الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القلق الاكتئابي المتمثل في العزوف عن المجتمع

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة في كلية الطب عمري 18 عاماً، اكتشفت أني أمر بحالة غريبة لم أفهمها - قد تكون اكتئابا -، وعندما أخبرت أمي بأني متضايقة نفسياً وأريد الذهاب لطبيب نفسي لم تعرني اهتماماً، وقالت لي أن أقرأ بعض الآيات لكي يذهب هذا القلق.

وقد أصبحت لا أطيق أحاديث الناس من حولي، وخاصة زميلاتي في الكلية، وصرت أشعر أنها مواضيع تافهة، ولم أعد مرتاحة عندما أكون معهم، وأضطر أحياناً أن أضحك على أشياء لا تُضحكني لكي لا أشعرهم بأني غير مرتاحة.

وعندما أسير في أي مكان أشعر بأن الناس كلهم ينظرون إلي فأشعر بالتوتر والارتباك، ولم تعد عندي تلك الثقة في كلامي، وأشعر بالتناقض في كلامي، والتردد طوال الوقت لا يفارقني.

وبدأت أشعر بأن صديقاتي لم يعودوا يعيرونني اهتماماً كالماضي، فقد كنت أكثر البنات شعبية في مجموعتنا.

وأحياناً أتمنى أن أسافر بعيداً عن الجميع في غابة خالية بها بحيرة ومنزل من الخشب وأعيش وحدي، مع توفر جميع احتياجاتي وهاتف لكي أتصل بالناس الذين سأشتاق إليهم، ولكني لا أريد رؤيتهم فالهاتف يكفيني، والعديد من الأشياء المشابهة أشعر بها طوال الوقت، فما العلاج المناسب لحالتي؟ وكيف أتعامل مع الناس؟!

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريان أحمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنك تعانين من درجة بسيطة إلى متوسطة مما يعرف بالقلق الاكتئابي، فإذا كانت هناك أي أسباب أو أي تراكمات أو أي سلبيات في حياتك، فحاولي أن تواجهي هذه الصعوبات بتفكير إيجابي وبإصرار على التغير نحو الإيجابيات أكثر من السلبيات، واحرصي على قراءة القرآن وعلى صلواتك وأذكارك، فهذا إن شاء الله يبعث على الطمأنينة.

وهناك تمارين نسيمها بتمارين الاسترخاء هي من أفضل وسائل علاج القلق، فأرجو الحرص عليها وذلك بالحرص على أن تتحصلي على أحد الكتيبات أو الأشرطة التي توضح كيفية القيام بتمارين الاسترخاء، وسوف تجدي فيها نفع كثيراً.

وسوف أصف لك علاج دوائيا أرى أنه سوف يكون مفيدا بالنسبة لك، وهذا الدواء يعرف تجارياً باسم (فافرين Faverin) ويعرف علمياً باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، فأرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة خمسين مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ارفعي الجرعة إلى مائة مليجرام ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى خمسين مليجرام ليلاً لمدة ستة أشهر أخرى.

وهذا الدواء يساعد في علاج القلق والتوتر والاكتئاب والمخاوف والوساوس، والجرعة التي وصفناها لك هي جرعة صغيرة وليست بجرعة كبيرة، حيث إن هذا الدواء يمكن تناوله حتى ثلاثمائة مليجرام في اليوم، ولكني أرى أن حالتك لا تتطلب مثل هذه الجرعة، ولابد من أن تكون لك ثقة في نفسك، وتذكري أنك في بدايات الشباب ولله الحمد، ولك الطاقات النفسية والطاقات الجسدية التي يجب أن تستفيدي منها.

وعليك أن تديري وقتك بصورة صحيحة ولا تضيعي الوقت، وقسمي وقتك بين الواجبات حيال نفسك والواجبات حيال الآخرين؛ لأن إدارة الوقت من أفضل سبل النجاح، ولا تكوني حساسة وتعتقدي أن الناس يقومون بمراقبتك، ولا تكوني مسيئة للظن حيال صديقاتك، فصديقاتك هنَّ صديقاتك، ولا تطالبي الآخرين بأن يعاملوك دائماً باللطف والود، فهذا أمر لا يستطيع الإنسان أن يتحصل عليه دائماً، فأرجو أن تتذكري أن الآخرين أيضاً في بعض المرات يكون مزاجهم ليس طيباً، وهذا يجعلهم يخرجون انفعالات سلبية حين يتعاملون مع الآخرين، وإذا لم يحسن أحد معاملتك فيجب أن لا تسيئي الظن به، وحاولي أن تجدي له العذر، وفي نفس الوقت عاملي الناس بخلق حسن، واختاري دائماً الكلمة الطيبة، وكوني دائماً مساعدة للآخرين.

فهذه هي الطرق الرئيسية في التعامل مع الناس، وفي نفس الوقت تجاهلي ما لا يرضيك، ولا تتصوري أن العالم كله عالم ذهبي أو عالم وردي، فهناك الصعوبات والمشاكل والتفاوت في أخلاق الناس وفي معاملتهم وطرقهم، فأنت عليك بنفسك، وحاولي أن تقدمي الخير دائماً، وحاولي أن تكوني دائماً مقدامة ولك حضورك ووجودك، وسوف تفرضين نفسك على الآخرين، وفي نفس الوقت اجعلي توقعاتك في حدود المعقول، بمعنى أن من يعاملك خيراً أكثري معه من الخير، ومن يعاملك شرّاً لا تستنكري ذلك ولا تبادلي الشر، وحاولي أن تتجنبي مثل هذه المواقف ومثل هؤلاء الأشخاص.

وأرجو أن تضعي لنفسك هدفاً في حياتك، فأنت طالبة في كلية الطب، وهذه كلية جيدة وممتازة وراقية، ومن خلال الدراسة يمكنك أن تشعري بالرضا حين تنجزي، فكوني مثابرة ومجتهدة ونظمي وقتك، والنجاح والتميز والتفوق سوف يعطيك الشعور الداخلي بالتحفيز والشعور بالرضا.
ولا تعاملي نفسك كعاجزة أو كمعاقة أو كمريضة نفسية، فأنت لست بمريضة نفسية ولست بمعاقة، هذه مجرد ظواهر نفسية بسيطة قد تحدث للإنسان خاصة في مثل عمرك، فكري في الإيجابيات في حياتك وحاولي أن تنمي هذه الإيجابيات، وبعد أن تتسع دائرة الإيجابيات لديك سوف تنكمش وتنحسر دائرة السلبيات وتختفي تماماً، نسأل الله لك التوفيق والسداد والصحة والعافية.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً