الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل سيعاتب الله تعالى المؤمنين في الجنة؟

السؤال

السلام عليكم.

سمعت في أحد الدروس أن الشيخ قال: أنه في الجنة سيجتمع الله عز وجل بنا في يوم الجمعة فمن الناس من يجلس على منابر من نور، ومنهم من يجلس على منابر من ذهب، ومنهم من يجلس على منابر من فضة، ومنهم من يجلس على وسائد من مسك، ولا يشعر أحد بأنه أقل من أحد، وقال أيضا: إن الله سيعطي لكل إنسان محاضرة على حدة، ويقول له معاتبا له: عما فعله من ذنوب في الدنيا فيخاف العبد، ويقول يا رب أو لم تغفر لي؟ فيقول الله لو لم أغفر لك لما كنت هنا، وقد سترتها لك في الدنيا، ولن أفضحك بها في الآخرة فاذهب وأنعم بالجنة.

وسؤالي: هنا إذا كان كلامه صحيحا، فبذلك يشعر الإنسان بخوف وعتاب في الجنة أو ليست الجنة مكانا لا يوجد به مثل هذه المشاعر؟ وما حكمته عز وجل من هذه المعاتبة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

مرحباً بك -أيها الحبيب- في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا ونسأل الله تعالى أن يدخلنا وإياك الجنة.
ما ذكرته -أيها الحبيب- من نقل عن الشيخ المذكور قد ورد به الحديث الذي رواه الإمام الترمذي رحمه الله تعالى في جامعه وغيره، وهو حديث مختلف في صحته، وقد حكم عليه بعض العلماء بالضعف، ومنهم العلامة الألباني، ومال بعض العلماء إلى تقويته كما فعل ذلك ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه (حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح).

وسواء كان الحديث صحيحاً أو ضعيفاً فما فيه من المعنى ثابت، فالمؤمنون يلقون ربهم ويرونه، وهذه المحاضرة التي وردت في هذا الحديث المقصود بها مخاطبة الله تعالى للإنسان أو للمؤمن في الجنة بلا ترجمان، بل يكلمه سبحانه وتعالى من غير حجاب وبغير ترجمان، وهذا من ألذ ما يعطيه الله سبحانه وتعالى لأهل الجنة، وهو أعلى نعيم يتنعمون به، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى وجه الباري سبحانه وتعالى.

وهذه المحاضرة وذلك الكلام هو من جملة نعيم الجنة الذي يمن الله به على عباده المؤمنين فما تنعموا بشيء مما في الجنة كتنعمهم بلقاء ربهم وكلامه إليهم، ورؤيتهم له سبحانه، وهذا التذكير الذي يقع من الله تعالى لهم ببعض ذنوبهم مما يزيدهم سروراً أن الله عز وجل تجاوز عنهم، وغفر لهم ورضي عنهم، وبلغهم بمغفرته ورضوانه عنهم هذه المنازل لا بأعمالهم، فيزدادون بذلك سرورا وتزداد غبطتهم، ويعلمون أنهم إنما بلغوا ذلك برحمة الله تعالى لا بأعمالهم.

فليس المقصود بها الترويع ولا التخويف، وهم لن يجدوا ذلك، وليس في الحديث ما يدل عليه، إنما غاية ما فيه امتنان الله تعالى عليهم بغفرانه لهم وستره عليهم في الدنيا، وتبليغهم هذه المنزلة في الآخرة.

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى أن يبلغنا تلك المنازل إنه جواد كريم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً