الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ندمت على علاقتي بهذا الشاب الذي لا أستطيع الاجتماع به!

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة بعمر 25 سنة، ملتزمة بالدين واللباس الشرعي، والجميع يشهد بأخلاقي، لكن منذ 7 أشهر دخلت بعلاقة مع شاب، وأحببنا بعضنا كثيراً، وهو جيد معي، واحترمني وتقبل الحديث معي، حتى دون أن يرى وجهي أو يسمع صوتي.

قلت له إن هذه مبادئي، وقال: أنا أحترم أي شيء منكِ، وحاول القدوم لبلدي، ولكن ظروفه منعت لقاءنا، فهو مقيم بدولة أخرى، وجنسيته بسبب الحرب لا تسمح له بدخول بلدي، وعليه أن يذهب لأوروبا حتى يستطيع أن يأتي، وعندما تقدم شاب آخر أخبرت أمي وأبي عن الشاب الأول؛ فرفضوه تماماً لظروفه الصعبة، وإقامة أهله بدولة فيها حرب؛ لهذا لن يستطيعوا القدوم إلينا، وهذا سبب آخر لرفضهم.

وجدت بالشاب كل شيء جميلاً، وتقبلته بكل ظروفه، ورفض أهلي هو ما يمنع زواجنا، وقلبي يعتصر ألماً، وأشعر أني لن أستطيع الزواج أو تقبل شخص آخر.

حالياً حاولنا الانفصال، لكن لم نستطع، ولم نستطع إيجاد حلول، والمؤلم هو الفراق بحب، وليس بكُره، وأخاف أن أبقى أتذكره أو أتزوج شخصاً آخر، ويبقى في ذاكرتي.

أنا ندمت ندماً شديداً أني دخلت بهذه العلاقة، ولكن كانت صدفة، وكان بداية حديثنا عن الكتب وأمور مشابهة، وتطورت علاقتنا، وهذا سبب خوفي أيضاً لأن كل شيء يذكرني به.

أنا كنت أستخير دائماً، إن كان فيه خير أن يعجل الله بلقائنا، وإن كان فيه شرٌ أن يصرفه عني، ولكن إذا لم يكن من نصيبي لماذا جمعتنا الصدفة وهو بعيد عني؟

أنا أتألم لأني كنت حريصة دائماً من هذه العلاقات لهذا السبب، ووقعت به الآن، فماذا أفعل؟ لا أستطيع الابتعاد عنه، وكيف أستطيع تخطيه؟

التزمت بالقرآن والدعاء والذكر، ولكني أشعر بحزن واكتئاب شديد، وتخطر ببالي فكرة الانتحار، وأخاف أن أتجرأ على ذلك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحُسن العرض للسؤال، ونُحذّرُك من الذهاب إلى فكرة الانتحار؛ فإن ذلك ممَّا يجلب الغضب من الله، وخسارة الدنيا والآخرة، ونسأل الله أن يجعلنا وإيَّاكِ ممَّن إذا أُعطي شكر، وإذا ابتُلي صبر، وإذا أذنب استغفر.

اعلمي أن العلاقة المذكورة تمدّدت في الخفاء، وتمدّدت دون أن يكون لها غطاء شرعي، وممَّا يُخطئ فيه الشباب والفتيات أنهم لا يُشاركون أفراد الأسرة من البداية، ولذلك إذا تعمقت المشاعر وامتدت العواطف وجاء الرفض بعد ذلك كانت المشكلات، وهذا ما حصل معك ومع الشاب.

إذا كان الأمر كما أشرتِ بأنه في بلادهم حرب، ومجيئه من الصعب، فهذه ظروف معتبرة، ودائمًا فائدة مشاورة الأهل من البداية -سواء كان بالنسبة للشاب أو بالنسبة للفتاة- يُعينُ في مثل هذه الأمور؛ لأن تقدير هذه الأمور من الأهمية بمكان، لا بد في هذا الزمان من مراعاة الظروف عندما يكون الزوج من بلدٍ والزوجة من بلدٍ أخرى، لأن هنالك موانع، ولأن هناك فتناً وحواجز، هناك صعوبات في التواصل، وسيعيش الأبناء بلا أخوال وبلا أعمام أحيانًا، وهذا من الأمور التي ينبغي أن ننتبه لها.

ولذلك الصواب دائمًا إذا شعرت الفتاة أن شابًّا يميل إليها وبدأ يُكلِّمها؛ عليها أن تُطالبه أن يتواصل مع محارمها، والرجالُ أعرفُ بالرجال، والشريعةُ ما جعلت الوليّ إلَّا لأن الرجل يُقدِّمُ عقله، ولا يُقدِّمُ العواطف كشأن الأنثى، وهذا ليس نقصًا في الأنثى، ولكن هذا لا يُناسب مهمتها ورسالتها، ولذلك المرأة ينبغي أن تعرض أمر زواجها على أوليائها، وأوّل ما يقوم به الأولياء هو أن يسألوا عن الشاب، ثم يتأكدوا من إمكانية إكمال الزواج، وهذا من الشروط المهمّة.

وعليه أرجو طي تلك الصفحات، وأشعر أنكم بدأتُم؛ لذلك نحن نوقن أن هناك ألماً عندك وعند الشاب، لكن الأخطر والأكبر وربما الأقرب للوقوع في الخطأ هو الذنب والتمادي في علاقة ليس لها غطاء شرعي، في علاقة ليس أمامها أُفقٌ لتكتمل، لتكون زواجًا وذُريّة.

ولذلك نتمنَّى طي تلك الصفحات، والإقبال على هذا الذي جاء لداركم من الباب وقابل أهلك الأحباب، واجتهدي في التخلص من كل ما يُذكّرك بالشاب الأول الذي يصعب عليه أن يحضر، ويصعب على أهله أن يُشاركوا في زواجكم أو فرحكم، وعليك أن تبدئي بالتخلص من أرقام التواصل، ومن الذكريات الموجودة، واعلمي أن إقبالك على الخاطب الجديد ممَّا يُعينك على تجاوز ذكريات الماضي.

نسأل الله أن يُعينك على الخير، وسعدنا أنك أقبلت على كتاب الله والدعاء والذّكر، وهذه الأحزان ستزول، وإذا ذكّرك الشيطان بما كان فتعوّذي بالله من شرِّه، وعاملي عدوّنا الشيطان بنقيض قصده، ونسأل الله أن يجلب لك السعادة والاستقرار، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً