الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي وسواس يدفعني للبحث حول الأمراض، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب مغترب بأمريكا، وبعمر 27 سنة، ومؤمن -الحمد لله- وأصلي، وإن كانت صلاة سريعة ولست راضياً عن ذلك، وأصوم وأخاف الله، ولا أقوم بالمحرمات نهائياً، ومؤخراً شعرت بحبة تحت الجلد، في العنق تتحرك حين أضغط عليها.

زرت طبيباً، وقال هذا شيء يسير، وأعطاني مضاداً حيوياً، لكن بعد أيام لم يتغير شيء، ورجعت لطبيب آخر، وفحصها بيده، وقال: هذا شيء يسير، وبقيت غير مطمئن، وقلقاً.

ذهبت بعدها لطبيب آخر، وفحصها بيده فقط، وقال هذا اسمه epidermal cyst، وغير ضار، ويمكن إزالته جراحياً إذا أردت.

الوساوس لم تذهب، خاصة أنهم لم يجروا أي فحوصات مخبرية، وبقيت مصاباً بالقلق والتوتر حتى أصبت بفقدان الشهية، والوساوس تلعب بي، حتى ظهر ذلك واضحاً على وجهي.

لأكون صريحاً، أنا شخص قلق جداً من الأمراض، وأخاف منها، ومدمن على البحث على النت عن الأعراض.

أرجو إجابة شافية، بارك الله فيكم وحفظكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، ونحن سعداء جدًّا برسالتك هذه، ونسأل الله تعالى أن يزيدك ويزيدنا من فضله.

طبعًا محافظتك على الصلاة أمرٌ عظيم، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم يُعلِّمنا بقوله: (صلُّوا كما رأيتموني أُصلّي)، فيا أخي الكريم: احرص على أن تكون مُجيدًا لصلاتك، ارتق بصلاتك، حفظك الله ورعاك، وهذا ممكن جدًّا، واجعل لنفسك ورداً قرآنياً يومياً أيضًا.

أخي: بالنسبة لموضوع الحبة التي تحسستها تحت الجلد؛ هذا فعلًا من الأشياء الموجودة لدى كثير من الناس، هذا (epidermal cyst) الذي ذكره الطبيب هو أحد التشخيصات، وأنا اعتقدت أيضًا أنها ربما تكون غدة لمفاوية متحجّرة، وهذه تعتبر ليست بحالة مرضية أيًّا كانت، لكنّ الطبيب أحسن وذكر لك التشخيص، وطبعًا إزالتها جراحيًا يسير جدًّا، وإن تركتها فليس فيها إشكال، وسيفيدك -إن شاء الله- الأخ الدكتور سالم الهرموزي في هذا المجال بصورة أفضل.

عمومًا أنت كما تفضلت بأنه لديك الميول القلقي والتوتري، وهذا طبعًا يجلب الكثير من الوسوسة والمخاوف للإنسان، خاصة حينما يكون الأمر يتعلق بصحة الإنسان.

أخي الكريم: توكل على الله، والله خيرٌ حافظًا، وعليك أن تعيش حياةً صحية، ونمط الحياة الصحية يتطلب:
- تجنب السهر، وتجنب النوم بالنهار والنوم الليلي المبكّر.
- ممارسة الرياضة ولو بمعدل ثلاث مرات في الأسبوع.
- التغذية السليمة والترتيب الغذائي المنظم.
- حُسن إدارة الوقت.
- التواصل الاجتماعي والقيام بالواجبات الاجتماعية.
- الحرص على العبادات، خاصة الصلاة على وقتها.
- القراءة والاطلاع في كتب ثقافية وعلمية.
- أن يكون للإنسان أهداف مستقبلية، ويضع الآليات التي توصله إلى أهدافه، وأن يسعى الإنسان نحو التطور.

هذه -يا أخي- كلها أشياء تحت الإرادة الإنسانية، وهي في متناول اليد، فارتق بنفسك إلى هذا المستوى من التفكير الذي ذكرتُه لك، وبهذه الكيفية تكون قد وجّهت القلق والوسوسة والخوف إلى المسار الصحيح، وسينتهي تمامًا احتقان القلق أو الخوف أو الوسوسة، ومن طاقاتٍ نفسيّة تتحوّل إلى طاقاتٍ إيجابية نافعة، إن شاء الله تعالى.

أخي: أريد أن أصف لك دواءً بسيطًا جدًّا، يُساعدك في علاج هذه المخاوف، الدواء يُسمّى علميًا (سيرترالين) وهو من الأدوية الجميلة، ويُسمّى تجاريًا (زولفت) وهو دواء معروف جدًّا في أمريكا، يمكنك أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة -أي خمسة وعشرين مليجرامًا، من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجرامًا- تناولها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة يوميًا -أي خمسين مليجرامًا- واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، وهذه جرعة بسيطة جدًّا، حيث إن الجرعة الكلية هي مائتا مليجرام، أي أربع حباتٍ، لكنك لا تحتاج لها، وأيضًا مدة الثلاثة أشهر كمدة علاجية هي مدة قصيرة.

بعد انقضاء الثلاثة أشهر خفض الجرعة واجعلها نصف حبة -أي خمسة وعشرين مليجرامًا- يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة عشرة أيام أخرى، ثم توقف عن تناول الدواء.

أخي الكريم: هذا هو الذي أودُّ أن أنصحك به، وبالنسبة للإخوة من شاكلتك، والذين لديهم بعض المخاوف المرضية؛ ننصحهم بأن تكون لهم فحوصات ومراجعات دوريّة مع طبيب الأسرة (مثلًا) أو طبيب الباطنة، أو أي طبيب تثق فيه، وسيكون مرة واحدة كل أربعة أشهر، أي ثلاث مرات في السنة، ومرة واحدة في السنة لطبيب الأسنان، هذه -يا أخي- دائمًا تعطي -إن شاء الله- الشعور بالطمأنينة.

إن كان بالإمكان أن تقوم بذلك فهذا أمرٌ حسن، وإن لم يكن ممكنًا فإن شاء الله تعالى لن يُصيبك مكروه،، ولن يُصيبنا إلَّا ما كتب الله لنا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
________________________________________
اتهت إجابة د. محمد عبد العليم...استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة د. سالم الهرموزي...استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية.
________________________________________

الأخ الكريم: ما تصفه بالإمكان أن يكون كيساً دهنياً، (epidermal cyst) كما أخبرك الطبيب، أو أن يكون غدة لمفاوية حميدة، لا تستدعي القلق، وفي الحالتين لا بد من الفحص المباشر لدى طبيب الأمراض الجلدية المعروف، وعلاج الكيس الدهني فقط إزالته بجراحة بسيطة، بمخدر موضعي.

يحفظك الله من كل سوء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً