الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد فشل خطبتي لم يتقدم أحد للزواج بي، فهل السحر هو السبب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تقدم لي شخص لم يكن من نصيبي، وحزينة لأنه لم يتقدم لي غيره، علمًا أني لم أحزن سابقًا بسبب موضوع الزواج.

والدتي سألت شيخًا وقال لها: لن يتقدم لها أحد، هل يمكن أن يجزم أحدهم بأمر معين كهذا؟ لم أفكر في الحسد أو السحر، ولكن والدتي قالت: ربما يكون بسببه، ماذا يجب أن أفعل؟ لا أريد التفكير في موضوع السحر، فأنا أكتفي بالدعاء، فهل يمكنني فعل شيء آخر؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ يارا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -أختنا- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وبعد:

فلا يمكن لأحد أن يعلم الغيب، وما قاله هذا الرجل لا صحة له ولا دليل عليه، ثم كيف له أن يحسم هكذا، أو يحكم هذا الحكم؟ أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْب؟!

إن معرفة الزواج من عدمه، أو التقدم للخطبة من عدمه، كل هذا بيد الله وحده، لا سبيل لأحد مهما عظم شأنه اليوم أن يفصل فيه، قال الله: {إنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، وعليه فلا عبرة بكلام من تكلم، ولا ثقة في حديثه، ولا ينبغي أن يشغلك مجرد التفكير فيه.

أما مسألة الزواج، فاعلمي -بارك الله فيك- أن الله كتب لك زوجك قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة -كما في الحديث الصحيح- قال -صلى الله عليه وسلم-: (أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء).

ففي الوقت الذي لم تكن السماوات والأرض قد وجدت، بل بينهما خمسون ألف سنة، كتب الله لك وعليك كل شيء، فإذا ما آمنت بذلك واقتنعت تمامًا به، علمت قطعًا أن خوفك وقلقك ليس في محله؛ فقد رفعت الأقلام وجفت الصحف، ولم يبق إلا ما كتبه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

وما كتبه الله لك -أختنا- هو الخير لا محالة، والحديث هذا يطمئنك، ويسكن فؤادك، ويهدئ روعك؛ لأن ما قدره الله خير مما أردتِه لنفسك، وقد علمنا القرآن أن العبد قد يتمنى الشر وهو لا يدري أن فيه هلكته، وقد يعترض على الخير ولا يعلم أن فيه نجاته، قال تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم}، فكوني علي يقين بأن اختيار الله لك هو الأفضل دائمًا، وهنا سيطمئن قلبك ويستريح.

أما مسألة السحر والحسد والعين، فنقول لك: من واقع تجارب كثيرة: إن الناس ضخموا هذا الأمر أكثر من حجمه، حتى إن بعضهم صار لا يتحرك إلا بالسؤال عن علة ما حدث له، وهل يكون سحرًا أو حسدًا أو عينًا، وكل هذا من تلبيس الشيطان عليه.

لذا لا ننصحك بالسير خلف تلك الأوهام، وعليك بالمحافظة على الأذكار فهي الحصن الحصين لك من أي سحر أو حسد أو عين -إن وجد-، لذا نوصيك بما يلي:

1- المحافظة على صلاتك وطاعتك لله، والابتعاد عن المعاصي.
2- المحافظة على أذكار الصباح والمساء والنوم.
3- قراءة سورة البقرة كل ليلة في البيت، أو الاستماع إليها.
4- التعرف على بعض الأخوات الصالحات؛ فإن هذا معين لك على الطاعة.

وأخيرًا: الدعاء لله -عز وجل- أن يرزقك الخير، وأن يرضيك به، واطمئني بعد ذلك تمامًا ولا تنشغلي بأي أحاديث أو تخيلات أو جهالات يقول بها كثير من المدعين.

نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً