الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أدرس في جامعة مختلطة ووالداي يشكان بي كثيراً!

السؤال

السلام عليكم

عمري 23 سنة، أدرس في جامعة مختلطة، أعاني من مشكلة مع والديّ؛ حيث إنهما يشكّان بي كثيرًا بسبب طبيعة دراستي، والدتي دائمًا تفتش هاتفي رغم أنها لا تجد شيئًا، وهي عصبية وتصرخ في وجهي كثيرًا، أما والدي فيهددني بالقتل إذا دخلت في علاقة مع أي شاب، رغم أنني مستحيل أن أفعل ذلك.

أشعر أن والديّ لا يثقان بي ويعتبرانني ساذجة أو غبية؛ وهذا يجرحني كثيرًا، أصبحت أعاني من الاكتئاب، أنام كثيرًا، أشعر بعصبية وإحباط دائم؛ وهذا أثّر على دراستي، وعندما أرى زميلاتي يتواصلن مع أهلهن بطريقة مليئة بالحب والدعم، أشعر بالنقص وأتمنى أن تكون علاقتي مع والديّ هكذا.

لدي أيضًا مشاكل صحية مثل اضطراب الهرمونات وتكيس المبايض، ولا أعرف إن كانت هذه المشاكل تؤثر على حالتي النفسية، كل ما أتمناه هو أن أكون إنسانة إيجابية، وأعيش بسلام داخلي ومع أسرتي، دورتي تتأخر لمدة ٣ أشهر، وقد وصفت لي طبيبة دواءً ولم ينفع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلوى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حفظك الله بنيتي من كل مكروه وسوء، وهدى الله والديك لما فيه صلاحك.

لست وحدك ممن يعاني من اضطراب الهرمونات، واضطراب الدورة الشهرية، وتكيس المبايض، بل هناك الكثير من الفتيات يعانين من تلك المشكلة، ومن أعراض التكيس: وجود حبوب في الوجه، وشعر زائد في الوجه، والذقن، والصدر، وقد يحدث ثقل في الثديين خصوصًا مع قرب نزول الدورة، وقد يحدث تساقط في شعر الرأس، وتعرف تلك الأعراض بمتلازمة تكيس المبايض.

والسبب في تلك الأعراض في الغالب هي زيادة الوزن، وزيادة مقاومة الإنسولين؛ حيث لا يعمل الإنسولين بكفاءة عالية في إدخال السكر داخل الخلايا، ويزداد سمك جدار المبايض، ولا تستطيع البويضات الخروج شهريًا من الجدار السميك، ويضطرب مستوى الهرمونات، ويضعف التبويض، وقد تغيب الدورة عدة شهور، ولما تنزل يكون نزولها عشوائيًا دون تبويض، ودون هرمون التبويض بروجيستيرون.

وقد يصاحب التكيس ارتفاع في هرمون الحليب، وكسل في وظائف الغدة الدرقية، وارتفاع في هرمون الذكورة، والأمر يحتاج إلى إجراء تحاليل تشمل الهرمونات المحفزة للمبايض FSH & LH، وهرمون الحليب prolactin، وهرمون الذكورة total and free testosterone وهرمون DHEAS، وفحص مخزون البويضات AMH، وفحص الهرمون المحفز للغدة الدرقية TSH، وهرمون FT4 ، مع ضرورة فحص هرمون progesterone في اليوم الـ 21 من بداية الدورة الشهرية، والذي ينقص بشدة مع ضعف التبويض، مع ضرورة عمل سونار على الرحم والمبايض، وعرض نتائج التحليل والسونار على الطبيبة المعالجة، وتناول العلاج حسب نتيجة التحليل.

والأمر الأهم في علاج التكيس هو: العمل على إنقاص الوزن من خلال حمية الصيام المتقطع، ومعناه: تناول وجبة العشاء في السابعة مساءً، وتناول وجبة الإفطار في العاشرة أو الحادية عشر صباح اليوم التالي، وبالتالي يمكن الصيام من 15 إلى 16 ساعة، ومسموح شرب الماء والمشروبات الساخنة الخالية من السكر في تلك المدة الزمنية؛ وبالتالي سوف يضطر الجسم إلى الحصول على الطاقة من المخزون الدهني، فيقل الوزن.

وهناك حمية البحر المتوسط التي تعتمد على تناول البروتين الحيواني، والنباتي، والخضروات، مع تجنب المخبوزات والامتناع عن السكر تمامًا؛ مما يساعد الجسم على الحصول على الطاقة من المخزون الدهني، فيقل الوزن، وتتنظم الدورة الشهرية، مع إنقاص الوزن.

وفي أثناء فترة الحمية من المهم زيارة طبيبة نسائية، وقد تصف لك حبوب جلوكوفاج 500 مج، مرتين في اليوم، مع حبوب الهرمونات التي تساعد في وقف التكيس، وتساعد في نزول الدورة الشهرية، وإعادة بناء بطانة الرحم، وهي حبوب ذات هرمونين "قرصًا واحدًا يوميا لمدة 21 يومًا" ثم التوقف لحين نزول الدورة الشهرية، ثم الغسل، ثم تناول الشريط التالي وهكذا، وفي نهاية الشهور الستة، ومع نقص ملحوظ للوزن سوف تنتظم الدورة الشهرية -إن شاء الله-.

وندعو الله لك بالصحة والعافية والسلامة.
______________
انتهت إجابة الدكتورة: منصورة فواز سالم -استشاري أمراض النساء والتوليد وأمراض العقم-، وتليها إجابة د. إبراهيم أحمد عطية أخصائي نفسي اجتماعي:
_________________
ابنتنا الكريمة، نشكرك على ثقتك بموقعك إسلام ويب، وحرصك على عرض مشكلتك بصدق ووضوح، وهذا في حد ذاته خطوة إيجابية تدل على وعيك ورغبتك في التغيير للأفضل.

إن ما تمرين به مع والديك أمر شاق من الناحية النفسية والاجتماعية، خاصة أن العلاقة بين الأبناء والآباء يفترض أن تقوم على المودة والثقة والدعم، لكنك تواجهين ضغوطًا بسبب أسلوب المبالغة في الحماية والرقابة؛ مما جعلك تشعرين بفقدان الثقة وبالجرح العاطفي؛ وهذا انعكس على حالتك النفسية من توتر واكتئاب، وضعف في التحصيل الدراسي.

من المهم أن تعلمي أن تصرفات والديك ليست بالضرورة نابعة من عدم الثقة فيك أنت كشخص، وإنما قد تكون نتيجة خوفهما الشديد عليك في بيئة يعتقدان أنها قد تحمل بعض المخاطر، أو التحديات، وقد اختارا أسلوبًا غير سليم في التعبير عن هذا الخوف، تمثل في التفتيش أو التهديد أو العصبية.

إدراكك لهذه الدوافع يساعدك على التخفيف من أثرها النفسي عليك، وأن تنظري إليها باعتبارها حبًا زائدًا اتخذ شكلاً مؤذيًا.

نحن ننصحك بمحاولة التواصل مع والديك بهدوء في وقت مناسب، وبدون انفعال؛ لتوضحي لهما أنك تفهمين دوافعهما، لكنك تحتاجين منهما إلى أسلوب مختلف يمنحك الثقة والدعم بدلًا من الشكوك والضغط، يمكنك أن تعبري لهما عن مشاعرك بعبارات مباشرة مثل: "أشعر بالحزن عندما تفتشين هاتفي يا أمي رغم أنني لم أفعل ما يسيء"، أو "أحتاج يا أبي أن تثق بي وتشجعني بدلًا من التهديد؛ فهذا يجعلني أقوى وأقرب منكم"، وإذا كان الحوار المباشر صعبًا، فاختاري شخصًا له تأثير إيجابي عليهما من الأقارب أو المعارف ليكون وسيطًا في تقريب وجهات النظر.

على الصعيد النفسي والسلوكي: من المهم أن تعملي على تقوية ذاتك من الداخل، فلا تجعلي نظرتك لنفسك مرهونة برضا والديك فقط، بل ذكّري نفسك دائمًا بقيمتك عند الله أولًا، ثم بقدراتك وجهودك في الدراسة، مارسي أنشطة تعزز توازنك النفسي مثل القراءة، الرياضة الخفيفة، أو كتابة يومياتك للتفريغ العاطفي، وحاولي أن توازني بين اهتمامك بدراستك والاعتناء بنفسك صحيًا وغذائيًا؛ فهذا يخفف من الأثر السلبي للضغوط.

كما ننصحك أيضًا بمراجعة معالج نفسي مختص إذا استمرت المعاناة بنفس الوتيرة؛ حتى يساعدك على التكيف مع الضغوط، والتخفيف من حدة الأعراض النفسية التي تمرين بها.

أما من الناحية الصحية، فاضطراب الهرمونات وتكيس المبايض قد يكون له أثر على الحالة النفسية بالفعل؛ ولذلك ننصحك بالمتابعة المنتظمة مع الطبيبة المختصة، ومراجعة خطة العلاج إذا لم تتحسن حالتك، مع العناية بالتغذية السليمة والنوم الكافي.

ابنتنا العزيزة: تذكري أن التغيير قد لا يحدث بسرعة، لكن خطواتك الصغيرة في الحوار، وضبط انفعالاتك، والاعتناء بنفسك جسديًا ونفسيًا؛ ستجعل الأوضاع أفضل بإذن الله.

واعملي دائمًا على الاستعانة بالله، وأكثري من الدعاء أن يصلح الله والديك، ويشرح صدورهما باللين والرفق في التعامل معك، ومن المهم أن تدركي أولًا أن الشريعة الغراء أمرت ببرّ الوالدين والإحسان إليهما، قال الله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}، وهذا البرّ لا يسقط عنك مهما كان سلوك الوالدين معك، بل هو عبادة وقربة تتقربين بها إلى الله.

ومع ذلك، لا يعني البرّ الاستسلام لكل ما يسبب لك الأذى النفسي، بل لك الحق أن تعبري عن مشاعرك بصدق وأدب، وأن تطلبي منهما أن يثقَا بك ويعاملاك بالرفق واللين.

نسأل الله أن يرزقك السكينة والطمأنينة، وأن يصلح حالك وحال والديك، ويقر عينك بما تتمنين من نجاح وسعادة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً