السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هل الدعاء يرد القضاء مثل الأعاصير والزلازل والغلاء والوباء؟ وهل هناك صيغة للدعاء أم ندعو ربنا بما في قلوبنا وعقولنا وما نرجوه منه سبحانه وتعالى؟!
وشكراً.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هل الدعاء يرد القضاء مثل الأعاصير والزلازل والغلاء والوباء؟ وهل هناك صيغة للدعاء أم ندعو ربنا بما في قلوبنا وعقولنا وما نرجوه منه سبحانه وتعالى؟!
وشكراً.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ Rula حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (استشارات الشبكة الإسلامية)، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يثبتك على الحق وأن يهدينا وإياك صراطه المستقيم، وأن يرزقنا اليقين بكلامه وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يجعلنا وإياك من مجابي الدعوة، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك فقد ورد عن المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أنه قال: (لا يرد القضاء إلا الدعاء)، وقال أيضاً صلوات ربي وسلامه عليه: (لا يزال القضاء والدعاء يعتلجان ما بين الأرض والسماء)، أي: تحدث معركة بين الدعاء والقضاء، فإذا ما كان الدعاء قوياً رد الله به القضاء ورفع القضاء ولا ينزل، وإذا كان الدعاء في مستوى القضاء ظلت المعركة قائمة حتى يقوم العبد بدعوة جديدة فيقوي الله بها الدعاء على القضاء فيرفع القضاء، وإذا كان الدعاء ضعيفاً والقضاء أقوى من الدعاء نزل القضاء مخففاً.
وقد بين الله تبارك وتعالى لنا ذلك وأمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة فقال: ((وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ))[الروم:6]، وقال: ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ))[البقرة:186]، فالدعاء هنا هو من قضاء الله، والقضاء من قدر الله، فكله من قدر الله تعالى، ولو أراد للعبد أن لا يدعو فلن يدعو ولن يستطيع أن يدعو، فكثير منا يتعرض لبعض المواقف فيشعر أن الله يُمسك لسانه عن الدعاء فلا يدعو حتى يتحقق مراد الله تعالى، وأحياناً قد يكون هناك بلاء سينزل بعد عشرين سنة، فأدعو الآن فيستجيب الله لي فيدفع الله هذا البلاء الذي سوف يحدث في المستقبل.
ويقول النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل)، ومعنى (نزل): أي من المقادير والأمور التي وقعت وحدثت، ومن ذلك ما ورد أن سيدنا زكريا عليه السلام لم يكن عنده ولد، فسأل الله أن يرزقه الولد فرزقه الله يحيى عليه السلام، وسيدنا أيوب عليه السلام كان مريضاً فدعا الله تبارك وتعالى أن يشفيه فشفاه الله تعالى.
وأما معنى (ومما لم ينزل) أي: من الأمور التي سوف تأتي في المستقبل، مثل الأعاصير والزلازل والغلاء والوباء الذي سوف يحدث في المستقبل، فإذا توجهنا إلى الله بالدعاء - المستوفي لشروط الإجابة - فإن الله يرفع هذا البلاء كله ببركة الدعاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم -عباد الله- بالدعاء).
والله تبارك وتعالى أمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة، فما دام الله قد وعد فمن أوفى بعهده من الله؟! لا أحد أوفى بعهده من الله.
إذن: نحن مطالبون أن نتوجه إلى الله تعالى بالدعاء في كل شيء، وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يعلَّم أصحابه ذلك، فكان الواحد من الصحابة يقول: (اللهم إني أسألك ملحاً لطعامي وعلفاً لدابتي)، وبعد الدعاء قد يتحقق مراد الله في لمح البصر، وقد يؤخر الله عز وجل إجابة الدعاء إلى فترة أخرى، بل قد يدفع الله بلاءً آخر غير هذا البلاء، وقد يعطي العبد جائزة غير ما طلب؛ لأن الله تبارك وتعالى يعلم ما يصلح الإنسان فيعطيه ما ينفعه ويمنعه ما يضره.
وأما صيغ الدعاء فإن الأصل فيها أن ندعو بما كان من القرآن الكريم، أو ما كان من سنة النبي عليه الصلاة والسلام، أو ما كان من دعاء الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وإذا لم نحفظ شيئاً من ذلك فلندع بما نستطيع حسب حاجتنا وحسب لغتنا وحسب طاقاتنا، حتى وإن دعونا بغير لغة عربية فهذا جائز؛ لأن الله تبارك وتعالى يعطي العبد على قدر نيته ولا يعطيه على ألفاظه، ويجوز الدعاء باللغة العادية التقليدية، وثقي وتأكدي من أنه ما دام الدعاء قد توافرت فيه شروط الإجابة فإن الله تبارك وتعالى سوف يستجيب لك.
وأهم شروط الإجابة أن يكون الإنسان مطعمه ومشربه وملبسه حلال، ولا يستعجل الإجابة ولا يستحسر ويدع الدعاء، وأن يكون على يقين من قدرة الله تبارك وتعالى على إجابة الدعاء، وأن يحسن الظن بالله تبارك وتعالى.
ومن السنة أن تبدئي بالثناء على الله تعالى ثم الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، ثم يكون بعد ذلك الدعاء بما شئت، ويختم الدعاء أيضاً بالثناء على الله والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، وبتخير الأوقات المناسبة والأماكن الفاضلة أيضاً، وبذلك إن شاء الله تعالى يستجيب الله لدعائك، كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام.
وبالله التوفيق.