الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معجبة بشخص وأريد التواصل معه لكني أخشى أنه مرتبط!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كلما أعجبت بشاب، أتفاجأ بأنه إما مرتبط، أو على وشك الزواج، حاليًا هناك شخص أنا معجبة به، لكنني خائفة أن أتعلق به، كان معي في فصل دراسي، شخص محترم، مثقف، ومتعلم.

كل البنات اللاتي معي في الفصل الدراسي يركضن وراءه فعلاً، وأنا لم أتحدث معه إطلاقًا، لكن عندما أراهن يتحدثن معه، أشعر بالغيرة، أتمنى أن يكون من نصيبي، لسبب واحد؛ لأنه يُشبه والدي في كل شيء، عنده حكمة، ويفهم، ومتعلم، وشخصيته قوية، وقد تخرج عام 2025، وأنا ما زلت في السنة الثانية من المعهد.

طلبت منه طلبًا واحدًا فقط: أن يُدخلني في قروب الدبلوم الخاصة بالتخاطب، تراودني أفكار أن أراسله على الواتساب، لكنني أُقاوم نفسي بصعوبة.

لدي رقمه على الواتس، وأتابع صفحته على الفيسبوك، وهو صديق عندي، ويرى حالات الواتس الخاصة بي، أتمنى أن يكون من نصيبي فعلاً، لكنني خائفة أن أُقدم على خطوة مثل مراسلته، فأفضل أن أترك الأمر لله.

هو يرد على أي شخص يتحدث معه؛ لأنه مدرب لغة الإشارة للصم، ويدرب الكثير من الشباب والبنات، ويسافر إلى عدة دول.

أُعجبت بشخصيته، رغم أنه ما زال صغيرًا، لكنه حقق الكثير -ما شاء الله عليه-، أنا فقط أريد من يفسر لي ما أشعر به؛ لأنني خائفة أن أتعلق بشخص قد لا يكون من نصيبي، وأعلم أنني ما زلت صغيرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شهد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أختنا السائلة: نسأل الله لك الهداية والتوفيق، ونوصيك بتقوى الله تعالى فهي خير ما يدخره العبد للقاء ربه تبارك وتعالى.

أولاً: أنت قلتِ بنفسكِ لا أريد التعلق بشخصٍ ليس من نصيبي، وتعلمين أنكِ صغيرةٌ في السن، فَلِمَ الحيرة إذن؟ أغلقي على نفسكِ هذا الباب، ولا تفتحي ثغرةً يمكن أن يدخل الشيطان منها، واعلمي أنَّ الحبَّ الحقيقي لا يكون إلا في إطاره الشرعي الرسمي وهو الزواج.

ثانيًا: إنَّ تفكيرك بهذه الطريقة في الرجال مِن حولك لا يصح، ولا يليق بفتاةٍ مسلمة تتقي ربها تبارك وتعالى، يقول سبحانه: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ منْهَا﴾[النور31]، من أجل ذلك جاهدِي نفسكِ في هذا الباب، ولا تنساقي مع هذا التفكير؛ لأنه باب فتنةٍ عظيمٌ، واجتهدي في إزالة هذا التعلُّق مِنْ قلبك، وأشغلي نفسك بما ينفعك، ولا سيما وأنت في مرحلةٍ من العمر لها خطرها، وسوف تُسألين عنها يوم القيامة، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ، حتَّى يُسأَلَ عن عُمُرِه؛ فيمَ أفناه؟ وعن عِلْمِه؛ فيم فعَلَ فيه؟ وعن مالِه؛ من أين اكتسَبَه؟ وفيم أنفَقَه؟ وعن جِسمِه؛ فيمَ أبلاه؟"، أخرجه الترمذي.

ثالثًا: اعلمي أنَّ ما تعانينَ منه إنما هو ناتجٌ عن الفراغِ، من أجل ذلك نوصيك بالحرص على أعمال اليوم والليلة: من الصلاة على وقتها، وأذكار الصباح والمساء، وأن تجلعي لكِ وردًا من القرآن الكريمِ، ولو صفحة واحدة يوميًا، شاركي بأعمال التطوع والمبادرات الخيرية والمجتمعية، وليكن لكِ نصيبٌ من تعلم علمٍ ينفعك في دنياك وآخرتك، أو مهارةٍ تتقنينها تعود عليك بالنفعِ، وتُخرجكِ من الجوِّ الذي تعيشينه، والأفكار التي تخالجك بين فترةٍ وأخرى، ولا تجعلي من العالم الوهمي الافتراضي يشكِّل شخصيتك، بل كوني واقعيةً أكثر؛ حتى لا تكوني سببًا في إضعاف نفسك.

وأخيرًا: اقطعي أيَّ طريقةٍ للتواصل مع هذا الشاب، ولا تفتحي على نفسك بابًا يلج منه الشيطان عليك، واعلمي أن العلاقات المنتشرة بين الفتيات والشباب تحت مسمى الارتباط والحب هي علاقات محرمة يبغضها الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولا تستقيم مع عفة الفتاة المسلمة؛ لما يترتب عليها من أفعالٍ محرمة تقع باسم الحبِّ، والحب منها براء، وربَّما وقع بعدها المحذورُ الذي لا مجال بعده للندم، ولا الأسف، فحافظي على مشاعركِ فهي غاليةٌ، ولا تبذليها إلا لمن يستحقها في إطارها الشرعي الذي يرضي الله تعالى.

وفقك الله تعالى إلى ما يحبه ويرضاه، وأصلح بالك، ورزقكِ بالحلال.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً