الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يعتبر عدم النطق الصحيح للقرآن كفرا أو استهزاء بالدين؟

السؤال

أنا -يا شيخ- عمري 14 سنة، وعندي سؤال يقلقني:

في شهر رمضان كنت أقرأ جزءا من القرآن، وهناك كلمة لم أعرف كيف أنطقها، ناديت أخي لكي ينطقها، ولكنني شعرت بالخوف!! يمكن يخطئ فأضحك وأخاف أن أكون مستهزئا بالدين، ثم إني قرأتها ولم أجعل أخي يقرأها، وحاولت أن أقرأها صحيحة، ولما قرأت ولم أعرف أنطقها صحيحة ضحك علي أخي؛ لأني لم أعرف أنطقها، قلت لأخي: إنها كلمة صعبة أحاول نطقها؛ فقرأتها بشكل صحيح ثم أكملت قراءتي للقرآن.

بعد الانتهاء من قراءتي للقرآن خفت أن أكون مستهزئا بالدين، وكنت أستغفر الله وأتوب إليه، وكنت أبكي، وأنطق الشهادتين مرة أخرى بكل إخلاص خوفا من أن أكون كافرا؛ لكي أسلم.

ولكن يا شيخ هل أنا أعتبر كافرا؟ وهل هذا الذي وقعت فيه يعتبر استهزاء؟

أرجو الرد والبيان يا شيخ، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الولد الحبيب- في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا، ونسأل الله تعالى أن يجنبك كل سوء ومكروه، ونشكر لك حرصك على المحافظة على دينك، والخوف من الوقوع في الكفر؛ فهذا الخوف مطلوب من الإنسان في حد الاعتدال، بحيث يحذر الإنسان على نفسه من الوقوع فيما يُسخط الله تعالى من: المكفرات، أو المنكرات، أو ما دونه، ولكننا نلحظ في كلامك نوع مبالغة وغلو، ونخشى عليك من الوقوع تحت تأثير الوسوسة، فإن الوساوس شر مستطير إذا تسلطت على الإنسان أفسدت عليه دينه ودنياه.

ولذا نحن نحذرك من الانجرار وراء هذا المسلك، ونأمل إن شاء الله سبحانه وتعالى أن تأخذ نصيحتنا هذه بعين الاعتبار؛ فإنها ستريحك من عناء كبير لم تقع فيه بعد.

ما ذكرته -أيها الحبيب- ليس فيه أي استهزاء بالدين؛ فإن محاولة قراءتك للكلمة وعدم نطقك بها صحيحة، أو ضحكك على نفسك ليس فيه استخفاف بالقرآن الذي قرأته، ومن ثم فلا وجه لأن تحزن أو تهتم أو تظن أنك قد استهزأت بالقرآن، فاصرف ذهنك عن التفكير في مثل هذا، ولا حاجة لأن تُعيد النطق بالشهادتين بنية الدخول في الإسلام، فأنت على إسلامك، واحذر أن يجرك الشيطان للوقوع في حبائله، وأن يُدخل الحزن إلى قلبك ويوهمك بأنك كفرت بدينك؛ فإنه يريد بذلك أن يُبغض إليك عباداتك، وأن يثقل عليك هذا الدين، فاحذر غاية الحذر من الانجرار وراء خطواته.

واعلم أن الله سبحانه وتعالى لا يُحب هذا النوع من الورع أو الخشية؛ لأنها خشية مصدرها وساوس الشيطان، والله عز وجل لا يرضى منا أن نتبع خطواته، كما قال سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان}.

ونصيحتنا لك -أيها الحبيب-: أن تتلقى القرآن على يد المعلمين من القراء الذين يُحسنون القراءة، فإنك إذا فعلت ذلك آجرك الله عز وجل أجرين: أجر القراءة وأجر التعلم، كما ورد بذلك الحديث الصحيح: (والذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق له أجران) وقد أفتى العلماء بأنه لا يجوز للإنسان أن يقرأ القرآن وهو لا يُحسن قراءته، فالشيء الذي لا تُحسن قراءته لا تتكلف قراءته بنفسك، فاقرأ ما تُحسن قراءته إذا أردت القراءة وحدك، وتوجه إلى من يعلمك إذا أردت قراءة ما لا تُحسن منه، وبذلك تظفر -بإذن الله تعالى- بثواب جزيل وتسلم من الوقوع في الخطأ في قراءتك لكتاب الله.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً