السؤال
السلام عليكم..
أريد حلا للالتزام بالعادات الإيجابية، كما أني أعاني من إدمان أحلام اليقظة، مما سببت لي عائقا في الدراسة؛ لأن ذهني أصبح مشتتا.
السلام عليكم..
أريد حلا للالتزام بالعادات الإيجابية، كما أني أعاني من إدمان أحلام اليقظة، مما سببت لي عائقا في الدراسة؛ لأن ذهني أصبح مشتتا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
سأتكلم بداية عن أحلام اليقظة ثم سأنتقل إلى موضوع الالتزام بالعادات الإيجابية.
إن المرحلة العمرية التي تمرين بها عزيزتي هي مرحلة بداية الشباب، وعادة يعيش الإنسان فيها ازدحاماً في أفكاره، منها ما يكون على شكل أمنيات يتمناها لحياته المستقبلية، ومنها ما يكون على شكل معاناة يعاني منها ويبحث لها عن حلول، وذلك يدفعه للبحث عن وسائل وطرق تساعده على التفريغ من هذا التوتر والتفكير المستمر, فنراه يتكلم مع نفسه ما يحلو له, وغالباً يجد الراحة النفسية بعد انتهائه من هذا الحديث مع نفسه.
• لذا تترافق مع هذه المرحلة العمرية ما يسمى بأحلام اليقظة, وهي ظاهرة وتقنية نفسية يعيشها الإنسان كمرحلة عابرة ومؤقتة من حياته, تكون من خلال صياغته للسيناريوهات الخاصة به، وصناعته لمحتوى الحلم كما يحلو له ويتمناه, ومن ثم يتخيل نفسه أنه يعيشه تماماً، وبالتالي يصنع لنفسه زاويته التخيلية الخاصة به، والتي يحقق فيها راحته النفسية من خلال: إمّا تحقيقه لرغباته وطموحاته (النوع الإيجابي من أحلام اليقظة)، أو هروبه من واقعه المليء بالتوتر والمشكلات (النوع السلبي من أحلام اليقظة).
إيجابيات أحلام اليقظة تكمن في:
- التفريغ النفسي وتخفيف القلق.
- الحماس والتحفيز الذي تبثه في روح صاحبها بعد أن يتخيل أشياء إيجابية قد قام بها وحققها, مما قد يدفعه لمزيد من التخطيط لتحقيق طموحاته وأحلامه على أرض الواقع.
- عادة تنصقل هذه الأحلام مع مرور الوقت لتتحول إلى خطوات عملية، تساعد صاحبها ليكون أكثر إنتاجاً في حياته الواقعية.
أمّا سلبياتها:
فتكمن عندما يزداد استخدامها بشكل مبالغ به حتى يفقد الإنسان السيطرة عليها, والتحكم في إدارة وقته, ويشعر أن ذهنه مشتت غالب الوقت, مما يعرقل قيامه بمهامه اليومية, وهذا يحدث مع صاحبها عندما:
- يلجأ إلى الخيال بدل الحقيقة في حل مشكلاته.
- يلجأ إلى الخيال هرباً من الواقع ومواجهة مشاكله.
- يختلط عليه الأمر ولم يعد يستطع أن يميز بين الحلم والواقع.
- تؤدي أحلام اليقظة إلى عزل صاحبها لنفسه عن الناس وحياته الواقعية.
- تأخذ حيزاً كبيراً من وقت صاحبها، وبالتالي يؤدي ذلك إلى تراجع مستواه وأدائه في مجالات حياته عموماً.
أما علاج هذه الظاهرة فيكون من خلال:
- إغراق نفسك بالأنشطة الاجتماعية التي تتطلب منك التواصل مع الآخرين، والخروج من دائرة سرحانك مع نفسك.
- ملء وقتك بالأنشطة الحركية مثل أي نوع من الرياضة، فالرياضة تتطلب من الشخص جهدا جسديا يمنعك من السرحان الذهني في نفس الوقت.
- ملء وقتك بممارسة الأنشطة الذهنية مثل: الشطرنج، الألغاز، وغيرها من الألعاب التي تتطلب من صاحبها تركيزاً عالياً.
- محاولتك تجنب قضاء وقت كبير في الأماكن التي اعتدت على ممارسة أحلام اليقظة فيها، مثل غرفة النوم.
ولكن عموماً أريد طمأنتك أن أحلام اليقظة عادة ما تكون عابرة ومؤقتة، فهي مرافقة لمرحلة المراهقة وبداية الشباب، وتقل تدريجيا بعد ذلك إلى أن تزول.
أما فيما يتعلق بسؤالك حول كيف تبدئين الالتزام بالعادات الايجابية, فأنصحك بـ:
- ركزي في البداية على عادة واحدة فقط ترغبين في البدء بها واختاري أن تكون الأسهل عليكِ, ولا تفتحي على نفسك عادات كثيرة تشتتك مما يضعف لديكِ الشعور بالانجاز "وهو مهم جداً لاستمرار الدافعية".
- ذكّري نفسك بأسباب رغبتك باكتساب تلك العادة, وتخيلي مع نفسكِ النتيجة النهائية التي ستحصلين عليها بعد اكتسابك لتلك العادة, أي المكاسب التي ستجنينها بعد التزامك بالعادة, فهذا سيقوي من دافعيتك بشكل ملحوظ, وقومي بتسجيل تلك الأسباب سواء بصوتك أو كتابتك ودعيها بين يديك لتتفقديها بشكل مستمر.
- إن كان الأمر متاحاً لكِ قومي بتقوية علاقتك الاجتماعية مع صديقات لك يرغبن باكتساب نفس العادة, وقوموا بلقاء أو اتصال أسبوعي للتحدث عن انجاز كل منكن في تلك العادة.
- قومي بمتابعة لصفحات الفيس أو أيٍّ من التطبيقات الاجتماعية الأخرى التي تستخدمينها، والتي تنشر عن العادة التي قد بدأت بها, مثلاً إن كنت ترغبين بالبدء بنظام حياة صحي، قومي بمتابعة الصفحات التي تنشر عن الأكلات الصحية, وعن الرياضة اليومية المنزلية, وعن الناس الذين قد بدؤوا بالالتزام بنظام صحي, فهذا سيفيدك كثيراً في متابعة التزامك ويقوي من تشجيعك الذاتي, وستشعرين أنك لست وحدك في هذا التحدي, مما يزيد من تحفيزك وطاقتك للالتزام.
- اربطي العادة بمشاعر إيجابية وبفكرة إيجابية جميلة بالنسبة لك, فالإنسان عبارة عن مزيج من فكرة ومشاعر وسلوك, والسلوك هو نتيجة لفكرة تشغل ذهننا وتحركنا, إما أن تكون إيجابية فتُولّد مشاعر إيجابية , وإما أن تكون سلبية فتولد مشاعر سلبية, وهذان العنصران يُنتجان سلوكاً يتوافق معهما, لذا كلما ربطتِ بين عادةٍ ما وبين فكرة ومشاعر ايجابية كلما وجدت أنّ تطبيقك والتزامك بتلك العادة أصبح أكثر سهولة ومتعة.
- من الأمور التي قد تساعدك كثيراً, إن كان لديك عادة سلبية تقومين بها, وترغبين بإلغائها والالتزام بالعادة "الايجابية" المعاكسة, أنصحك بعدم إلغاء العادة السلبية مع إبقاء مكانها فارغاً, بل قومي بإحلال مكانها بديلاً ايجابياً, وهي العادة المعاكسة الإيجابية التي ترغبين بالالتزام بها, على سبيل المثال, ترغبين بالبدء بنظام صحي, وأنت معتادة على أكل الوجبات غير الصحية في السهرة أثناء مشاهدتك لفيلمك المفضل, فهنا من الخطأ أن تلغي الأكل غير الصحي وتكملين مشاهدتك دون أي بديل, فهذا سيُصعّب عليك الأمر, والأصح أن تبدلي مكانه بشيء صحي, مثلاً أكل صحن من الفواكه, فالدماغ في هذه الحالة سيربط تلقائياً بين مشاعر المتعة وأنت تشاهدين برنامجك المفضل وبين الفواكه التي تأكلينها, وذلك سيخفف تدريجياً من رغبتك بتناول الأكلات السابقة غير الصحية لأنك ستحصلين على الشعور بالمتعة مع بديل آخر.
- قومي بالاطلاع في الانترنت على قصص الناس الذين نجحوا في الالتزام بالعادة التي ترغبين بها, فهذا سيحفزك كثيراً, ويجعلكِ تستفيدين من تجاربهم العملية.
ختاماً: أتمنى لك حياة مليئة بالعادات الإيجابية المُمتعة لكِ، فحياتنا ليست إلا مجموعة من العادات اليومية، التي تستحق جهدنا لنجعلها إيجابية.
دمتِ برعاية الله.