الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحب أمي ولكني لا أستطيع إظهار حبي لها، فماذا أفعل؟

السؤال

أنا بعمر 26 سنة، مشاكلي مع والدتي دمرت نفسيتي، فلسنا متفاهمين أبداً، أنا أحبها وأحب التراب الذي تمشي عليه، لكن لا أعرف كيف أظهر حبها؟ فأنا معها غير متعودة على إظهار حبي لها، وهي لم تحتضني قط، ولكنها تحبني، وأنا حاولت كثيراً لأغير من نفسي تجاهها وفشلت.

فهل أنا بهذا ابنة عاقة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب.

مرحلة التفاهم بين الأبناء ووالديهم مرحلة تتجاوز الحب إلى التناغم، والاتفاق حول كثير من القضايا، وبما أن هناك تفاوتاً في الأعمار، والاهتمامات والطموح، والأهداف، فمن الطبيعي أن يكون هناك عدم تفاهم في جوانب كثيرة، فالشخص الناضج وصاحب التجارب الحياتية الكثيرة -كالوالدين- لهم رؤيتهم الخاصة المليئة بالتجارب، والحذر والخبرة، والأبناء لهم توجهاتهم المليئة بالمغامرة، وحب الاكتشاف، والرغبة في التجربة، وهكذا.

لذلك من الصعب جداً أن يكون هناك تفاهم كامل بين الأبناء والآباء، فكل طرف يعرف مميزات وخصوصيات الطرف الآخر، لذلك يوجد الحب بينك وبين والدتك، لكنك في نفس الوقت لا تقدرين على التعبير عنه بالحنان والاهتمام، ربما قد يكون ردة فعل لعدم تعودك فعلاً على سلوكيات التعبير عن الحب بين الأبناء والآباء، كالاحتضان، والثناء والشكر، والتشجيع...إلخ.

هذه الأساليب يتربى عليها الأبناء منذ الصغر، فيغرس فيهم الامتنان والتقدير للآخرين، ولكن هذا لا يعني أن تستسلمي لمشاعرك السلبية تجاه أمك، بل ينبغي أن تجتهدي في إصلاح هذا الخلل بكل الوسائل، ومن أهم الطرق لذلك:

أولاً: جلسات الحوار والتفاهم بين الأم وابنتها، والتعبير عن ما في القلب من مشاعر وحب، وهذا يحرك مشاعر المودة بين الطرفين ويخرجها للعلن، فبقاء المشاعر مكبوتة يجعل الشخص يستسلم للهواجس النفسية السلبية، ويفسر بعض المواقف الظاهرة تفسيرات قائمة على الظاهر الذي قد لا يعبر عن الباطن، فقد تكون بعض التصرفات ظاهرها عدم الحب، ولكن الحقيقة أن القلب مليء بالحب والامتنان والتقدير.

ثانياً: كسر مشاعر الجمود بالهدية والمدح والابتسامة، ومحاولة اكتشاف الطرف الآخر والتقرب إليه، إما بالسفر سوياً أو العمل والخروج معاً، أو محاولة التعاون في بعض الاهتمامات المشتركة وهكذا.

ثالثاً: قد تكون شخصية والدتك شخصية صامتة، لا تظهر المودة أو الحب، لكن يمكن اكتشاف ذلك في الأحداث والنوازل التي قد يصاب بها الأبناء، وعلاج هذا الأمر يحتاج إلى التماس العذر أولاً، فقد تكون الأم ضحية واقع صعب، وتنشئة لم تتعلم فيها كيف تعبر عن حبها حتى لأقرب الناس إليها، ولا التعبير عن الحب والتقدير بشكل عملي.

أختي الفاضلة: أنت بنفسك تعترفين أن أمك تحبك وأنت تحبينها، والحنان يتولد من المواقف، وتبادل ما يدل على هذا الحب، وعدم الاستسلام لمجرد الأوهام، أو تضخيم بعض المواقف، وجعلها تقييماً لشخصية إنسان، الأصل فيه أن يكون أحنّ وألطف كائن تجاهك.

إن عدم الشعور بالحنان تجاه الأم قد يوقعك في العقوق بلا شك، وذلك من خلال عدم الإحسان إليها، أو التخفيف من معاناة قد تقع فيها، أو الاهتمام بها، أو الجفاء في التعامل، وكل هذا من العقوق، لذلك عليك أن تبادري إلى علاج هذا الأمر، والاستعانة بالله تعالى، والتضرع إليه أن يُذهب ما في قلبك، فبر الوالدين من أعظم القربات إلى الله تعالى، وباب للتوفيق في الحياة والسعادة في الدنيا والآخرة.

وفقك الله ويسر أمرك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً