الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعرفت عليه عبر النت، فكيف السبيل إلى الزواج به؟

السؤال

السلام عليكم.
أولاً أشكركم على هذا الموقع الأكثر من رائع، جعله الله في موازين حسناتكم.

أنا فتاة عمري 21 سنة، تعرفت على شاب قبل ثلاث سنوات، وعمره الآن 25 سنة، تعرفت عليه بالصدفة في إيميلي، ومع الوقت أحبني واعترف لي، ووضح لي أنه ليس لديه نية سيئة، ويريد أن يأخذني بالحلال، فرفضت؛ لأن طريقة تعارفنا كان خطأً، فأصر كثيراً أنه يريدني بما يرضي الله، وبعد تفكير طويل وافقت، واشترط أن نبدأ صفحة جديدة، ولا نذكر الماضي مهما ساءت ظروفنا، ومهما حدث لا نعرف الماضي، لأن كانت له علاقة قديمة بحياته واعترف لي، وندم لأنه أخبرني.

وافقت على شرطه، ثم تبين لي بالصدفة أنه من نفس منطقتي التي أعيش فيها أنا، وقال لي: إن له أختاً واحدة وتدرس في الجامعة، وكانت أخته في نفس الجامعة التي أدرس فيها، فقال: فرصة، أريدك أن تتعرفي على أختي، والباقي علي.

أعطاني اسمها الكامل، وبأي قسم تدرس، وبدأت بالبحث عنها، ورأيت الفتاة، وفرحت ووثقت فيه أكثر، وكانت أخته في السنة الأخيرة من الدراسة قبل أن تتخرج، فكانت فرصتي أن أستغل آخر سنة وأتعرف عليها.

سجلت أغلب موادي معها لكي نكون في نفس القاعة معاً، وفعلا تعرفت عليها وأصبحنا صديقتين، وفرح هو بذلك، وبدأ يلمح لأخته ويذكر مواصفاتي، وقال لها اسمي وقبيلتي لكي تعلم، وهي لم تسمع الكلام، وقالت له عن فتيات أخريات غيري، وتغيرت نظرتها لي بعد أن فاتحها أخوها في الموضوع.

طبعا الذي أعلمه من الفتاة أن عائلتهم جدا متدينة، والفتاة جداً ملتزمة -ثبتها الله-، وقد تخرجت بعد أن حاولنا بشتى الطرق، ولمحت أنا لها، ولمح هو لها، وهي رافضة أن تفهم، فقررت أن أعزمها لبيتنا وهكذا، لكنها رفضت فهي لا تزور حتى أقرب صديقاتها، ومستحيل أن تزورني أنا.

يئست كثيراً، وتعبت وأرقني هذا الموضوع، وأنا تعلقت بأخيها، ووثقت فيه، وهو عند كلمته ولا يريد غيري، وأنا واثقة، ولكن ما يحزنني أنني لا أريد أن أفعل شيئاً يغضب ربي، وأخاف أن أموت وربي غير راضٍ عني، تعبت وأنا أبحث عن حل لموضوعي، حتى لا يشكون أهله وأهلي في الموضوع، ولا أريد أن أكلمه وليس بيننا شيئاً رسمياً يجعلني أرتاح معه.

من بعد الله ليس لي أمل إلا موقعكم الراقي، والذي أحس أنه قد حل الكثير من المشاكل بكل أنواعها، أنا أريده وهو يريدني، ولكن ما هي الطريقة التي توصلنا لبعضنا وربي راضٍ عنا، ثم أهلي وأهله؟

أتمنى أن تحلوا مشكلتي، ولكم جزيل الشكر وجزيل الدعاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نهلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك -أختنا الفاضلة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت بالحديث عنه -أختنا الفاضلة-، فنحب أن نجيبك من خلال ما يلي :

أولاً: نحن نتفهم تماما مشاعرك كفتاة تريد الارتباط والزواج والاستقرار، وتؤمن أنه لا تستجلب عطاءات الله بمعصية الله، وتعتقد أن ما قامت به من تعارف والحديث إليه أمر مرفوض شرعاً، لأن الأصل أن لا يجوز بناء علاقة ولو بالحديث بعيدة عن محيط الأسرة، وهذا أمر يحمد لك -أختنا الفاضلة- نسأل الله أن يثبتك على الحق.

ثانياً: نحب أن نطمئنك حتى تهدئي من روعك، لن يكون إلا ما قدر الله وقضى، فلا تخافي ولا تجزعي وأملي في الله خيرا، إذ كيف يخاف أو يحزن أو يقلق أو يضطرب من يعلم أن الله كتب عليه كل شيء، وأن الله قد فرغ من كل شيء قبل أن يخلق السموات والأرض؟! فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : "أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء "، في الوقت الذي لم تكن السماوات والأرض قد وجدت، بل بينهما خمسين ألف سنة، كتب الله لك وعليك كل شيء، إذا آمنت بذلك واقتنعت تماما به علمت قطعا أن خوفك وقلقك ليس في محله، فقد رفعت الأقلام وجفت الصحف، ولم يبق إلا ما كتبه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

ثالثاً: نحن لا نرى أي مشكلة أن يفاتح الولد أباه، والرجل من منطقتك، وهذا يسهل الأمر وييسره، فيمكنه أن يخبر أهله أنه قد سمع عن بيتكم وأن فيه فتاة جامعية صالحة، وأنه يريد أن يتزوجها، ويتقدم والده إلى والدك بصورة طبيعية بدون أي تكلف، وحتى يفعل والده هذه الخطوة عليك -أختنا- أن تكفي عن الحديث إليه، فهو أجنبي، والقلوب بيد الله يقلبها كيف شاء، وما تريدينه اليوم قد ترفضينه في الغد، وكذلك هو، فحتى لا تقعي فيما حرم الله، ولا تنصدمي في شيء، نرجو أن تقطعي تواصلك معه حتى يأتي خاطبا، وثقي أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيراً منه.

رابعاً: إننا ننصحك أختنا بما يلي:
1- علمنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- أن نفزع إلى صلاة الاستخارة عند إرادة فعل ما، وهذه سنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإننا نشير عليك بها، فما ندم من استخار، وقد كان جابر -رضي الله عنه- يقول : كان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن وكان يقول -صلى الله عليه وسلم- : إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ:( اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ, وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ, وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ, وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ, وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ, اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (هنا تسمي حاجتك ) خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ, فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ, اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (هنا تسمي حاجتك ) شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ : عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ , فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ ارْضِنِي بِهِ. وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ). لذا نريد منك ابتداء الصلاة.

2- تسليم الأمر لله، وثقي أن الله سيقدر لك الخير ولا تخافي ولا تقلقي ولا تحزني على شيء إن قدر الله الزواج فاعلمي أن هذا خير، وإن لم يقدره الله فثقي أن تقدير الله هو الخير، ولعل الله يدخر لك من هو أفضل لك وأحسن.

3- وأخيراً: عليك بالدعاء -أختنا الفاضلة- أن يوفقك الله لخير الأمور وأن يختار لك الخير وأن يرضيك به، واعلمي أن العبد ضعيف بنفسه قوي بربه، وأن الله قريب مجيب الدعاء، وأن الدعاء سهم صائب لا يخيب طالبه، فلا تيأسي -أختنا- وعلى الله توكلي.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً