السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كانت بيني وبين فتاة علاقة محرَّمة، والحمد لله أني تبتُ منذ زمن، ولكن هل يمكنني أن أرسل إليها رسالة لنُصحها فقط، ثم لا أتكلم معها مرة أخرى؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كانت بيني وبين فتاة علاقة محرَّمة، والحمد لله أني تبتُ منذ زمن، ولكن هل يمكنني أن أرسل إليها رسالة لنُصحها فقط، ثم لا أتكلم معها مرة أخرى؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أخي الكريم- في إسلام ويب، وردًا على استشارتك أقول مستعينًا بالله سبحانه:
أولًا: نسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على دينه، وأن يجعلنا ممن يخافه ويراقبه.
ثانيًا: نوصيك بالإكثار من الاستغفار والأعمال الصالحة، فهي من أسباب تكفير الذنوب، ونسأل الله تعالى أن تكون توبتك نصوحًا، قد تحققت فيها شروط قبول التوبة، وهي:
• الإقلاع عن الذنب.
• الندم على ما فعلت.
• العزم على ألَّا تعود مرة أخرى لذلك الذنب.
ثالثًا: اعلم أن من رحمة الله بعباده أنه فتح لهم باب التوبة، وأنه مهما أذنب العبد ثم تاب، وجد الله غفورًا رحيمًا، يقول تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.
التوبة مقبولة ما لم تبلغ روحُه الحلقوم، وما لم تطلع الشمس من مغربها، يقول رسول الله ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءَ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءَ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا».
رابعًا: صادق الأخيار وابتعد عن الأشرار، فمصاحبة الأخيار غنيمة، ومصاحبة الأشرار جريمة، ففي الحديث قال النبي ﷺ: «إِنَّمَا مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالجَلِيسِ السُّوءِ كَحَامِلِ المِسْكِ وَنَافِخِ الكِيرِ، فَحَامِلُ المِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً»، ويقول ﷺ: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ»، ويقال في المثل: الصاحب ساحب.
خامسًا: الإنترنت سلاح ذو حدين فيه الخير والشر، فاجتهد ألا يكون استعمالك إلا في الخير، واحذر من المواقع المشبوهة والصور والمناظر المخلة، فإنها تقود الإنسان للوقوع في الفاحشة، والعياذ بالله تعالى.
سادسًا: أكثر من صيام النوافل، ففي ذلك تضييق لمجرى الشيطان وتخفيف للشهوة، كما قال ﷺ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَجْرِي مِنْ ابن آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ»، وقال ﷺ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ».
سابعًا: الإنسان سيخاطب وسيسأل عن نفسه يوم القيامة، فقد قال الله تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾، ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ﴾، ويقول ﷺ: «لَنْ تَزُولَ قَدَمُ عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ»، حتى لو كان تسبب في إغواء غيره، لأن الله أعطى عقلًا لكل إنسان يميز به بين الحق والباطل.
ثامنًا: لا يجب عليك الاتصال بتلك الفتاة لنصحها؛ لأن ذلك قد يفتنك مرة أخرى، وإن كان لا بد، فليكن نصحك لها مرة واحدة عبر رسالة بالبريد أو عبر وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي، بحيث لا تعرف رقمك الذي تواصلت معها عبره، وبطريقة لا تعود معها مرة أخرى للتواصل معك، مثل أن تقوم بإغلاق البريد أو الحساب الذي راسلتها منه.
تاسعًا: عليك أن تذكرها بالجرم الذي وقعتما فيه، وأنك قد تبت من ذلك، وعليها أن تتوب إلى ربها وتستغفره، وأن تكثر من الأعمال الصالحة التي تقوي إيمانها، وتبتعد عن رفيقات السوء وتصاحب الخيرات، وتلتحق بحلقة لتحفيظ القرآن الكريم... إلخ.
نسأل الله تعالى أن يمن علينا وعليك بالاستقامة والثبات على دينه، حتى يتوفانا على ذلك وهو راضٍ عنا، إنه سميع مجيب.