الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قطعت علاقتي بامرأة، فكيف أتخلص من الألم والحزن عليها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب عمري 20 سنة، تعرفت إلى فتاة، أو في الحقيقة هي من بدأت العلاقة؛ لأني بطبيعتي شخصية منعزلة جدًّا؛ لدرجة أنني الآن في السنة الثانية من الجامعة، ولا يوجد لدي صديق مقرّب أشاركه همومي ومشاكل الحياة، وأنا أكبر إخوتي في البيت، ولا أستطيع أن أتكلم مع أبي أو أمي عمّا أواجهه؛ لأنني أقول لنفسي: من المفترض أن أتحمّل مسؤولية نفسي بنفسي، ولا أُتعبهم أكثر مما هم عليه.

مع ظروف الحياة والتعب، أصبحت هذه الفتاة في مقام أختي الكبيرة، وهي أكبر مني بشهرين، وكانت توجهني وترشدني، ويشهد الله على كلامي أنه لم يكن بيننا شيء أكثر من ذلك، فقد أحببتها محبةَ الأخ الصغير لأخته الكبيرة، لكنني أعلم أن هذا غير صحيح، فشرحت لها الأمر، وقررت أن أقطع صداقتي بها إلى الأبد.

منذ يومين وأنا أتألّم جدًا، وحزين للغاية، وأعلم أن ما فعلته هو التصرف الصحيح، لكن الألم يعيق حياتي اليومية، حتى إنّ أهلي لاحظوا ذلك، وأنا رفضت مشاركتهم همّي رحمةً بهم.

أفيدوني رجاء، وشكرًا لكم، وأحبكم في الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

طبعا عزيزي محمد، لاشك ولاريب أننا نحمد الله تعالى أنك تبت إلى الله تعالى، وقطعت علاقتك بهذه الفتاة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على معدنك الطيب، وحبك لله تعالى، وتعلقك بدينك، ومشاركتي لك في حلِّ مشكلتك كالآتي:

أولًا: لا بد أن تعلم أن الأصل عدم تواصل الرجل مع المرأة في التواصل الاجتماعي، فإن هذا الباب يعتبر من خطوات الشيطان.

ثانيًا: ما تعانيه أنت من مشكلة العزلة الشديدة جدًا كما وصفت في رسالتك، فهذه الصفة لا بد أن تتغلب عليها، فالاختلاط والعزلة لا بد أن يكون بينهما توافق، لا يتغلب هذا على هذا، بل وازن بينهما، فأحيانًا يحتاج الإنسان منا إلى العزلة بعض الشيء، وأحيانًا أخرى يحتاج إلى الاختلاط.

أما العزلة الشديدة: فتغلب عليه بمخالطة الناس، واجتهد وقم بزيارة أقاربك كبداية، منها تحصل على أجر صلة الرحم، ومنها تتشجع على لقاء الناس، ثم حاول زيارة المجالس ولا تتهيب، وشيئًا فشيئًا سترى أن هيبة الاختلاط مع الناس ستنتهي، وتصبح اجتماعيًا، فالإنسان اجتماعي بطبعه.

ثالثًا: ذكرت في رسالتك أن علاقتك بهذه الفتاة لم يتعد النصح والتوجيه من قبلها، وكونها ناصحة لك، فقف عند هذا الحد، ولست أوافقك أنها كبيرة، فقد ذكرت في رسالتك أنها تكبرك بشهرين، وهذا ليس فارقًا كبيرًا، فأتمنى أن تقف عند هذا الحد؛ لأن التواصل مهما كان فهو من خطوات الشيطان بين الشاب والشابة.

رابعًا: عندما طلبت منها عدم التواصل، فهذا في حال عدم الزواج منها أمر مطلوب، كما ذكرت لك سلفًا أن الأصل عدم جواز تواصل الرجال مع النساء، ولكن ذكرت أنك طلبت منها عدم التواصل، وانقطاع العلاقة إلى الأبد، ثم أصبت بالحزن والألم، فأرى -والله أعلم- أنك إن كنت متعلقًا بها، وهي متعلقة بك، ففاتح والديك بشأن الزواج منها، فلم يُر للمتحابين مثل الزواج، ولا سيما أنك أكبر إخوانك، والوالدان يريدان أن يفرحا بك، فإذا وافق الوالدان على موضوع الزواج فلتأتِ البيوت من أبوابها، وتجعل والدتك تتواصل مع أهل البنت بشأن الزواج، والإقدام على ذلك، فإن لم يحصل موضوع الزواج، فاستمر على عدم التواصل معها، ومع مضي الوقت سوف تنساها، ولن تتألم بعد ذلك.

وأهم شيء فكِّر في الزواج سواء كان منها أو من غيرها، فإن الزواج طريق العفاف والطهر، وفي حديث عبد الله ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول -صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له جاء" ،أي وقاية [متفق عليه].

والزواج إكمال نصف الدين، كما في حديث أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف دينه فليتق الله في النصف الباقي" [اخرجه البيهقي].

وفي الختام: أسأل الله لك التوفيق في حياتك، وأن يعينك على الزواج، وأن تتغلب على العزلة، اللهم آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً