الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من قلة الثقة في نفسي وقلة القناعة فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أبلغ من العمر 17 سنة، لا أعرف من أين أبدأ؟

مشكلتي باختصار: أنا أعاني من قلة الثقة في نفسي، تعبت نفسيًا من هذا الشيء، أي كلمة وأي نظرة يمكن أن تؤثر علي وتجعلني أخسر الكثير، في هذه الفترة أعاني من هذا الشيء بشدة.

خلاصة الموضوع: أني ذهبت لدكتورة أسنان وقالت: إن أسناني الأمامية تحتاج لحشوات أسنان؛ لأن بها نخرا، مع أني لا أرى إلا سناً واحداً به نخر بسيط جدًا، والمصيبة أن هذا الموضوع جعل ثقتي بنفسي تتدهور، أشعر أني لست كباقي الناس، مع أن كثيراً من الناس يعملون حشوات لأسنانهم والأمر طبيعي، لكن أنا أقول في نفسي: سيتشوه شكلي وتذهب صحتي، ولن أستطيع أن آكل براحتي، وهكذا.

صراحة أشعر أني سخيفة وأنا جالسة أتكلم عن موضوع مثل هذا، وأقول: إنه سبب لي أزمة، وأعلم أن غيري يعاني أكثر من هذا لكن عندهم روح مرحة، وتقبل للأمور.

عدم الثقة بالنفس عندي أشعر أنه كل سنة يزيد عن السنة التي قبلها إلى أن أصبح لا يوجد ولا واحدا بالمائة، طبعًا هذا شيء متوارث عند كل إخوتي ولكن أنا زيادة، ولا أدري هل هو متعلق بعمري، أو أن تفكيري سخيف؟

علماً أن الشيء الذي لم يعجبني هو شكلي؛ لأني أفكر بالجمال زيادة عن اللزوم، ومستعدة أن أعمل أي شيء؛ حتى يصير شكلي جميلاً، وإذا انتقدني أي أحد على ملابسي أو شعري أو طريقة مكياجي أتأزم.

أيضاً عندي صفة لا أحبها أبدًا وهي أني أقارن نفسي بغيري كثيرًا، وليس عندي قناعة، وأكره هذا الشيء جداً جداً، يعني مثلاً إذا رأيت فتاة وأهلها يعطونها الحرية تروح وتذهب مثلما ترغب؛ أقول: لماذا أنا أهلي لا يثقون بي ولا يدعوني آخذ راحتي؟ وهكذا، لكني لا أحسدهم أبدًا بل على العكس، كل ما فكرت هكذا؛ أذكر الله وأقول: الله يحفظ لهم نعمهم ويرزقنا.

يعني عندي مشكلتان:

1- لا أثق بنفسي أبدًا، وبالأخص لا أثق بشكلي حتى لو سمعت كلمات المديح أقول: إنها مجاملة.

2- أفتقد القناعة وأنظر في أشياء غيري، حتى حينما أرى عندي عيباً أبحث عن أناس فيهم نفس عيبي؛ لكي أهون على نفسي وأقول: لست أنا فقط.

أيضًا مشكلة أسناني سببت لي أزمة، وكلما اقترب موعد أسنان لي؛ تتعب نفسيتي وأتأزم، يعني تقريبًا لي أكثر من شهر وأنا أحمل هم أسناني: كيف ستصبح بعد الحشوات؟ وأبكي عليها، والله الموضوع لا يستاهل، لكن لا أدري لماذا أنا هكذا؟! حتى أني أبحث في النت عن الحشوات والناس يكتبون مشاكلهم مع الحشوات وأنا أتوتر.

ممكن تقولون: إن هذه مشاكل سخيفة والمفروض ألا أطرحها هنا، لكن والله مستحيل أن أتكلم مع أحد أعرفه عن مشاكلي حتى ولو كانت سخيفة، ولهذا أحاول أن أكتب مشاكلي لمواقع مثل موقعكم.

وأخيرًا جزاكم الله كل الخير، وعذرًا على الإطالة وشكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رهف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لك على التواصل معنا بما في نفسك، وفي الحقيقة ليس هناك سؤال سخيف وغير هام، وسؤال غير سخيف وهام، فالسؤال سؤال، ومن حق صاحبه أن يطرحه وكما يشاء، طالما أن الموضوع يقلق صاحبه، فهو بالنسبة إليه هام، وكثير الأهمية، فلا تقلقي من هذا الجانب.

ومن قال: إن الاعتناء بالمظهر من الأمور السخيفة، بل هو من الأمور الهامة في معنويات الشخص وثقته في نفسه، وخاصة ربما عند الفتيات أكثر من الشباب، ولا يتعارض هذا مع الإيمان والتوكل على الله تعالى.

من الواضح أنك فتاة شابة حساسة، حساسة على مظهرك وأسنانك... وحساسة من انتقاد الناس وكلامهم... وليس هذا بالغريب، وخاصة في مثل عمرك، حيث أنت الآن في مرحلة النمو الاجتماعي من نمو الشخصية، تبحثين عن مكانك في المجتمع، وعن علاقاتك بالناس الآخرين، وستتجاوزين هذه المرحلة التي أنت فيها، من خلال الزمن القصير، ومن خلال اكتساب خبرات الحياة، والتعامل مع نفسك ومع الآخرين.

طبعًا ربما يفيد -إن استطعت فليس هذا بالأمر السهل، وإن كان من السهل الحديث فيه إلا أن التطبيق شيء آخر، من المفيد- محاولة التقليل من المقارنة بالآخرين، وكما يقال: "من راقب الناس وقارن بهم مات همّاً". وخاصة إذا تذكرنا أن إرضاء الناس غاية لا تُنال، فمهما حاولت إرضاءهم؛ فلن تتمكني من ذلك، فلا تحاولي أصلاً، وبصراحة الناس مشغولون بقضاياهم، وليس عندهم وقت لك أو لغيرك، فالتفتي لنفسك، واتركي الناس يلتفتوا لقضاياهم.

لا أدري إن شرحت لك طبيبة الأسنان بالتفصيل ما هي حشوة الأسنان، فالحشوة بشكل عام تكون فرصة لتجميل الأسنان وليس لتشويهها، وتكون فرصة أيضًا؛ للتخلص من الآلام لا تسبيبها. ولا ننسى أن علاج الأسنان مرحلة مؤقتة وتنتهي، وحاولي أن تنتهي منها في أسرع وقت، وينتهي الأمر.

حاولي خلال الأسابيع القادمة أن تركزي أكثر على الإيجابيات في حياتك، وهي لا شك كثيرة، في شخصيتك، وفي قدراتك، ومواهبك وما منحك الله تعالى من النعم {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}، وحتى يمكنك أن تكتبي بعض هذه الإيجابيات في دفتر صغير في جيبك، تنظرين فيه بين الحين والآخر، ويمكنك أيضاً أن ترددي بعض هذه الإيجابيات أو الأفكار الإيجابية على نفسك، فنحن في كثير من الأحيان؛ ما نفكر فيه، وما نعتقده عن أنفسنا.

أرجو أن تفكري بنفسك خيراً، فأنت هامّة، هامة عند الله، وعند أسرتك، وأنت هامّة جدًا في حياتك، فاحرصي على نفسك، وقدّريها.

وفقك الله، وعزز ثقتك في نفسك، وجعلك من الموفقات السعيدات، دنيا وآخرة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الكويت جنى

    بالضبط نفس مشكلتي

  • السعودية دانيه

    ثقي بنفسك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً