الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يعتريني ما يعتري الناس من الفتور.. فهل من شيء يقويني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قد يبدو سؤالي غريباً، ولكن لا أعرف كيف أطرحه!

عندما أرى شراً أو كرباً يصيب المسلمين أصاب بغيرة وحزن شديد جداً على أهلي -أهل الإسلام-؛ وبسببه أشعر أنه اشتد إيماني وازداد خشوعي، ولكن كلما ابتعدت عن الأمر وتعافى بأن خشوعي قد قل، وأني اقتربت من أمور الدنيا أكثر!

أشعر بخوف شديد جداً يتملكني؛ لأنني سريعة التقلب، ولا أدري كيف أحافظ على خشوعي وخوفي من مقام الله، وتأدية فرائض الله على أكمل وجه؟!

في حالة خشوعي لا أقصد فقط الالتزام بالفرائض؛ فأنا ملتزمة -والحمد لله- ولو أطلت في تأدية الفرائض والواجبات على أوقاتها، بل أقصد بأنني لم أعد أهتم لأمور الدنيا، فمن يخطئ بحقي ليس فقط أسامحه، بل لا أحزن ولا أغضب منه، بل أدعو له؛ لأنني أراه معلقاً قلبه بالدنيا، أما ما في قلبي فشيء آخر، والكثير من الأمور على هذا المستوى.

أشعر بخوف حقيقي من تقلب حالي؛ فهل من شيء يثبتني؟

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيرين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدًى وصلاحًا واستقامةً، ونهنئك بما مَنَّ الله تعالى به عليك من نعمة الخشوع وصلاح الحال، وإن كان ذلك يتعرَّضُ لحالات نقصٍ؛ فإن هذا أمرٌ طبيعيٌ يجري وفق مقتضى طبيعة ابن آدم، فإن الإنسان تمرُّ به حالات يختلف فيها حالُه، ويتغيّر فيها قلبُه، وهكذا خلقه الله تعالى، وقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه الطبراني وصححه الألباني وغيرُه: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ ‌خُلِقَ ‌مُفَتَّنًا ‌تَوَّابًا نَسَّاءً، إِذَا ذُكِّرَ ذَكَرَ».

فهذه هي طبيعة الإنسان المؤمن، يتعرّض لحالاتٍ مختلفة، حالات افتتان واشتغال بهذه الدنيا، وحالات توبة ورجوعٍ إلى الله تعالى، وحالات نسيان، وحالات ذِكر، وقد وصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - أيضًا قلب المؤمن بقوله: «إِنَّمَا سُمِّيَ الْقَلْبُ مِنْ تَقَلُّبِهِ، ‌إِنَّمَا ‌مَثَلُ ‌الْقَلْبِ كَمَثَلِ رِيشَةٍ مُعَلَّقَةٍ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ، يُقَلِّبُهَا الرِّيحُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ». رواه الطبراني أيضًا وصححه الألباني.

والشاعر يقول:
وما سُمّيَ الإنسانُ إلّا لنسيّه *** ولا القلبُ إلّا أنّه يتقلّبُ.

وقد عبّر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذا المعنى في حديث آخر فقال في الحديث الذي رواه مسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ ‌لَوْ ‌تَدُومُونَ ‌عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي، وَفِي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ، وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ».

فلا ينبغي أن تكون هذه التغيرات التي تعترضك وتُصيبك سببًا للإحباط أو اليأس، بل ينبغي أن تُدركي بأن هذه طبيعة إنسانية، وعليك أن تأخذي بالأسباب التي تُذكّرُك بالله -سبحانه وتعالى-، وتزيد من إقبالك على طاعته وعبادته، ومن أهم ذلك: الصحبة الصالحة والرفقة الطيبة، والإكثار من ذكر الله تعالى بقدر الاستطاعة، والإكثار من الاستغفار والتوبة.

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً