الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدي يأمراني بالابتعاد عن التحفيظ، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحبتي: أعاني من أمرين، ومحتار فيهما، قد تتعجبون من كلامي، ولكن هذا واقعي!

أما أمري الأول: فأنا منذ الصغر كنت أرغب في أن أكون في حلقة تحفيظ قرآن كريم، وبعد مرور سنوات وفقني الله بصحبة صالحة، والتحقت بهم في التحفيظ، فشعرت بلذة مجالس الذكر وازداد تعلقي بهم، لكن مشكلتي في هذا الأمر أن والديّ يأمراني أن أبتعد عن التحفيظ لأني مهتم به كثيرا، ومقصر في أداء واجباتي المدرسية، والمعلمون يشتكون من تقصيري، فبماذا تأمروني؟

الأمر الآخر مختلف كثيرا أشد الاختلاف، كنت يوما من الأيام أناصح فتاة لأنها كانت تشكو لي من ظاهرة لديها، ومقصرة في دينها، ومحددة يوما أنها ستنتحر فيه، لأنها تنتمي إلى الإيمو، فبدأت بالنصح لها أقدم لها فلاشات دعوية مؤثرة، وأبين لها ما عليها وما ليس بها .

لقد نجحت في توجيهها التوجيه السليم، وقررت أن أبتعد عنها لأني أحببتها خشية أن تتطور العلاقة، وتفاجأت أنها أحبتني أيضا.

طلبت مني أن أتقدم لها إذا كونت نفسي لأني أول شخص قد دخل قلبها، وأنها راضية بي أشد الرضا، فأنا محتار ومتردد من كوني أريدها، وهي تريدني، ماذا أفعل؟ أفيدوني!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بندر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الكريم- في استشارات إسلام ويب، وبارك الله فيك، وزادك حرصًا على الخير، ووفقك لكل ما ترجوه وتأمله، ومرحبًا بك بين آبائك وإخوانك، ونحن نشكر لك حرصك واهتمامك بحفظ كتاب الله تعالى، وهذا عنوان لتوفيقك وسعادتك، نسأل الله أن ييسر لك الخير ويعينك عليه.

لا شك -أيها الحبيب- أن حفظ كتاب الله تعالى من أعظم الأعمال التي يقوم بها المسلم في هذه الحياة، وثمرات ذلك عظيمة في دنياه وفي آخرته.

مع ذلك ينبغي أن تكون متوازيًا في حياتك، فتحاول الجمع بين حفظ القرآن الكريم ومدارسته مع زملائك وأساتذتك في التحفيظ، وبين مذاكرة الدروس والجد فيها، فإن الإنسان المؤمن ينبغي أن يكون قويًا في جوانب حياته، والتعليم أنت بحاجة إليه حتى تتمكن من مواصلة حياتك بأسلوب يليق بك ويتمناه لك أهلك، وهذا أمر ميسور -بإذن الله تعالى-، فإن كثيرًا من الناجحين والمتفوقين من الطلبة هم من حُفّاظ كتاب الله تعالى، فليس في اهتمامك بدراستك ما يعطلك عن حفظ القرآن ومراجعته، فحاول أن ترتب وقتك وتنظمه، وأن تشغل الفارغ منه، وستجد -بإذن الله تعالى- أنك تمكنت بذلك من الجمع بين المهمتين وأرضيت أهلك كما أرضيت ربك.

أما في القضية الثانية: فإن نصيحتنا لك أن تبتعد عن هذه الفتاة، وأن تقطع الاتصال بها، فإن أعظم فتنة يتعرض لها الشاب هي فتنته بالنساء، وقد جاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رأى ولد عمّه «الفضل ابن عباس» ينظر إلى امرأة صرف وجهه للشق الآخر، وقال: (رأيت شابًا وشابة فلم آمن عليهما الشيطان).

أيها الحبيب: لا ينبغي أبدًا أن تسترسل مع هذه الخطوات التي قد يحاول الشيطان استدراجك من خلالها للوقوع في معصية الله تعالى، وحصول الندم حيث لا ينفع الندم.

نصيحتنا لك أن تتأدب بآداب القرآن الذي تحرص على حفظه، وأن تكون عاملاً به، ومن هذه الآداب غض البصر، كما أمر الله تعالى بذلك في كتابه، حيث قال: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم}. ومن هذه الآداب ما أدب الله به النساء من عدم الحديث مع الرجال الأجانب بكلام فيه خضوع، وأمرهنَّ بالحجاب، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن خلوة الرجل بالمرأة، وأخبر بأن الخلوة إن حصلت كان ثالثهما الشيطان، والنصوص في هذا المعنى كثيرة.

قد أحسنت فيما مضى من توجيه هذه الفتاة وتذكيرها بالله تعالى ووعظها حتى لا تُقدم على هذه المعصية العظيمة - وهي معصية الانتحار – وأما الآن فأنت أمام خيارين: إما أن تكون قادرًا على الزواج وكنت راغبًا في هذه الفتاة فتتقدم لخطبتها والعقد عليها حتى يكون اتصالك بها مأذونًا به شرعًا، أو أن تلتزم حدود الله تعالى فتجتنب الاتصال بها، والحديث إليها، حتى إذا تمكنت بعد ذلك من خِطْبَتِها خَطَبْتَها وتزوجت بها.

نسأل الله تعالى لك التوفيق والنجاح.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً