الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يمكنني التعايش مع الواقع وإعادة ثقتي بنفسي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أطباؤنا الفضلاء: أتمنى من حضرتكم قراءة رسالتي بتأن، والوقوف عند كل فقرة؛ فأنا الآن أكتب ما في أعماقي من آلام، ولم أجد أحدا يمكنه أن يتفهمها؛ على أمل أن أجد الحل عندكم، وأتمنى أن تجيبوا علي جوابا شافيا، وليس فقط نصيحة عابرة -جزاكم الله كل الخير-.

مشكلتي أنني لم أعد أشعر بالسعادة بسبب يظنه الجميع -وأحيانا أنا أيضا- أنه شيء تافه ولا أعرف إن كان هو السبب الحقيقي أم لا.

ما أعاني منه الآن هو كرهي شديد للكلية بعد أن كنت من أكثر المتفوقين في المدرسة، وفي الليلة التي تسبق ذهابي للكلية أصاب بضيق شديد، السبب -في نظري- هو عدم ثقتي في مظهري، قد يبدو الأمر تافها جدا حين أتحدث عنه وهذا ما تقوله أمي -حفظها الله- رغم أني لم أصارحها، ولكن أعلم كل العلم كونكم أخصائيين ودارسين للنفس أنكم تتفهمون مشاعري التي يراها الكثير أشياء تافهة.

أنا لا أرتدي إلا العباءة السوداء عند الذهاب للكلية، وأما في الشتاء أرتدي الجاكيت الأسود، وهذا يجعلني مختلفة عن كل الطالبات في الكلية، ومظهري يبدو وكأني أكبر منهن بكثير، وفور دخولي باب الكلية أشعر بضيق في صدري وكأن شيئا يخنقني، وأشعر بأني أكره نفسي، وحتى عندما أرى نفسي قبل الذهاب أشعر بأن التي في المرآة ليست أنا، فأنا لا أحب أبدا هذا الذوق من الملابس، وهذه ليست أبدا شخصيتي، ورفضي لمظهري هذا لا يعني أني أريد ارتداء ملابس غير محتشمة، بل على العكس فأنا أحب اللبس المحترم الأنيق ذا الألوان المتناسقة، والهندام الجميل، والذي أتمنى أن أرتديه، ولبسي هذا أفقدني الثقة بنفسي حتى صرت أحاول التواري عن أعين الناس قدر ما أستطيع.

كما أنني صرت أتخيل أن من أمر من أمامهم يهزؤون بي بسبب منظري الغريب، حتى أثناء المحاضرة أهرب كثيرا بسبب هذا الأمر، وأشعر أن الطلبة ينظرون إلي طوال الوقت، ولا أكاد أستوعب أي شيء، ولا أذكر من اليوم الدراسي إلا الألم والتعب، وهذا الإجهاد النفسي أثر كثيرا في تحصيلي، وأفقدني القدرة على الفهم أو حتى التركيز.

فأتمنى من حضرتكم مساعدتي، كيف سأستعيد ثقتي؟ وكيف أريح تفكيري؟ وكيف يمكنني التعايش مع هذا الواقع برضى؟ وكيف أستعيد القدرة على التركيز؟

علما بأني أعاني من الرهاب الاجتماعي، ولدي بعض سمات الشخصية التجنبية كشعوري الدائم بالرفض من الآخرين.

شكرا جزيلا وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ يكفيني أني مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالأسباب التي تعيق الناس في الحياة تكون متفاوته، بعضها قد يكون سبباً بسيطاً جداً -كما تفضلت- بسيطة بالنسبة لبقية الناس، لكنه مهم جداً بالنسبة لك، وهذا شيء يجب أن نقدره، فالسبب واضح جداً، ويجب أن يعالج، يعالج أما بقبول هذا الواقع، ولا أراه واقعاً شاذاً لأني على ثقة تامة أن كثيرا من الطالبات يلبسنَ نفس لبسك، إن لم يكن في جامعتك فيكون في جامعة أخرى، أو إذا كان بالإمكان أن تعدلي من ملبسك قليلاً بحيث يكون محتشماً وإسلامياً فهذا لا بأس به أبداً، الأمر في غاية البساطة، أنا أعتقد عملية التضخيم والتعظيم الشديد لموضوع اللبس أثر عليك كثيراً، خاصة أنه أصلاً لديك قابلية للقلق وللرهاب كما تفضلت وذكرت ذلك في نهاية استشاراتك.

الإنسان لا يقبل أي مشاعر تأتيه أو هكذا يجب أن يكون، فتحقير الفكرة أعتقد أنه علاج ممتاز، وتصحيح المفاهيم أيضاً يجب أن تصححي مفاهيمك بحيث تدخلين على نفسك فكراً جديدا أن لبسك ليس بالشاذ بالصورة التي تتصورينها، إذاً لا تقبلي أي مشاعر تأتيك لأن تقبلي هذه الأفكار المتسلطة عليك، وربما يكون فيها أيضاً شيء من الوسواسية، فارتقي بنفسك للواقع، واسشعري أهمية العلم والتعليم هذا مهم جداً، تصوري نفسك بعد 5 أو 6 سنوات من الآن أين أنت، والأمر الآخر هو أن تصرفي انتباهك تماماً عن الذي فيه، أن تشغلي نفسك بأشياء أخرى.

هنالك أمور كثيرة في الحياة يمكن للإنسان أن يشغل نفسه بها، وأن يستثمر وقته ويعالج مشكلته من هذا المدخل، مثلاً مارسي شيئا من الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، حاولي أن تنامي مبكراً في الليل لتستيقظي مبكراً وتصلي صلاة الفجر، وتراجعي بعض مقرراتك الدراسية في فترة الصباح، لأن فترة الصباح هي أفضل فترة للاستيعاب، وهذا يدفعك تماماً نحو قبول الدراسة، هذه الأشياء العملية التي أراها وإن أصبح الأمر فوق طاقتك فأقول لك هنا اذهبي وقابلي طبيباً نفسياً، لا أعتقد أنك في حاجة لعلاج دوائي في هذه المرحلة.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً