الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أطور نفسي وأبتعد عن رفقة السوء وأستفيد في حياتي؟

السؤال

السلام عليكم

لدي صديقان منذ الطفولة، وأكملنا حياتنا مع بعض إلى أن وصلنا للمرحلة الثانوية، وتعرفنا على أصدقاء جدد، وكانوا يمزحون مع بعضهم البعض، وما كانوا يمزحون معي بنفس المزاح، لأني كنت أغضب، وأقنعوني أن هذا مزاح ولا يدعو للغضب، واقتنعت، وفتحت لهم قلبي، وصرت أخبرهم بكل أسراري، بحكم أننا أصدقاء مقربون، وأنا إنسان طيب عفوي في تصرفاتي، وأقول كل شيء يأتي على بالي.

بالنسبة لهم فهم استمروا يمزحون، وأنا أمزح ونضحك مع بعض، ولكن عندما أنا أمزح لا أحد يضحك، واستمررت أقول: طبيعي لأنهم أصدقائي، وبدأت أستوعب أنهم يصاحبوني فقط لأجل أن يمزحوا علي أنا فقط، وهم مع بعضهم لا يمزحون مثل ما يمزحون معي.

أنا لا أحب أن أغضب على أحد، كنت دائماً أوافق إلى أن طفح الكيل، ورأيت تصرفاتهم معي، فانتهى بي الأمر إلى الحذر منهم، وأنا كنت أظن أنهم أصدقائي والأمر طبيعي، ولكن حدث غير ذلك، واكتشفت أنهم يستغلوني كي يضحكوا عليّ.

عندما يذهبون في نزهة لا يكلمونني، وظننت أن العيب مني فحاولت أن أعدل من نفسي، ولكن لا أمل، وفعلت كل شيء أقدر عليه، ولكن لا مجال.

أود أن أبتعد عنهم، وعندما أقول ذلك يكلموني وأنسى، ونتكلم، وهم يواصلون في الذي يفعلونه، وأنا أخذت قراراً أني أبتعد عنهم، حتى أنتبه لدراستي وحياتي، وأطور من نفسي، ماذا عليّ أن أفعل؟ أصبحت لا أصدق أي أحد يقول لي: أحبك، كسرت قلوب أناس كثر، لأني لا أصدق، ماذا علي أن أفعل؟ أريد التخلص من كل هذا، وأمشي في الطريق المستقيم.

ملاحظة: أنا لست ملتزماً، وعلاقتي ضعيفة جداً مع ربي، ماذا علي أن أفعل؟ أريد الحل كي أبتعد عنهم، وأطور من نفسي، وأنتبه لحياتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به، وبعد:

نتفهم حديثك جيدًا، ونعلم المعاناة التي تعيشها، خاصة في مثل هذا السن الذي تغلب فيها العواطف على حساب العقل، وتغيب فيها دراسة ما يغضب الصديق وما لا يغضبه، فلك الحق فيما ذهبت إليه من غضب، لكنك أخطأت في ثلاثة أمور:

الأول: حين لم تحتفظ بأسرارك الخاصة، فإن الصديق مهما كان صديقًا ينبغي أن يكون له سقف، وأسرارك الخاصة لا يجب أن يطلع عليها أحد، بل ما كان منها يحتاج إلى توبة فليكن بينك وبين الله عز وجل، ولا تدخل أصحابك في ذلك.

الثاني: أنك تماهيت معهم في الخطأ، ولم تفرق بين المزاح المقبول وغير المقبول، ولم يكن لك موقف جاد من غير المقبول، فتجرأ عليك البعض، لا بسوء قصد، ولكنها طبيعة تلك الفترة من العمر.

الثالث: حين أردت المعالجة قررت الابتعاد التام عنهم، وهذا أمر متعذر؛ لأنه أشعرك بالوحدة، وكان يجب أن تكون المعالجة بصورة أكثر حكمة، وهذا ما سنخبرك إياه في العناصر التالية:

1- الاعتدال والقصد أوفق الطرق في المحافظة على النفسية العامة، وفي التعامل مع الأصحاب، فلا يجب عليك الابتعاد نهائياً، كما لا ينبغي الانخراط والذوبان، بل عليك الاعتدال في المقابلات، على أن تكون مجدولة في الوقت الذي لا يكون عندك شيء مهم، ولا يكون طويلاً.

2- بالتوازي مع الاعتدال، يجب أن تدخل أصحاباً آخرين، ولكن من نوعية مختلفة، اجتهد في أن تتعرف على شباب صالحين، وستجدهم حولك، فالخير لا ينقطع، وإذا لم تجدهم حولك، فاذهب إلى المساجد، وحلق تحفيظ القرآن، وحتمًا ستجد من تلك الجموع من يحسن أن تصاحبه.

3- اجعل لك جدولاً ممنهجًا في دراستك، لا تسمح لكائن من كان أن يشغلك عنه، فإنك اليوم في الثانوية، وكلها أعوام قليلة وستكون طالبًا جامعيًا وبعدها متخرجًا، وساعتها يرفعك علمك بين أقرانك، وستجد من كنت متعطشًا للقائه، هو من يسعى إلى مقابلتك وبصورة مختلفة تمامًا.

4- احرص على ورد من الصلاة، والأذكار، فإن هذا حصن المسلم.

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً