الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عندما تنعدم المشاعر الزوجية،أيهما أفضل، الاستمرار أم الانفصال؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عاملة، عمري 27 سنة، طموحة، اجتماعية، لدي الكثير من الأصدقاء المتميزين ثقافياً، وفكرياً، وقد كنت أتمنى أن أتزوج رجلاً يتحلى بتلك الصفات، لكن شاء الله أن يجمعني بخطيبي الذي يختلف عما تمنيت.

وافقت على الارتباط به؛ لأنني وصلت لمرحلة الفراغ العاطفي، وأخشى العنوسة التي تهدد الكثير من الفتيات في أسرتي، رغم افتقاره للعاطفة، واعترافه لي بسر يهدد مستقبل الإنجاب عندي، كذلك عدم وجود توافق بيننا، إضافة إلى برودة المشاعر، وقلة الكلام بيننا، ناهيك عن وضعه المادي، حيث أنه متوسط الحال مقارنة بوضعي الاجتماعي والمادي، والفرق في طريقة الحياة، والمعيشة بين مستواي ومستواه، ويستطيع تحسين مستواه المعيشي بالسفر، والعمل بالخارج بمؤهلاته العلمية، ولكنه يرفض ذلك.

أصبح وجوده في حياتي، وزيارته لبيتنا عبئا يجلب الكآبة، ولا أعرف هل المشكلة لدي أم لديه، أم أن الإرهاق الجسدي الذي أتكبده من عناء العمل أثر على مشاعري نحوه.

أصبحت أشعر أنه خطبني طمعا في راتبي، حيث أنه طلب مني القيام ببعض النفقات بحفل خطوبتي، وبالمقابل جربت أن أطلب منه فتجاهل طلبي، مما أشعرني ببخله.

أرغب في فسخ الخطوبة، ولكنني أخشى ردود أفعال المحيطين حولي، من صديقاتي وأهلي.

سؤالي: ما هو القرار الصواب، الاستمرار أم الانفصال؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ zeina حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لك التواصل، وحسن العرض للاستشارة، وهذا النضج والفهم، الذي نتمنى ألا يكون سبباً في إيقاف هذه العلاقة، التي سُرَّ بها الأهل، والتي قلت يتمناها كل أحد، ونعتقد أن مرحلة العواطف -العواصف-، هي مرحلة ستأتي، فلا داعي للاستعجال لمثل هذه المرحلة، وأنت قلت أنك قليلة الكلام، وهو قليل الكلام، ونحن في مجتمعات عربية، تدين بهذا الدين العظيم، يصعب على الإنسان أن يتكلم بمثل هذه الأمور، ولكن عندما تسير، وتُصبح الحياة الزوجية، وتنتهي ليلة الدخلة، والزواج الرسمي، عند ذلك ينبغي أن يتغير الوضع، رغم أن تغيير الوضع قد يحتاج لبعض الوقت، لكن هذا لا يعني أن هذا مستحيل.

وإذا كنت تفكرين في أن تجدي رجلاً بلا عيوب، فهذا تفكير غير صحيح، كما أن النساء لسن بلا عيوب، فكلنا ذلك الناقص، وكلنا أصحاب أخطاء، وخير الخطائين التوابون، و-الحمد لله- جوانب النقص قليلة، والإيجابيات كثيرة، ومن الإنصاف أن نضع الإيجابيات في كفة، والسلبيات في كفة، ثم نقارن، وعندها سنقول (كفى بالمرء نُبلاً أن تُعدَّ معايبه، إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث، من الذي ما ساء قط؟ ومن الذي له الحسنى فقط؟).

أما فكرة الاختبار، وفكرة البخل، فنحن نرفضها، لأنها لا تعطي معايير حقيقية، فأهل الفتاة يريدون أن يروا كرم الرجل، وأهل الرجل يحذروه أن يعبث بأمواله، ويضيعها، فهناك تفكير شعبي منطوق، أو غير منطوق يؤثر على الطرفين، ونعتقد أن الرجل إذا كان صالحاً، وكان محباً لزوجته، وقامت بمساعدته، فهذا من حسن المعاشرة، إلا أن الشرع يُلزمه هو بما هو واجب، أما الاحتفالات، أما الإهداءات، أما المناسبات التي أصبحت عديدة في الزواج؛ فهذا كله مما لا يلزم الزوج القيام به، ولا نريد الزوجة أن تساير المجتمعات، خاصة المتعلمات، الناضجات من أمثالك، ينبغي أن يكون لهم مواقف في مثل هذه الأمور.

على كل حال نحن لا نؤيد فكرة الانسحاب، ونذكرك بأن فرص الزواج قليلة، وأن وجود الشاب بهذه المواصفات -أيضاً- قليل جداً، وأن وجود عيوب، أو نقص فيه، هذا لا يخلو منه أي رجل، ولا تخلو منه أي امرأة، والمعيار الشرعي (إن كرهَ منها خُلقاً رضي منها آخر)، (إن كرهتْ فيه خُلقاً رضيتْ منه آخر)، والنجاح هو أن ننمي الإيجابيات، ونقوم بتشجعيها وتعزيزها، ونحاول أن نتأقلم مع السلبيات، ثم نسعى في تغييرها.

أيضاً لا نريد فكرة أن كل طرف يريد أن يغير الثاني، ليكون على منهاجه، ونمطه، فالناس بخير -كما قال الشعبي– ما تباينوا، فإذا تساووا هلكوا، والحياة الزوجية تبدأ بالتعارف، ثم بالتأقلم، ثم بالتنازل، ثم بالتفاهم، ثم بالتعاون، وصولاً إلى الوفاق التام، الذي قد يحتاج لسنوات حتى يفهم الشريك شريكته، تفهم الزوجة زوجها، وعلى الحقيقة؛ الأمر يحتاج إلى شيء من الوقت.

وأرجو أن تعلمي أن العمل، والوظيفة، والدراسة، لا يمكن أن تكون بديلاً للزوج، وأن من فرطنَ في الأزواج ندمنَ أخيراً، وكأني بإحداهنَّ تقول: (خذوا شهاداتي كلها وأسمعوني كلمة ماما)، فللنساء خُلق الرجال، وللرجال خلقت النساء.

نسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يجمع بينك وبينه على الخير، وأن يلهمكم السداد والرشاد، ونحب أن نؤكد لك: أن تشجيعك له؛ له أثر كبير جدًّا في رفع معنوياته، وفي تحسين أدائه، وفي إقباله عليك، فكوني تلك الفتاة التي تُشجع، وتسلط على الإيجابيات، ولا تحاولي أن تختبريه، وتختبري كرمه، ومثل هذه الممارسات التي -وللأسف- أصبحت شائعة بين الفتيات.

نسأل الله لنا، ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً