الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الوساوس؟ أريد علاجا لحالتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أولا أشكركم على هذا المنتدى الأكثر من رائع.
أنا فتاة، في 27 من العمر، ومتزوجة، وعندي 3 أطفال، وأود أن أسألكم عن حالتي ومعاناتي مع الوسواس القهري، في البداية أصبت بوسواس الخوف من المرض والموت، وبعد ذلك تطور الوضع إلى الخوف من إلحاق الأذى بطفلي أو بنفسي، مرت الأيام ومعاناتي مستمرة وخوفي يزيد، ثم انتقل الوسواس وأصبحت أغار على زوجي من أتف الأسباب، بل إنها أسباب لا تؤدي للغيرة أصلا، كلها عبارة عن هلوسات لا أساس لها من الصحة، وزوجي رجل ملتزم ويحبني، وأنا واثقة كل الثقة أنه لا يخونني، وعندي 3 أطفال، وحياتي رائعة بل الكل يحسدني عليها، كذا أفعل لأتخلص من هذه الوساوس، وهل ممكن أن أصاب بالجنون من هذه الوساوس.

أصبحت في خوف دائم وقلق من هذه الوساوس، وخوف على أولادي إذا حصل لي شيء لا قدر الله،
ارجو منكم مساعدتي؛ فأنا في أشد حيرتي فقد قلبت هذه الوساوس حياتي ونغصت علي عيشتي، أريد أن أعود طبيعية، أريد أن أربي أولادي.

أرجو منكم الرد بأسرع وقت ممكن، وهل لحالتي علاج؟ وإذا لم أعالج كذا سيحصل لي في المستقبل، وهل ممكن أن تتطور الغيرة عندي وتفقدني بصيرتي، أم أنها مثل باقي الوساوس لا تختلف عنها.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أحلام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية.

أنتِ بالفعل تعانين من وساوس، وهي وساوس مستحوذة، ومجاهداتك لطردتها والتخلص منها جيدة جدًّا، لكن الوسواس كثيرًا ما يكون سُلطانه أقوى من طاقة الإنسان. أنا أدعو الجميع من الذين يعانون من الوساوس أن يُعالجوها، والعلاج أصبح متوفرًا الآن، العلاج لدى الأطباء موجود، والعلاج ينقسم إلى علاج سلوكي، وعلاج نفسي، وعلاج دوائي، وعلاج ديني/إسلامي، متوفر وموجود، وهذه الأربعة يجب أن تتكامل مع بعضها البعض.

لا نستطيع أن نقول أن مكوّن واحد من هذه العلاجات الأربعة سوف يفيد الناس، هذا ليس صحيحًا، الدواء زائد التدريبات السلوكية التي تقوم على رفض وتحقير وتجاهل الفكر الوسواسي، ويجب ألا تتعايشي مع الوسواس، المعايشة مع الوسواس أمرٌ خطير جدًّا، نرفضه تمامًا، لا أحد يستطيع أن يعيش مع موسوس، لا زوج ولا والدين ولا أخوة ولا أخوات ولا أخوال، أن تعيش مع شخص موسوس هذا أمرٌ مفزع ومرعب جدًّا، وأعرفُ الكثير من الخلافات الزوجية التي انتهتْ نهايات غير سارَّة، وذلك نسبة لوجود وسوسة عند أحد الزوجين.

فيا أيتها الفاضلة الكريمة: اذهبي وقابلي طبيبًا نفسيًا، ولا تجعلي هذه الوساوس جزءًا من حياتك، وإن لم يكن هنالك إمكانية لمقابلة الطبيب لعدم توفر أطباء في المنطقة التي تعيشين بها يمكنك أن تذهبي إلى الصيدلية، وأول ما تبدئي به هو أن تتناولي أحد مضادات الوساوس، وأفضل دواء هو عقار (فلوكستين) يُسمى تجاريًا (بروزاك)، لكن قد تجدينه في اليمن تحت مسميات أخرى.

الجرعة هي أن تبدئي بكبسولة واحدة في اليوم لمدة أسبوعين، ثم تجعليها كبسولتين في اليوم، وهذه هي الجرعة العلاجية في حالتك، وهي جرعة متوسطة وليست كبيرة، يجب أن تستمري عليها لمدة ستة أشهر على الأقل، بعد ذلك تبدئي في تناول جرعة الوقاية، وهي كبسولة واحدة من الفلوكستين يوميًا لمدة ستة أشهر أخرى، ثم تجعلي الجرعة كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرين، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء، الدواء دواء رائع، غير إدماني، لا يؤثِّر على الهرمونات النسوية، ولا يؤدي إلى زيادة في الوزن، وهو سليم لأعضاء الجسد.

يفضَّل - ونسبةً لوجود شكوك وسواسية ونوعًا من الارتياب – هنا يُضاف دواء بسيط يُعرف باسم (رزبريادون) سيكون مفيدًا جدًّا، والجرعة هي واحد مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم اثنين مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم واحد مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم تتوقفين عن تناوله، وتستمرين على الفلوكستين بنفس الكيفية التي وصفتها لك وللمدة المطلوبة.

غالبًا التحسُّن يظهر بعد شهرين من بداية العلاج الدوائي، وهنا يجب أن تبدئي في الطرد السلوكي للوسواس، تحقيره، عدم مناقشته، الدخول في تفاصيلها أو إخضاع الوسواس للمنطق سوف يزيد الموضوع تعقيدًا. الوسواس يجب ألا يكون جزءً من حياتك، والرسول -صلى الله عليه وسلم- أوصانا أن نقول: (آمنتُ بالله) ثم ننتهي، بمعنى ألا نناقش الوسواس أبدًا، وأن نُكثر من الاستغفار والاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم ومن الوساس الخنّاس.

أيتها الفاضلة الكريمة: حياتك طيبة، وعوامل الاستقرار لديك متوفرة، فلا تجعلي هذا الوسواس جزءً من حياتك الشخصية أو حياتك الأسرية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً