الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلما صحوت أجد رغبة في النوم، وتراودني وساوس الموت!!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أرجو من الله ألا تكونوا مللتم من كثرة شكواي، وكم أتمنى -يا دكتور محمد- أن تزور مصر لكي أراك.

أنا الآن أصحو من النوم وأريد أن أنام طوال اليوم، وأحس بثقل شديد في رأسي، وأنا جالس أركّز في الحاسب، وأحس بشيء مفاجئ؛ وهو عبارة عن غفوة أو إحساس بالإغماء مع فزعة، لا أعلم لماذا؟! وكل يوم والأعراض تزداد.

تراودني كثيرًا وساوسُ بأني سأموت أو سيأتي لي مرض في القلب أو في رأسي، ولكني لم أعطها أهمية، غير أنى اليوم كشفت على نسبة السكر، وكانت طبيعية.

أنا الآن مستمر على دوائي مثلما كنت في الاستشارة السابقة، ولكني اليوم وبسبب شدة المرض والتعب رفعت جرعة (السيبرا برو) إلى قرص كامل، مع قرص (دوجماتيل) صباحًا فقط، وربع قرص (ميرتيماش) مساءً بدلًا عن (الريميرون)، ولا أعلم ماذا أفعل؟ هل أترك أو أستمر في العلاج؟

أريدك أن تساعدني على اتخاذ القرار المناسب، وإن استمررت، فلماذا كلما رفعت الجرعة أجد نفسي يومين أتحسن ويومين أمرض؟! لا أعلم ماذا عليّ أن أفعل!

فوضت أمري إلى الله خالق كل شيء وخالق هذا الابتلاء الشديد؛ فإن كان يريد أن يأخذني، فليرحمني به، وإن كان يريد أن يعذبني طول حياتي، فإني –والله- راضٍ بهذا العذاب.

شكرًا لك -طبيبي العزيز-، وأسأل الله أن يديم عليك الصحة والعافية، والحمد لله رب العالمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنا أؤكد لك أن الحياة طيبة، وأن الأمر لا يتطلب منك كل هذا الضجر وهذا الاحتجاج.

أخِي الكريم، حين يأتيك الشعور بأنك تريد أن تنام طوال اليوم، لماذا لا تطرح على نفسك فكرة أن هذا الأمر ليس صحيحًا، وأنه يجب أن تنهض، وأنه يجب أن تكون نافعًا لنفسك ولغيرك؟

أيها الفاضل الكريم، الأفكار كثيرًا ما تتساقط علينا وتكون سلبية، لكن هل نقبلها؟ لا، الكيّس الفطن لا يقبلها أبدًا، والله –تعالى- حبانا بقدرة الفلترة أو تصفية الفكر، فيجب أن ننبه أنفسنا، ويجب أن نكون على وعيٍ وإدراكٍ، ويجب ألا نعطي الشيطان مجالاً ليحبطنا ويُثبِّطنا من خلال الفكر السلبي.

أخِي الكريم، أريدك أن تجلس مع نفسك جلساتٍ فكريةٍ حقيقيَّةٍ، أنا أتصور –أخِي محمود– أنك لا تُناقش نفسك، وأتصور أنك تستسلم بسرعة للفكر السلبي وللفعل السلبي، لا، فالإنسان خُلق في كبد، والإنسان يجب أن يُجاهد، والإنسان في ابتلاءٍ دائم، {أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتنون}، والإنسان قد كُرِّمَ، والإنسان حباه الله بالطاقات العظيمة؛ لذلك كلَّفه الله بما يُطيق وبما أتاه الله من قدرات ومعرفة ومهارات، {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها}، {لا يكلف الله نفسًا إلا ما آتاها}.

لا بد أن يكون هذا هو منهجك وهذا هو ديدنك، واستمر على العلاج الدوائي؛ لأن فيه -إن شاء الله تعالى- خيرًا، وأنا إن زُرتُ مصر -إن شاء الله تعالى- سنتواصل، وأقول لك: نحن الآن في موسم الخيرات، فيا مُحمود، ابحث في هذه الخيرات، نحن في شعبان، وبعده رمضان، أسأل الله –تعالى- أن يبلغنا إياه.

لا أريدك أن تكون متشائمًا أبدًا، أعطِ نفسك فرصة لأن تنظر إلى النصف المليء من الكوب، وانظر إلى الحياة بإيجابية، ودع عنك النظرة السوداوية، وتفاءل، فإن الله يحب الفأل ويكره التشاؤم، وأي موقف معاكس دعه في إطار التفاؤل، لعلَّه خير، لعلَّ الله لم يجعل فيه النصيب، ونصيبك في غيره... وهكذا. ولا تنسَ التوكل، فإن من يتوكل على الله فهو حسبه، ولا تنسَ الصبر، فإن الصبر ليس له جزاء محدود، {إنما يُوفَّى الصابرون أجرهم بغير حساب}.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً