الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عند خوف الفضيحة هل يفضل أن يقوم الإنسان بالسفر بعيداً؟

السؤال

ما الأهم، مستقبلي الدنيوي أم الديني؟ الآخرة أم الدنيا أم الاثنان؟ رضا الناس أم رضا الله أم الاثنان؟ هل يفضل أن يقوم الإنسان بالسفر بعيدا (دولة أخرى) إذا اكتشف الناس عادات قبيحة قد مارسها (فضيحة أو ما إلى ذلك) خصوصا وأنه سيلقى عداوة من جميعهم؛ أهله، وأصدقائه، وأقربائه، والذين يعرفونه، والذين لا يعرفونه، ويسعى أن يعيش بسلام بعيدا عنهم ممارسا لكافة واجباته الدينية، وأقرب ما يكون إلى الله، وأن يسعى لتحقيق أحلامه الدنيوية (الحلال منها) أم يبقى بين سخط الناس وعداواتهم؟

أتمنّى أن تكون إجاباتكم شاملة كلّ الأسئلة التي طرحت؛ لأنّها مصيريّه جدّا، وخصوصا القسم الذّي يتعلّق بالفضيحة في المجتمع.

وشكرا جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يفرج الكرب، وأن ينفس ما تعسر على البشر تنفيسه، وأن ييسر بقدرته ما كان عسيرا على خلقه، وأن يلهمك طريق الصواب، وأن يرشدك إلى الحق، وأن يأخذ بناصيتك إليه. وأما بخصوص ما تفضلت به، فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: لا تعارض مطلقا بين عمل الدنيا والآخرة في الشرع الإسلامي، ولعل هذا أحد خصائص هذا الدين، وهو ما يسمى بالتوازن، فالشريعة الإسلامية متوازنة بين العقل والروح، بين الدنيا والآخرة، بل علمنا الإسلام أن كل عمل دنيوي نقوم به نستطيع أن نجعله عبادة بمجرد النية الصادقة، وما قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لسعد عنا ببعيد حين أراد أن يتصدق بماله فنهاه، وقال له: (إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَلَسْتَ تُنْفِقُ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ، إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى اللُّقْمَةُ تَجْعَلُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ" فالنفقة على الزوجة واجبة، لكنها تجاوزت ذلك في الشريعة لتكون أجرا يتقرب به العبد إلى ربه، ومع هذا لو تعارضا -أي الدنيا والدين- أو -رضى الناس ورضى الله- فلا يقدم على دين الله، ولا رضى الله شيء.

ثانيا: حديثك الفائت -أخي الفاضل- هو عرض عن مرض، وظاهر الحديث وإن كان مقارنة بين الدنيا والدين، وما يرضى الله وما يرضى الناس، إلا أن باطنه مشكلة تحاول أن تجد لها حلا بالعزلة أو الهروب.

ثالثا: ليس ثمة أحد معصوم، وباب التوبة قد فتحه الله لك ولغيرك، فإن ألممت ذنبا -أخي- بين أهلك وأصدقائك فلا تهرب منهم، قابل المشكلة، واعلم أن الزمن جزء من العلاج، وأن التقرب من الله مع الإحسان إلى الناس كفيل أن يغيّر قلوب الناس، وأن يبدلهم إلى ما تحب وترضى.

رابعا: إن كان الذنب أمرا لا يتحمل، ولا تستطيع أن تزيل آثاره، ولا تستطيع أن تتكيف مع المحيط الذي بجوارك، وتشعر أن هذا الجو سيصرفك عن الله عز وجل، وأتيح لك السفر أو الانتقال من بلدك إلى بلد آخر؛ فلا حرج عليك بعد أن تستشير أهل الحكمة والعقل والدين.

وأخيرا : لا تهرب من الواقع إلى الخيال، ولا تعتزل الناس، ولا تفترض فيهم كراهيتك، واعلم أن الزمن -أخي- كفيل أن يغير وأن يداوي كثيرا من الجراح.

اقترب من ربك، وأقبل عليه، وستجد الخير والسكينة في ذلك، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، والله المستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب أحمدي

    والله يا أخي جل الحلول تأتي بان يجب ان لا تعتزل الناس .. ولكن الناس لا ترحم هناك من يتمتع بالحكمة والايمان ولكن هم قليلون والاكثرية لا يحبون ان يغفروا للتاءب زلته ويتحينون داءما الفرص لتعييره وهذا ما لا يطيقه التاءب... مما يجعله يجد الراحة في العزلة ...والله انا ارى ان يتوب الانسان ويرضي ربه ويترك فك الكرب لله... اما الناس فصعب أن يصفو العيش معهم... فالله يغفر والناس تعير...

  • أمريكا R

    أخي الحبيب : الدنيا زائله ، ولا عصمة إلا للأنبياء ، تب إلي الله ، فالتوبة تمحو الذنب ، وأكثر من الصالحات ، يقول العلماء : لاكبيرة مع استغفار ، وإذا أردت أن تظل في مكانك فلا بأس فمع الزمن وفعل الغير وقربك من الله ستتغير نظرة الناس إليك للأحسن إن شاء الله وكم من عابد كان عاصيا آدم نفسه عصي وتاب فتاب الله عليه ، موسي وكز الرجل فقتله دون قصد بالقتل ، ذا النون ...المهم أن تصطلح مع الله واعلم بأنه ما من عبد علي وجه الأرض إلا وعنده ذنوب فأخلص في توبتك وأبشر بقول الله تعالي : فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ) .غفر الله لي ولك ولجميع المسلمين والمسلمات.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً