الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب على الرجل أن يتزوج فتاة بنفس شخصيته؟

السؤال

السلام عليكم.

وأشكر الدكتور المتميز / محمد عبد العليم، وأريد أن أسأله هذا السؤال في الطب النفسي: وجدت في أحد المواقع في الإنترنت تحذيراً للبنات من أن تتزوج بشخص سيكوباتي، أو شكاك، أو غير ذلك، وبما أن الأمر كذلك فالشخص السيكوباتي يريد إشباع حاجته الجنسية، كما أنه محتاج لزوجة لتشاركه الحياة وتعينه على مصاعبها، فهل خلق الله هؤلاء الناس لعدم الزواج بهم أم ماذا؟
وفي علم الطب النفسي توجد الشخصيات التالية:
الشخصية الاضطهادية.
الشخصية الشبه فصامية.
الشخصية السيكوباتية.
الشخصية الهستيرية.
الشخصية النرجسية.
الشخصية البينية.
الشخصية غير الناضجة وجدانيًا.
الشخصية الدورية.
عسير المزاج.
الشخصية الانطوائية.
الشخصية المتحاشية.
الشخصية الانهزامية
الشخصية السلبية العدوانية.
الشخصية الاعتمادية.
الشخصية العاجزة.
الشخصية القهرية.

حتى يكون الزواج ناجحًا وبدون مشاكل، ويكون فيه استقرار وطمأنينة وإرضاء للطرفين هل يجب على الرجل أن يتزوج فتاة بنفس شخصيته، أم يجب أن تكون شخصيتها شخصية أخرى؟ وإذا كان الصحيح أن يتزوج الرجل بفتاة من شخصية أخرى, فهل لك أن تبين لنا يا دكتور الشخصية المناسبة لكل شخصية من الشخصيات سالفة الذكر؟ بمعنى مثلاُ أن تذكر لنا أنه إذا كان مثلاُ الرجل سيكوباتيًا فعليه أن يتزوج بامرأة نرجسية، وهل لهذه الأشياء قواعد في الطب النفسي؟

وأريد أن أسأل هذا السؤال في الطب النفسي: بعد قراءتي لكتاب في الطب النفسي وجدت أنه توجد عدة شخصيات سيئة تأتي بالوراثة مثل السيكوباتي، والنرجسي، والأناني، والحاقد، وشبه الفصامي، والمتكبر، وغيرها، وهذه الشخصيات لا ينفع معها التربية، وليس لها علاج، وخصوصًا السيكوباتي، وقد يكون الأب والأم شخصياتهم جيدة، ويأتي الأولاد عندهم شخصيات سيئة، فهل يجب علينا عدم الإنجاب خوفًا من أن تأتي هذه المشكلة من باب قطع الشك باليقين؟ وإذا جاء مثلا طفل سيكوباتي من المسؤول عن الجرائم التي سيفعلها؟
وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

سؤالك سؤال جيد – أيها الفاضل الكريم – والذي أبدأ به وأقول لك: إن المعايير التشخيصية لشخصيات الناس لا يمكن أن نقول أنها معايير دقيقة مائة بالمائة، فالشخصية تُشخَّصُ من خلال ما يعتقده الإنسان حول نفسه، وملاحظات الآخرين حوله، ورأي المختص فيه، وتطبيق بعض المقاييس التي تُسمَّى بـ (مقاييس الشخصية).

على ضوء هذه الأربع الأسانيد يمكن أن تُحدد شخصية الإنسان، لكن لا أستطيع أن أقول إن ذلك بدرجة دقيقة.

الشخصيات – أيها الفاضل الكريم – في إطارها التشخيصي الكامل – أي التي تنطبق عليها كل المعايير – قليلة ونادرة جدًّا، الناس في معظمها تحمل سمات من هنا وسمات من هناك، كلنا لديه شيء من الهستيريا، كلنا لديه شيء من النرجسية، كل منا لديه شيء من عدم النضوج وعسر المزاج والانطوائية أو عكسها، وهكذا.

إذًا: الحدود الفاصلة ما بين هذه الشخصيات لا أستطيع أن أقول إنها واضحة مائة بالمائة، لكن هنالك قلة قليلة من الشخصيات بالفعل تجد أن المعايير التشخيصية منطبقةٌ عليها، على وجه الخصوص الشخصية البيِّنيَّة، أو الشخصية الحدِّيَّة، وكذلك الشخصية السيكوسباتية، والاهتمام بهاتين الشخصيتين نشأ من وجودهما في ساحات الجريمة والمخالفات، لذا نشأ اهتمام كبير بهما.

الحقيقة التي أريد أن أُثْبِتها وأُثَبِّتها لك الآن – أيها الفاضل الكريم، وقطعًا أعجبتني اطلاعاتك- هو أن الشخصية يمكن أن تتطور، كنا نقول فيما مضى: إن الشخص السيكوسباتي لا يصلح فيه العلاج ولا العقاب، وهذا الكلام ليس صحيحًا الآن، هؤلاء يمكن أن يُقدَّم لهم الكثير، وهنالك نضوج تلقائي خاصة بالنسبة للشخصية البيْنيَّة، أو ما يُعرف بالشخصية الحدِّية، والتي تكثر ما بين الإناث.

أخِي الكريم: الزواج قطعًا ليس فقط يعتمد على الشخصية، وإذا كانت الشخصية معياراً أساسياً، فهنالك أمور أخرى أساسية، فلا أقول إن شخصية كذا يجب أن تتزوج شخصية كذا، لا، هذا ليس أمرًا صحيحًا أبدًا، وكثيرًا ما يتعدل السلوك الإنساني من خلال اختيار شخصية مضادة لشخصية الإنسان، ومما هو معروف أو يُذكر كثيرًا أن لكل ساقطة لاقطة، كل إنسان يجد من يُناسبه، مثلاً الشخصية الهيسترية تُوصف بأنها شخصية مُحبَّة جدًّا، لكنها شخصية فاشلة كزوج، فالشخص الذي يريد الاستمتاع ويريد الهزل يتزوج الهيستيرية، والشخصية النرجسية شخصية لطيفة في بعض الأحيان، لكن اختراقها صعب جدًّا، لذا ربما يناسبها شخص سيكوسباتي، حتى يُغيِّر من طباعها وتُغيِّر هي من طباعه، وهكذا.

سؤالك جميل جدًّا، والأمر فيه الكثير من التعقيدات، لكن الذي أريد أن أصل إليه أن الشخصية يمكن أن تُعدَّل، يمكن أن تُعالج، يمكن أن تُطبَّع، ليس كما كان يُعتقد سابقًا.

أما الوراثة – أخِي الكريم – فهي قد تكون عاملاً مُهيئًا إذا توفرت الظروف الأخرى، لا نستطيع أن نقول: إن هنالك إرثًا مباشرًا يتبع قوانين (مانديلاً) لا، هذا غير موجود، ربما يكون هنالك جينات صغيرة يمكن أن تورَّث، وقد تطغى عليها جينات أفضل مما يُقلل من فعاليتها وخُبثها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً