الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطيبي يصلي لكنه يحادث البنات، فهل أتركه؟

السؤال

بعد سنة ونصف من خطبتي؛ وبعدما كنت أرى خطيبي إنسانا محترما ويخاف علي؛ اكتشفت قدرا أنه يكلم بنات على النت, كلام حب وما إلى ذلك, وأحيانا كلاما جنسيا.

هو مسافر, وشغله فيه وقت فراغ كبير, وأنا كنت طوال الوقت أحافظ على نفسي معه, حتى كلام الحب العادي لم أكن أقوله كثيرا, ونحن فرحنا قريب, وهو يحاول أن يتقرب مني ويكلمني عن العلاقة الزوجية, لكن المشكلة أني خائفة من أن يكون يريد الزواج مني لأجل العلاقة الجنسية فقط.

فهل أكمل معه خطوبتي أم أطلب الفسخ؟ أنا محتارة جدا, وخصوصا أن الفرح قريب, هو يحافظ على الصلاة, وأنا اتفقت معه على صيام التطوع, لكن لا أعرف ماذا أعمل.

أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نشكر لابنتنا الفاضلة تواصلها مع الموقع، ونسأل الله أن يهدي خطيبها للسداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه. وندعوها فعلا إلى النظر في هذا الموضوع بطريقة شاملة، والنظر في حال هذا الخاطب الذي أثبتت أنه يحافظ على الصلاة، وهذه لا شك أنها ميزة كبيرة جدًّا، وأرجو أن تنهاه الصلاة عن المنكر، فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.

وأيضًا لاحظنا أن عنده استعدادا في أن يتطور في تدينه في أن يصوم تطوعًا ويمضي معك في هذا السبيل، لذلك أرجو أن تتريثي قبل أن ترفضي هذا الخاطب، فلا تعرقلي على نفسك، وندعوك إلى أن تنظري في الفرص المتاحة، واعلمي أنك الخاسرة من خرجت بعد الخطبة، فإن هذا ليس في مصلحة الفتاة غالبًا، لذلك لا نريد أن تستعجلي اتخاذ هذا القرار.

فندعوك إلى أن تنظري في الموضوع بطريقة شاملة، أولاً: ضعي إيجابيات هذا الرجل في كفة، وضعي السلبيات والنقائص في كفة, من المصلحة أن تعرفي حجم العلاقة هل هي مجرد مراسلات وكلام فقط، أم أن الأمر أكثر من ذلك؟ حاولي كذلك أن تجتهدي في معرفة طبيعة هذا الرجل، وأرجو أن يعاونك محارمك في التعرف على مثل هذه الأمور.

كذلك أرجو أن تتأكدي من الرفقة التي تدور حوله، لأن هذه نقاط ستعاونك بحول الله وقوته على هذه الأمور.

من ناحيتك أيضًا ينبغي أن تنظري في عمرك، في الفرص المتاحة، ومقارنة هذا الشاب بآخرين، ما هي الآمال التي تلوح في الأفق؟ هل تعتبر هذه فرصة نادرة ينبغي أن تُغتنم؟ هل يمكن لهذا الشاب أن ينصلح – وهذا الذي أرجحه – ويحافظ على الصلاة؟ وأتفق معك على صوم التطوع، فهذه أمور ليست واجبة شرعًا، ومع ذلك فهو كأن عنده موافقة على أن يستمر فيها.

لذلك أنا حقيقة أجد في نفس ميلا إلى أن تُكملي هذا المشوار، وأن تكوني واضحة في شروطك، وأن تبيني له غيرتك عليه، وأرجو أن يزول هذا الحرج الذي عندك بعد العلاقة الرسمية، فإن الشباب الآن يتعرضون لفتن، والفاسقات والشقيّات يعرضن الجمال والفحش بالحرام، فعلى المتزوجات أن يعرضن السحر الحلال, وأن يبالغن في التزين لأزواجهن والاحتفاء به, والاهتمام به, وإشباعه بالعاطفة, وإشباع هذا الجانب الذي هو هدف كبير من أهداف الزواج.

فأنا أريد أن أقول: لابد من كل امرأة أن تتفنن جدًّا في إظهار مفاتنها ومحاسنها, وأن تهتم بتزينها لزوجها، لأن الآن المسألة فيها فتنة كبيرة جدًّا. إذا كانت الفاسقة تتجرأ وتتزين وتتبرج وتُظهر مفاتنها، فلماذا لا تُظهر المؤمنة مفاتنها الحلال التي تؤجر عليها؟ تؤجر على إظهار هذه المفاتن لزوجها، وهذا هو المكان الصحيح الذي ينبغي أن تُظهر فيه كل اللمسات الجمالية, وكل مظاهر الجمال عند المرأة، ينبغي أن تُظهرها لزوجها حتى تعفّ نفسها وتعفّ هذا الزوج.

وأحسنتِ برفضك مجاراته في هذا الكلام العاطفي، لأن العلاقة لا تزال خطبة، ولكن أرجوك بعد الزواج أن تتدللي وتبالغي في مجاراته في مثل هذا الكلام، حتى لا يبحث عن هذا الشيء في الحرام، فإنه إذا لم نوفر للأزواج الحلال، إذا لم نوفر لهم الكلام الجميل، إذا لم نوفر لهم العاطفة الفيَّاضة، إذا لم تُظهر المرأة مفاتنها، فكيف تُشبع هذا الرجل، والرجل أصلا ما تزوج إلا ليكمل نصف الدين بهذا الزواج ليخرج من الفتن.

والمؤسف حقًّا أن المتبرجة تتزين في الشارع وفي الطريق وفي مكاتب العمل، وبعض الصالحات وبعض المؤمنات العفيفات تُهمل هذا الجانب خاصة بعد زواجها، وكأنها تظن أنها ملكت مفاتيح قلب هذا الزوج، وهذا الزوج يتعرض للفتن.

لذلك أرجو أن تنتبهي لهذا، فأكملي المشوار، وأكدي على المعاني الإيجابية، كوني واضحة معه من غير اتهام، يعني قولي له: (أنا لا أقبل أبدًا أن يكون لزوجي أي معرفة أو أي علاقات مع النساء، غيرتي هي حبي لك، والغيرة دليل على الحب، فمن حبي لك أني لا أرضى أبدًا أن تكون لك أي تواصل مع النساء) بل قولي له: (إذا كان في عملك ما يعرضك للفتن فأنا أقترح عليك أن تبحث عن عمل نظيف حتى لو كان براتب أقل، فإنا نصبر على الفقر - نقص المال - لكننا لا نصبر على المعصية والمخالفة لشريعة الله تبارك وتعالى).

بمثل هذه المشاعر، مثل هذه الخطوط الواضحة ووضع النقاط على الحروف, بإمكانك بحول الله وقوته أن ترسّخي هذا الجانب، وأن تعيني زوجك على الثبات، واعلمي أن رفض الفرح هذا, وإيقاف هذه الخطبة قد يكون فيه حرج لك ولأهلك وللجميع، وسيجر لك من السمعة السيئة ومن نحو ذلك من الأمور التي تتضرر منها الفتاة عادة.

فتوكلي على الله, وأكملي المشوار، واعلمي أن الإنسان الذي يحافظ على الصلاة سيكون فيه خير كثير جدًّا, ويحتاج إلى مجهودات قد لا تكون طويلة - إن شاء الله تعالى – في إصلاحه، والآن لا عذر له بعد الزواج، ولا عذر له قبل الزواج، لكن بعد الزواج إذا وجد الإنسان كل ما يريد من الحلال والجمال فكيف يبحث هذا عند الفاسقات.

الإنسان الذي يشبع من الطعام لا يبحث عن الطعام، والذي يشبع من العاطفة لن يلتفت للعاطفة، والتي تُشبع زوجها بالرومانسية والحنان والمشاعر الفيّاضة لن يبحث عن غيرها، فكوني أنت تلك المرأة الودود العؤود، المتدللة لزوجها.

نسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً