الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابتليت بواسوس العقيدة... فهل هي مرض نفسي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ابتليت والعياذ بالله بوسوسة خطيرة, لا أعلم إذا كانت وسوسة أم من نفسي، أم أي شيئا آخر، إلا وهي سب الله سبحانه وتعالى.

فمنذ أيام قمت بسب الصلاة -والعياذ بالله- في ذهني حينما سمعت الأذان، ولكني أعرضت عنها وبعدها بيومين أٌذن للصلاة، فوجدت أني أسب الله، في بادئ الأمر اعتقدت أنها هواجس ليس عليها حرج، ولكني تدبرت الأمر، وتدبرت عظمة الله، فقمت للصلاة وظللت أبكي بين يدي الله، ولكني ليومين أجد نفسي أسب الله، وأنا أستغفر كثيراً، وأحاول أن أبتعد عن هذه الهواجس، فقد أتعبتني نفسياً بحق، خوفاً من أن يكون هذا شركا بالله.

أقسم بالله أتعبتني فعلاً, مع العلم أني لم أكن ملتزمًا بالصلاة قبل ذلك، وجاءني ذلك بعد التزامي جيدًا بالصلاة حتى صلاة الفجر لا أتركها، ولكني أستعظم أمرًا كبيرًا أني أسب الله.

مع العلم أن الأمر مستمر حتى الآن، ولكن بدأ يخف هذا التفكير عن ذي قبل، أفيدوني أرجوكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ alaa حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يردَّ عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يصرف عنك هذا الشيطان اللعين، وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من عباده الصالحين وأوليائه المقربين.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل/ علاء – فالذي حدث أن الشيطان – لعنه الله تعالى – عندما كنت تاركًا للصلاة كنت من جنوده وحزبه وأتباعه وأعوانه، فلمَّا مَنَّ الله عز وجل عليك بالصلاة وبدأت تفكِّر في هذا جِديًّا، وبدأت تأخذ خطوات أولى في اتجاه الصلاة، وبدأت في الصلاة، عَظُمَ ذلك على الشيطان، وغاظه هذا الفعل الذي تفعله، فماذا يفعل معك؟ حاول الشيطان بكل الوسائل أن يمنعك من الصلاة، ولكنه لم يستطع؛ لأنك مُصِرٌّ على مواصلة الصلاة، حتى وإن لم يكن فيها الخشوع المطلوب.

هذا – كما ذكرتُ لك – تألَّم الشيطان منه ألمًا عظيمًا، فبدأ يشُنُّ عليك حربًا أخرى ليمنعك من الصلاة، حتى تعود إلى ما كنت عليه من ترك الصلاة والكفر بالله والعياذ بالله تعالى، ولذلك بدأ يشُنُّ عليك هذه الحرب القذرة على قلبك، فبدأ يُشوِّه صورة الملِكُ جلَّ جلاله لديك، وبدأ يقذف بهذه العبارات التي تؤلمك على لسانك حتى وإن لم تقصدها ولم تُفكِّر فيها، وبدأ يُسهلها عليك، ثم بدأ بعد ذلك يُشعرك بتأنيب الضمير حتى يُوجِد لديك مشكلة نفسية قاتلة، ويقول لك: (إن الحلَّ في العودة إلى ما كنت عليه؛ لأنك عندما تتوقف عن الصلاة سوف أتوقف أنا)، وهذا قد يحدث فعلاً، ولكن – بارك الله فيك – اعلم أن هذه معركة، وأنت سوف تكسبها -بإذن الله تعالى-.

المطلوب منك أن تواصل الصلاة والمحافظة عليها بنفس القوة والجدية، حتى وإن كنت تقول ما تقول، حتى وإن كان الشيطان يفعل ما يفعل؛ لأن الشيطان عندما يشعر بأن هذه المسألة أصبحت ليست مهمَّة بالنسبة لك سوف يُفكِّر في وسيلة أخرى لحربك؛ لأنه لن يتوقف عن حربك أصلاً، لا أنت ولا غيرك، لا أنا ولا أحد من الخلق، وإنما هذا دأْبه وهذا عهده، وأقسم بالله تعالى أن يظلَّ معنا إلى يوم الوقتٍ المعلوم.

فإذًا لا تتصور أن هذا سوف يتوقف بسهولة، ولكن اعلم أن الشيطان سيبحث عن أي وسيلة أخرى لحربك أيضًا، أو لشنِّ حربٍ شعواء عليك، فأنت – بارك الله فيك – لا تستسلم، كلما جاءتك هذه الأفكار استعذ بالله من الشيطان الرجيم، واتْفُل على يسارك ثلاث مرات، وقل: (أعلم أن الله على كل شيءٍ قدير، وأعلم أن الله قد أحاط بكل شيءٍ علمًا) تكرارًا، (أعلم أن الله له الأسماء الحسنى والصفات العلى، اخسأ عدوَّ الله، لعنك الله)، ومن الممكن أن تَتْفُل على الأرض، وأن تمسح تفْلتك بقدمك وتقول له: (أيُّها الشيطان اللعين الرجيم: هذا مقامك تحت قدمي، أنا مُسلمٌ ومؤمنٌ موحِّدٌ، أُحبُّ الله تعالى ويُحبني، ولن أدع الصلاةَ مهما حاولتَ معي).

قل هذا الكلام بصوتٍ مرتفعٍ؛ لأن الشيطان يسمعك يقينًا؛ لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ولا تخافه ولا تخشاه. ولذلك – كما ذكرتُ لك – كلما جاءتك هذه الأشياء قل: (أعلم أن الله على كل شيءٍ قدير) وتصف الله تعالى بالصفات الحسنة التي تليق بجلاله سبحانه وتعالى، وتقول للشيطان: (أنا مسلمٌ مؤمنٌ موحدٌ، أُحب الله ويُحبني الله، ولن أتوقف عن الصلاة أبدًا يا عدوَّ الله).

حاول أن تُطارد هذه الأفكار كلما غزتك، كلما دخلت عليك، كلما وجدت أنك تفكر فيها أو ستخرج على لسانك، حاول أن تُشتت الفكرة، بمعنى: إذا كنت في مكانٍ فتحرَّك من هذا المكان، وإذا كنت وحدك فحاول أن تخرج إلى الصالة وتتكلم مع أحد، أو تنظر من النافذة، أو تتكلم مع الوالدة، أو مع أي أحد، المهم أن تُشتت الفكرة ولا تستسلم لها أبدًا، فإن تشتيت الفكرة سيؤدي -بإذن الله تعالى- للقضاء عليها.

أكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وحافظ على الصلاة مهما كانت الأسباب والدواعي، واعلم أن الله ناصرك على عدوّك؛ لأنه قال: {وكان حقًّا علينا نصر المؤمنين} وقال: {وإن الله لمع المحسنين}.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً