الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من القولون العصبي، وأبحث عن دواء مناسب

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا سيدة أعاني من القولون العصبي، ودائما لدي انتفاخات وأصوات في بطني تتعبني، وتسبب لي الإزعاج والحرج، وعندما أدخل لدورة المياه -أكرمكم الله-، لا أشعر بالراحة، وأشعر دائماً بالرغبة في الإخراج، وكأنني لم أخرج شيئاً، رغم أنني أكون قد خرجت من الحمام للتو، وأشعر بتقلبات حادة في المزاج، فأصبحت عصبية جداً، وسريعة الغضب، وأشعر بحزن داخلي، لأنني لم أكن بهذا الطبع في السابق، ولم أعد أشعر بالسعادة من داخلي، حتى عندما أقوم بفعل أي شيء أحبه، وأستمتع به.

تعرضت لضغوطات كثيرة في حياتي أتعبتني كثيراً، أولها مرض أمي، فمنذ أن عرفت الدنيا وهي مريضة بالوسواس القهري والاكتئاب، فهي عصبية جداً، ولا تتفاهم مع أحد، فمن المفترض أن تكون مصدر طاقتي وسعادتي، بل على العكس أفتقدها في كل شيء، ودائما أتعرض للنقد، والإحساس بالنقص بسببها، رغم أنني أعلم أنها مريضة، وهذا خارج عن إرادتها، وأتمنى أن أراها بخير، وأخسر كل شيء، وأظن أن مرضها أثر علي كثيراً من ناحية الإحساس بالنقص وتزعزع الثقة، فبالرغم من وجودها على قيد الحياة، إلا أنها كالميتة، فأشعر أنني محرومة منها، لأنني أفتقدها كثيرا.

كبرت، وتزوجت منذ خمس سنوات -ولله الحمد-، ولدي طفل عمره ثلاث سنوات، حركته مفرطة جداً، عصبي وعنيد، يشكل علي ضغط فظيع، فلا أستطيع الراحة، فدائما يسبب لي الحرج في المطاعم، والأسواق، والأماكن العامة، وفي المنزل بشكل زائد، أشعر بأنني تغيرت مع هذه الضغوط، ولم أعد كالسابق، فأصبحت عصبية جداً، وحساسة، أهتم لكلام الآخرين، وتهتز ثقتي من انتقاداتهم، فلا أستطيع السيطرة على ذاتي.

حاولت كثيرا أن أغير أفكاري السلبية ولم أنجح، فقرأت في مجال الإيجابية في الحياة، وجربت الاستغفار، -والحمد لله- على كل حال، ولم أشعر بالتغير، فقرأت عن دواء موتيفال في موقعكم، هل تعتقد أنه مفيد لحالتي، وهل عند استخدامي لمانع حمل قد يتعارض مع هذا الدواء؟ مع العلم أنني منذ ثلاث سنوات ونصف استخدم لصق إيفرا لمنع الحمل، وأعتقد أحيانا أنها سبب توتري وقلقي، ولا أعلم هل لها علاقة بالفعل فيما أمر به أم لا؟ وهل أستطيع إيجاد دواء موتيفال في أي صيدلية في السعودية بدون وصفة طبية؟ لأنني لا أستطيع الذهاب لاستشارة دكتور نفسي حالياً.

أشكركم مسبقا على تجاوبكم، وأتمنى إفادتي، ومساعدتي على إيجاد دواء يهدأ من القولون، ويبعدني عن الأفكار الوسواسية السلبية التي أعيشها، وأريد أن أقضى على هذه الأعراض لكي لا تتحول إلى عادة سيئة، ومرض مزمن.

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم وسام حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

من الواضح -أيتها الفاضلة الكريمة- أنك لديك سمات القلق النفسي، وربما يكون هذا مكوِّن رئيسي في شخصيتك، ولذا ظهر عندك ما يُعرف بالقولون العُصابي- أو العصبي كما يُسميه الناس-، وفي ذات الوقت أصبح تحمُّلك لطفلك قليلاً، وهذا لا يعني أن الطفل ليس لديه شيء من فرط الحركة، وأعتقد أن التفكير السلبي، والانشغال بحالة والدتك أيضًا أثَّر عليك، وأعتقد أن حساسيتك النفسية جعلتك تُضخم هذا الموضوع أكثر ممَّا يجب، هذا مع احترامي الشديد جدًّا لمشاعرك وأفكارك.

والدتك يجب أن تنظري إليها إيجابيًا، أسأل الله تعالى لها الشفاء، عليك أن تقومي بدورك حيالها من خلال مساعدتها، وسدِّ النواقص في حياتها بقدر ما تستطيعين، أنت -الحمد لله تعالى- لديك أشياء طيبة وجميلة في حياتك، لديك الزوج، لديك الذرية، لديك باب إلى الجنة، أمك ثم أمك ثم أمك، ومن المفترض أن يكون فكرك أكثر إيجابية في الحياة، هذا مهم.

أنا أنصحك بأشياء بسيطة جدًّا، أهمها التعبير عن الذات، لا تكتمي مشاعرك، التفريغ النفسي نعتبره علاجًا مهمًّا.

ثانيًا: وضع أهداف واضحة وراسخة في الحياة، ما الذي تريدين القيام به؟

بالنسبة للوضع الحياتي الروتيني: الحياة تقول لنا، أن ننام، أن نقوم أن نلبس، أن نذهب إلى العمل، أن نأكل أن نشرب، أن نتكلم مع بعضنا البعض، هذه أنشطة وواجبات روتينية تُخططها الحياة لنا، لكن نحن يجب أن نُخطط أهدافنا ومبتغانا، وماذا نريد أن نكون، وكيف نصل إلى أهدافنا؟ فهذا مهم جدًّا، ويعطي الحياة معناها الحقيقي، الحياة بلا معنى لا فائدة فيها أبدًا.

الشيء الآخر الذي أنصحك به هو: الرياضة، ممارسة الرياضة بكثافة، ممارسة الرياضة بالتزام، الرياضة تقوّي النفوس قبل أن تقوِّي الأجساد، الرياضة تزيل العصبية والتوتر، تُحسِّن النوم، وتُحسِّن المزاج، وتُعطي شعورًا استرخائيًا كبيرًا، فاحرصي عليها أيتها الفاضلة الكريمة.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أعتقد أحد مضادات القلق البسيط سوف يفيدك فعلاً، الموتيفال غير متوفر في السعودية، وهو دواء جيد، ويمكن الحصول عليه من مصر، إن تحصلت عليه فالجرعة هي حبة واحدة لمدة شهرين، ثم لا مانع أن تستعمليه عند اللزوم، أي عند القلق والتوتر، لكن يُعاب على الموتيفال أنه ربما يرفع قليلاً من هرمون الحليب عند النساء، وهذا ربما يُخِلُّ بالدورة الشهرية، وإن كنتُ لا أتوقع حدوث زيادة كبيرة في هرمون الحليب، لأن الجرعة صغيرة، وهي حبة واحدة في اليوم.

هنالك أدوية أخرى بديلة كثيرة وسليمة، والتوجُّه الآن هو تناول مضادات الاكتئاب لكن بجرعة صغيرة، يعني حتى وإن لم يُوجد اكتئاب فمضادات الاكتئاب بجرعة صغيرة، تعتبر فاعلة وممتازة جدًّا لعلاج القلق والتوتر، وأعتقد أن عقار (مودابكس) والذي يُسمى أيضًا تجاريًا (زولفت)، أو (لسترال)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين) سيكون مناسبًا جدًّا لك، ولن تحتاجين إليه مدة طويلة، ولن تحتاجي لجرعة كبيرة، الجرعة المطلوبة في حالتك هي نصف حبة (خمسة وعشرين مليجرامًا)، يتم تناولها ليلاً لمدة شهرٍ، ثم حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم يتم التوقف عن تناوله، هو دواء سليم وفاعل وطيب، ومتوفر في المملكة، ولا يحتاج لوصفة طبية.

بارك الله فيك وجزاكِ خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً