أي نحو 4 مرات خلال 7 أشهر من الخطوبة أخبرني بأنه غاضب من والدته ولا يتحدث معها، وفعلاً يأخذ أيامًا حتى يصالحها.

كذلك في الرؤية الشرعية، كان يتعامل معي بطريقة لطيفة، وكأنه يأخذني على قدر عقلي، لكن بعد الخطوبة بدأ يغيّر كلامه، صحيح أنه يحاول إقناعي، لكنني شعرتُ أنني لو أصررتُ على رأيي، سيكون هناك نكد بيننا.

أشعر أنه يتغيّر معي؛ لم يعد يسأل عني بنفس الاهتمام، ولا يظهر نفس المشاعر، رغم أنه يحلف لي أنه يحبني.

في بداية الخطوبة، كنتُ أرى كيف يبذل مجهودًا لإسعادي ويقوم بأشياء جميلة من أجلي، لكن الآن لم يعد كما كان.

هو ملتزم بالصلاة في المسجد، وهذه ميزة جيدة، لكنني أشعر أنها أقصى ما لديه، وليس لديه استعداد للتعلم الديني أو تطوير نفسه أكثر، والفرق بيننا في العمر 3 سنوات.

أفكر في إنهاء الخطوبة، لكنني خائفة أن أظلمه أو أندم لاحقًا، فأرجوكم أفيدوني، هل أنا على حق أم أني مخطئة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة العاقلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحُسن العرض للسؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

نحن لا نؤيد إيقاف هذه العلاقة التي يظهر أن فيها إيجابيات كثيرة، وعليك أن تعلمي -ابنتنا الفاضلة- أننا بشر، النقصُ يُطاردنا، الرجل لن يجد فتاة خالية من النقائص والعيوب، والفتاة لن تجد رجلًا بلا نقائص ولا عيوب، فنحن بشر، وطُوبى لمن تنغمر سيئاته القليلة في بحور حسناته الكثيرة.

عليه أرجو إعطاء نفسك فرصة، ونحن دائمًا نتمنّى أن يكون الشاب والفتاة واقعيين في طلباتهم، فليس من المتصور أن يكون الشاب كما تُريدين مائة بالمائة، ولا العكس، لذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يفركْ مُؤمنٌ مؤمنة، إنْ كَرِهَ منها خُلقًا رضيَ منها آخر)، وقيل: مَن الذي ما ساء قط، ومَن له الحُسنى فقط؟!

بالتالي: أرجو أن تعلمي أولًا أن الرجال لهم شرائط ينبغي أن تتوفر فيهم، أنت تُشيرين إلى أنه يصوم ويُصلي، وهذه هي قاعدة التديُّن الأساسية، وهذا يدلُّ على الاستعداد للترقّي في الناحية الشرعية، وعليك أن تعلمي أن العبرة في الرجل ليست بشهاداته، لكن بحضوره المجتمعي، بأدواره، وبمشاركاته.

عليك أن تُدركي أن اللحظات التي يحصل فيها تقصير أو هبوط قد يكون الرجلُ متأثِّرًا؛ فالرجل يختلفُ عن المرأة، يتأثّر بظروف عمله، بظروف بيته، بظروف الطريق الذي يمشي فيه، هذا كله يترك أثرًا، ولكن سعدنا أنه يعملُ أشياء كثيرة من أجل أن يُرضيك ويُسعدك، وهذه مؤشّر إيجابي.

على كلٍّ نحن لا نُؤيد فكرة إيقاف العلاقة، وعدم إكمال هذه الخطبة بعد هذه الأشهر العديدة، ونفتح أمامك النافذة لنقول: لن تجدي رجلًا بلا نقائص، والرجل أيضًا نقول له: لن تجد امراةً بلا عيوب ولا نقائص، فمساعدتنا لك أن تُكثري من الدعاء، وتركّزي على الأشياء الأساسية، أن تُركّزي على الإيجابيات وتُضخميها، أن تحاولي أيضًا الإصلاح والنصح لكن بطريقة تُناسب، ونحن دائمًا نفضّل أن تقول الزوجة لزوجها (أو الخطيب لخطيبته): "العالِم الفلاني قال كذا"، حتى لا يشعر أنها تُعلّمه وأنها تُعدّل عليه، إلى نحو ذلك من الأمور.

على كل حال: أنت في مقام بناتنا، ونحن نتمنّى أن تُكملي هذا المشوار، ونحب أن ننبّهك أن مثل هذه الأمور أكثر من عادية، فلا تُعطي الأمور أكبر من حجمها، ونسأل الله أن يجمع بينكم في الخير وعلى الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً