الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تنصحونني بتعلم أكثر من لغة عن طريق الانترنت؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لدي طموح في تعلم لغتين، إنجليزية وتركية، اللغة الإنجليزية تفيدني في الحصول على عمل مناسب، والتركية تفيدني في الدعوة وتصيح مفاهيم القيم السلامية للذين يتحدثون بهذه اللغة، الذين يكثر فيهم الخلاف في قيم الإسلام.

هل أستطيع تعلم هاتين اللغتين عن طريق الانترنت ومحادثات الشات؟ علماً أني ليس لدي مال يكفيني لدخول معاهد، فإني محدود الدخل، لذلك أريد أبحث عن طريق آخر.

هل الانترنت مفيد في تعلم اللغة؟ وكيف تنصحني في ترتيب الوقت؟ وما هي المواقع المفيدة في تلك اللغتين؟ عندما أدخل أحس بعدم الثقة بهذه الطريقة، وأضع وقتي في التنقل بين مواقع التواصل الاجتماعي فيصيبني إحباط شديد! فكيف أتجنبها؟

كم الوقت الممكن الذي يمكن للنفس أن لا تمل: ساعة كل يوم أو أكثر؟ كم بالتحديد أستطيع ضبط الوقت لكي لا تمل نفسي؟

أخيراً أرجو الله أن يمتعكم بالصحة والسعادة، لما في هذا الموقع من باب الشرح لهموم الناس، ومساعدتهم، فجزاكم الله عن المسلمين خير الجزاء، وأن يرحمكم في الدنيا والآخرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو البراء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجزيك عن الإسلام والمسلمين خيرًا، وأن يوفقك لطاعته ورضاه، وأن يجعلك من الدعاة إليه على بصيرة.

مما لا شك فيه أن اللغات تعتبر وسائل مواصلات، فكلما كانت اللغة متقنة، وكلما كان الإنسان يُجيدها ويُحسن التحدث بها، فإنه يكون أقدر على إقناع الآخر بوجهة نظره، وأقدر على إيصال المعلومة للطرف الآخر، وأقدر على رد الشبهات التي قد تُثار أيضًا، فتعلم اللغة الأجنبية ضروري جدًّا لنقل هذه الدعوة الإسلامية المباركة للناطقين بها.

لكن لأن المشروع الذي تريده ليس بمشروع هين، فأنت تريد أن تتعلم لغتين في وقت واحد، وهذا من الصعوبة بمكان، ولذا فإني أقترح بأن تجزئ المشروع إلى قسمين: أرى أن تبدأ (أولاً) بتعلم لغة واحدة وأن تتقنها، ثم بعد ذلك إن منّ الله عليك بإتقانها والإلمام بها تستطيع أن تتعلم اللغة الأخرى.

أما بما أنك الآن ذاكرتك أو حصيلتك من اللغات قليلة فأرى ألا تدخل في تعلم لغتين في وقت واحد، لأنك لن تحقق شيئًا معقولاً، قد تستطيع أن تتكلم اللغة، ولكن لا تستطيع أن تدعو غيرك إلى الإسلام من خلالها، وذلك لأن الإسلام له مصطلحاته الخاصة، وقد تتعلم اللغة ولا تكون داعية، فإن الإسلام يحتاج بجوار اللغة إلى علم شرعي، وكما ذكرت لك اللغة تمثل فقط خمسين بالمائة من العملية، وهي عبارة عن وسيلة مواصلات فقط، وما تحتاج إلى مادة تحمل هذه اللغة إلى الآخر.

إذن بدلاً من أن تضيع الوقت في تعلم لغتين، وقد لا تتمكن من الإلمام بهما بطريقة مؤثرة أرى – حفظك الله – أن تجزئ هذا المشروع الرائع إلى قسمين، وتبدأ في تعلم لغة واحدة، ثم بعد ذلك بعد الانتهاء منها تنتقل إلى تعلم لغة أخرى، لأنه ما زال هناك أيضًا ضرورة تفرض نفسها عليك، وهي تعلم العلوم الشرعية اللازمة لكي تكون داعية تنقل الناس من الباطل إلى الحق، ومن الظلمات إلى النور.

ثانيًا: – بارك الله فيك – هل الإنترنت يصلح لذلك؟ أقول مما لا شك فيه أنه وسيلة من وسائل التعلم، خاصة وأنه كما ذكرت من أن ظروفك المادية لا تسمح لك بالالتحاق بأحد معاهد تعلم اللغة أو مؤسساتها، فأنا أرى أن تستعين بالله تعالى ثم بهذه الوسيلة، وأن تكتب في (جوجل) كيفية تعلم اللغة الإنجليزية – على سبيل المثال – وسوف تخرج لك مواقع كثيرة متعددة ومتنوعة، وأنا شخصيًا من خلال بحثي أحيانًا بطريقة عشوائية عن بعض المسائل الشرعية أو غيرها أجد أن هناك مواقع فعلاً تشرح اللغة وتحث الناس على الالتحاق بها مجانًا، فأرى أن تدخل لأي موقع من مواقع البحث، وأن تجتهد في ذلك، ولكن كما ذكرت لك أنك في حاجة إلى تعلم لغة منفردة، ثم بعد الانتهاء منها تنتقل إلى غيرها.

قضية الوقت اللازم: هذا يتوقف على ظروفك أنت، ويتوقف أيضًا على مدى الذكاء الذي تتمتع به، ويتوقف أيضًا على مدى الانشغال الذي يحيط بك، فهناك المنشغل، والمشغول لا يُشغل كما يقولون، وهناك الإنسان الفارغ المتفرغ الذي ليس لديه عمل، وهناك الإنسان الذكي الفطن اللبيب الذي يتمتع بحافظة قوية حديدية، وهناك الإنسان العادي الذي يحتاج إلى مجهود وإلى مراجعة الكلمة عدة مرات حتى يحفظها.

لذا أرى أنه لا توجد هناك قاعدة، وإنما هذا أمر يخضع لظروفك أنت، فانظر في ظروفك، وتستطيع أن تُحدد الوقت بناء على هذا الكلام الذي أشرت إليه، وأهل مكة أدرى بشعابها، لأنك تعرف نفسك وتعرف شواغلك وتعرف مستواك العلمي ومستواك الدراسي ومستواك أيضًا الحفظي، إلى غير ذلك.

ابدأ بالشيء الذي يتناسب مع ظروفك، وكما قال أهل العلم: ابدؤوا بصغار العلم قبل كباره، أيضًا أنصحك بأن تبدأ ولو بوقت بسيط – عشر دقائق، ربع ساعة، نصف ساعة – ثم تستطيع بعد ذلك أن تنطلق، حتى لا تُصيب نفسك بالملل، فإن التدرج أمر رائع، وهو سنة كونية، فعليك بالتدرج واحدة بعد واحدة، وانظر إلى التعليم الآن يبدأ من الروضة فالابتدائي فالإعدادي فالثانوي فالجامعة فصاعدًا، فعليك بالتدرج الذي يتناسب مع ظروفك، وأنا واثق - إن شاء الله تعالى – من أنك بحسن ظنك وصدق توكلك على الله ونيتك الحسنة سوف يفتح الله لك فتحًا كبيرًا، وفتحًا مبينًا.

عليك فوق ذلك كله بالدعاء، والحرص على أذكار الصباح والمساء، والإكثار من الصلاة على النبي - عليه الصلاة والسلام – بنية أن ييسر الله لك تعلم اللغة، حتى تكون من الدعاة المتميزين الذين يصرفون الناس عن الكفر إلى الإسلام، ويُخرج الله بهم العباد من الظلمات إلى النور.

أسأل الله أن يشرح صدرك، وأن ييسر أمرك، وأن يوفقك لطاعته ورضاه، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً