السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة في التاسعة عشرة من عمري، وبفضل الله وتوفيقه أتممت حفظ كتاب الله تعالى كاملاً، وأعيش الآن مرحلة المراجعة والعرض القرآني.
أمتلك طموحًا كبيرًا، وأسعى دومًا لتطوير ذاتي، واستثمار وقتي فيما ينفعني، فأنا لا أحتمل الشعور بالفراغ أو الملل؛ لذلك أحرص على المشاركة في المسابقات، والبرامج التدريبية، والدورات الإلكترونية، وغيرها من الأنشطة التي تُغذي طموحي، وتُشحذ من همّتي، وتَدفعني للمضي قُدمًا بثبات وعزيمة.
لكن هنا تبدأ المشكلة الحقيقية، وهي مشكلة التسويف وعدم الإنجاز؛ إذ أبدأ غالبًا بحماس كبير، وأُقبل على المهام بقوة وانضباط، لكن ما إن تمضي أيام قليلة حتى يتغير حالي فجأة، فأشعر بالضيق والملل، وقد يتفاقم الأمر حتى أصل إلى حالة من الحزن، والنفور من كل شيء، بل أحيانًا يصل بي الحال إلى كراهية المحيطين بي، حتى أفراد عائلتي!
والمحير في الأمر أن هذه المشاعر لا تسبقها مقدمات واضحة، بل أكون في حالة جيدة، وكل شيء يسير على ما يرام، دون ما يعكر صفوي أو يبرر هذا الانقلاب المفاجئ في المزاج.
كثيرًا ما أشعر بأن شيئًا ما يشدّني إلى التراجع، كأن قوة خفية تسحبني بعيدًا عمّا بدأتُه بحماس، حتى أكاد أعجز عن فهم تصرفاتي أو تفسير ما أمرّ به، ويتراجع أدائي، وتخبو همّتي، وأفقد الحافز والعزيمة، بل حتى الهدف الذي يدفعني للاستمرار يصبح باهتًا أو معدومًا.
وهذه الحالة تتكرر في كل تجربة أو مهمة أبدأ بها؛ أنطلق بقوة في البداية، ثم أستمر بوتيرة جيدة، لكن سرعان ما أتراجع تدريجيًا، إما بالانسحاب التام، أو بالوصول إلى نتيجة مخيّبة، وهذا التكرار المستمر يصيبني بالإحباط، ويُشعرني بالحزن، فأحاول من جديد، لكنني أعود لأقع في الدائرة ذاتها.
وأنا الآن في مرحلة العرض، وأدرك تمامًا حاجتي إلى الهمة والثبات في ممارسة رياضة اللسان، ومراجعة القرآن الكريم، ولكن يخيفني احتمال التراجع والتأخر عن المسار المطلوب، وبدأت أشعر بانزعاج وضيقة من المقرأة والقرآن، وقلت تدريباتي على رياضة اللسان؛ مما أثر سلبًا على مزاجي وصفاء تفكيري.
فأرجو منكم نصحًا وفيرًا، كيف أستطيع الخروج من هذه الحالة؟ وكيف أحقق الإنجاز وأواصل السير في الطريق الصحيح حتى في أوقات الضعف والضيق؟ كم من المذكرات والتخطيطات والجداول التي أعددتها لم تثمر عن نتائج بسبب هذه المعاناة المتكررة!
بارك الله فيكم ووفقكم.