الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر أن شخصيتي مهزوزة جدا، وكلما جلست مع الآخرين شعرت بضيق واختناق

السؤال

بسم الله الرحمان الرحيم

أولا: وقبل كل شيء أشكر من صميم قلبي كل القائمين على نجاح هذا الموقع, أدعو الله أن يكلل جهودهم بالنجاح والثواب وجزيل الأجر وهي جهود تبعث في النفس الارتياح باعتبار أنها جهود لوجه الله وليس فيها بحث عن الأرباح المادية.

لقد حاولت أكثر من مرة الكتابة لكم لكنني في كل مرة أجد أن الوقت غير مناسب وبصراحة أنا تعبت كثيرا وأحتاج أن أخرج بسرعة من هذه المعاناة وأسعدني أن أجد هنا آذانا صاغية وأرجو أن أجد ردا على استشارتي حتى وإن بدا ما فيها سطحيا وساذجا ولكن أرجو أن تساعدوني على الإبحار إلى شط الأمان.

نظريا ربما أعلم جيدا أنني أنا المخطئة بحق نفسي وأنني أنا التي تأخذ الأمور بحساسية أكثر من اللازم وأهول المسائل ولكن أثناء التطبيق لا أستطيع أن أتحكم بانفعالاتي فينفلت مني كعيار طائش.

أحس أن شخصيتي مهزوزة جدا وكلما وجدت نفسي وسط الناس أشعر بضيق كبير في التنفس واختناق لدرجة أنني اذهب إلى غرفتي وأزيح عني الخمار كي أتنفس الصعداء قليلا ثم أعود لأتظاهر بأنني طبيعية وأحاول أن اصطنع الضحك والانبساط، في حين أنني أشعر أنني أتعذب وأتعسف على نفسي وفي مناسبات كثيرة لا أجد راحتي سوى في البكاء فأترك الضيوف، وهنا تحديدا علي أن أوضح لكم أنهم في الغالب إخوتي وليسوا بالغرباء، فأدخل غرفتي وأنخرط في بكاء مرير ثم اغسل وجهي وأعود إلى الجلوس معهم وفي الغالب يلاحظون أنني كنت أبكي فيسألونني ولكن العبرات تخنقني ولا أستطيع الإجابة، لماذا؟

أحيانا لا أعرف السبب تحديدا ولكنني عشت سنوات بعيدة عن أهلي تقريبا، وذلك بحكم تنقلي المستمر فقد درست في مدينة تبعد هنا قرابة الخمسمائة كم، وطبعا كان علي شراء منزل هناك وبقيت فيها لمدة خمس سنوات آتي منها إلى بيتنا كل أسبوعين أو أثناء العطل ثم وبعد مطالب عديدة للنقلة انتقلت إلى مدينة أخرى تبعد أيضا عن المدينة التي يقيم فيها أهلي قرابة الثلاثمائة كم يعني اختصرت المسافة قليلا لكن بقيت على نفس النسق.

كل أسبوع سفر وترحال وإعداد حقائب، كل أسبوع آتي إلى منزلنا مثل الضيفة وبقيت فيها أيضا أربع سنوات وهذه خامس سنة ، ولا أمل يلوح في الأفق بعد حول مصيري في السنة القادمة وهل سيتم نقلي أم لا؟

المهم أنني أصبحت أحس بتبلد في عواطفي وحتى العرسان كنت أرفض في الغالب بسبب وضعية عدم الاستقرار هذه، لان الزواج بالنسبة لي استقرار وأنا ضد العمل في مكان بعيد عن المكان الذي يعمل فيه زوجي، خاصة وإنني رأيت المعاناة التي تعيشها بعض زميلاتي ممن تزوجن ولا يرون أزواجهن إلا كل أسبوع تقريبا.

أعلم أنني أطلت ولكنني أحتاج لصفحات.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

فأهل الإنجازات والذين حباهم الله بالتوفيق والنجاح في حياتهم كثيرًا ما يصابون بالقلق، والسبب في ذلك أنه في الأصل لديهم درجة من القلق هي التي ساهمت في نجاحاتهم، لكن هذا القلق قد يزيد وقد يفرط لأسباب غير معروفة، وهذا يجعلهم ينظرون إلى ذواتهم وإلى من حولهم وحاضرهم وماضيهم ومستقبلهم بشيء من السلبية، وأعتقد أن هذا هو الذي تعانين منه أيتها الفاضلة الكريمة، فأنت قد أنجزت وهذه المجاهدات وأن تكوني بعيدة عن الأهل، على العكس تمامًا يجب أن تنظري إليها كإنجاز وإنجاز رائع جدًّا، ورسالتك التعليمية هي أمر يجب أن تكوني فخورة به، ويجب أن تكوني دائمًا مفعمة بالشعور بأنك مفيدة لنفسك ولغيرك، وهذه هي قيمة الحياة الحقيقية.

هذه النظرة السالبة حول نفسك أعتقد أنها هي لب المشكلة، فأنت مطالبة بأن تحكمي على نفسك بأفعالك وأعمالك وأدائك وليس بمشاعرك، المشاعر سوف تتبدل وتتغير إذا قيّم الإنسان أفعاله وحاول أن يطورها بصورة إيجابية، فهذه هي نصيحتي لك.

الأمر الثاني وهو هذه الضيقة التي تحسين بها، والتوترات التي وصفتها حتى في حضور الأهل هي دليل على ارتفاع درجة القلق لديك، ويظهر أنها نوع من نوبات الهرع الظرفية أو نوبات الهلع، وهي غير معروفة الأسباب لكنها مزعجة، أتفق معك تمامًا وإن لم تكن خطيرة، هذه تعالج إن شاء الله تعالى من خلال التفكير الإيجابي أيضًا ومن خلال أحد الأدوية الممتازة الفاعلة التي سوف نصفها لك.

الدواء الذي نصفه لك يعرف تجاريًا باسم (ديروكسات) في تونس، واسمه الآخر التجاري هو (زيروكسات) ويسمى علميًا باسم (باروكستين) الجرعة المطلوبة في حالتك هي نصف حبة يوميًا لمدة عشرة أيام، تناوليها بعد الأكل، وبعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة واستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم بعد ذلك توقفي عن تناولها.
هذا الدواء لا يسبب الإدمان ولا يسبب التعود، وهو لا يؤثر أبدًا على الهرمونات النسوية ويعتبر من أفضل الأدوية المضادة للقلق والتوترات والهلع والهرع والمخاوف، وهو لا يتطلب وصفة طبية في معظم الدول، فكوني حريصة على تناوله، وحاولي أن تغيري نمط فكرك حسب ما ذكرته لك، وهذا ممكن.

ونصيحتي الأخرى هي: عليك بممارسة تمارين الاسترخاء، فهي مفيدة وجيدة جدًّا ولتعلم هذه التمارين تصفحي أحد المواقع على الإنترنت، الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة أيضًا إن شاء الله ذات قيمة علاجية كبيرة. حاولي أن تطوري نفسك مهنيًا، وعليك بكتاب الله والدعاء والذكر، والصحبة الطيبة الصالحة دائمًا معينة في أمور الدنيا والدين، وأنا متأكد أنك سوف تشعرين بكثير من الطمأنينة إذا طبقت ما ذكرته لك.

بالنسبة للزواج: أسأل الله تعالى أن يسعدك وأن يرزقك الزوج الصالح، وحين تتغير الأفكار سوف تتغير الاتجاهات بإذن الله تعالى.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.
هذا ومن الله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً