الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي وساوس ثقيلة من أن ألا يتقبل الله عملي.. ماذا أفعل؟

السؤال

السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته.

منذ التزامي منذ سنتين إلا أنني أواجه مشكلة عويصة في تحقيق الإيمان، إذ تكثر علي وساوس من أفكار مختلفة دائما تجعلني مهزوزا.

فعندما أعمل عملا لا أعرف أدلة تقبل الله لهذا العمل، فتكثر الوساوس بأنه ليس مقبولا، ولا أعرف الحدود بين الرجاء في قبول هذا العمل والخوف من أن لا يتم قبوله، وعادة أميل إلى الرأي الثاني، فأقول أنه لم يقبل، وفي الصلاة مثلا إذا فاتتني فريضة أقرع نفسي باللوم الشديد حتى، وإن فاتتني بعذر شرعي، وألوم نفسي لدرجة- والعياذ بالله - اليأس من رحمة الله لي، وأنه لن يتقبلني، فكيف أفرق بين الرجاء في قبول العمل واليأس منه؟

وكيف أعرف أن العمل مقبول مني، ولم يرد علي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الماحي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فمرحبًا بك أيها -الأخ الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال.

أولاً: أنت مُحسنٌ -أيها الحبيب- في كونك تخاف ألا يتقبل الله تعالى منك العمل، ولكنك مُفرطٌ في هذا الخوف، والواجب على الإنسان المسلم أن يجمع بين الخوف والرجاء على جهة الاعتدال والتوازن، كما علمنا القرآن الكريم، وعلمنا رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم – فقد قال الله سبحانه وتعالى عن أنبيائه وأوليائه: {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبًا ورهبًا} وقال: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا} فكانوا يجمعون بين الرغبة والرهبة، فإذا عمل المسلم عملاً صالحًا ينبغي له أن يستحضر معنيين:

المعنى الأول: كرم الله تعالى وجُوده وتجاوزه ورحمته، فيدعوه هذا إلى إحسان الظن بالله سبحانه وتعالى، فيعتقد أو يظن أن الله تعالى سيقبل منه هذا العمل، وسيُثيبه عليه، وأنه لن يرده خائبًا، وسيتجاوز عن تقصيره فيه.

والمعنى الثاني – الذي يستحضره -: أن يستحضر عظمة الله سبحانه وتعالى وما يستحقه من العبادة على الإنسان، ويستحضر مع ذلك قلة العمل الذي عمله، وعدم إتقانه على الوجه المطلوب، وربما قصور في نيته أيضًا.

فهذه المعاني إذا استحضرها أورثته الخوف من ألا يتقبل الله تعالى منه، لكن المطلوب من هذا الخوف أن يكون باعثًا للإنسان على زيادة في العمل وإحسانه وإتقانه، فهذا هو المقصود بالخوف، والثمرة المرجوة من وراء الخوف.

أما إذا كان الخوف محبطًا للإنسان عن العمل مُيئسًا له من رحمة الله مُبغضًا إليه العبادات فهذا خوف مذموم لا يحبه الله تعالى ولا يريده، فإن الله عز وجل رحمته سبقت غضبه، ورحمته وسعتْ كل شيء، وليس أحد منا يدخل الجنة بعمله، ولكنها رحمة الله تعالى، وإنما العمل سبب من الأسباب.

فإذا وصل الإنسان المسلم لهذه الدرجة من الخوف الذي يُصاحبه القنوط من رحمة الله، فعليه أن يتوب، وأن يعلم أن فضل الله سبحانه وتعالى واسع، وأن جُوده وكرمه عميم، وأنه ليس بحاجة إلى عبادة عابد، فلا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين.

فإذا استحضر الإنسان المسلم هذه المعاني علم بأنه لا معنى إذن من القنوط من رحمة الله تعالى، ونحن على ثقة تامة بأنك إذا استحضرت هذه المعاني ستعالج ما أنت فيه من مشكلة.

أما هل قُبل العمل أم لم يُقبل؟ فهذا أمر غيبي – أيها الحبيب – لا يعمله أحد من الناس، ولكن إذا جاهد الإنسان المسلم نفسه فأدى العمل على الوجه الشرعي بأن أخلص النيّة فيه لله تعالى، وأدى العمل مستوفيًا صورته الشرعية - أداه بأركانه وشروطه، واجتنب موانع صحته – فإن المطلوب من المسلم بعد ذلك أن يُحسن الظن بربه سبحانه وتعالى، وأنه سيتقبل منه هذا العمل.

نحن نوصيك أيها الحبيب بأن تُحسّن ظنك بالله، وأن تعلم جيدًا بأن الله تعالى عند ظن عبده به، كما قال سبحانه في الحديث القدسي: (أنا عند ظنّ عبدي بي) وقال في بعض روايات هذا الحديث: (فمن ظنَّ خيرًا فله، ومن ظنَّ شرًّا فله).

فجاهد نفسك على إتقان العمل وإحسانه، وأحسن الظن بالله سبحانه وتعالى أنه لن يخيبك ولن يردك.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً