الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد الإجهاض أصبت بتبلد المشاعر والأحاسيس، فهل هناك علاقة بينهما؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا سيدة عمري 27 سنة، تزوجت منذ 8 سنوات ولم أرزق بأطفال، ولكن الحمد لله حملت طبيعيا منذ عدة أشهر، ولكن بعد شهرين ونصف أجهضت والحمد لله، وقالوا لي: لا تزعلي حتى رحمك لا يزعل معك.

والمهم بعد أيام ذهبت للطبيب للمراجعة، وقال لي أن عندي مشكلة في قناة الفالوب، وممكن يزيلونها، وبنفس الليلة استيقظت في منتصف الليل وأنا أرجف كثيرا، وبعد يومين ذهبت للطبيب النسائي، وطمئنني بشأن القناة، وقال أن كل شيء طبيعي، وممكن أن يحصل حمل طبيعي مرة أخرى، ولكن بعد عدة أيام أصبحت أستيقظ من النوم في الليل وأنا أرتجف، وقلبي يخفق بشدة، وبعدها أصبحت لا أنام، يعني ممكن كل يومين أو ثلاثة أنام أربع ساعات، فأصبت بالقلق الشديد من قلة النوم، فصرت أمشي في البيت ذهابا وإيابا من شدة القلق، طول الوقت أمشي، لم أستطع الجلوس، وفقدت شهيتي، ونقص وزني 13 كيلو، وتساقط شعري، حتى أشعر وكأنه احترق، وبعدها بدأت أفقد شيئا فشيئا، فقدت أحاسيسي كلها ومشاعري من حب وكره وحزن، حتى أني فقدت رغبتي الجنسية كلها، لا أشعر به بتاتا، فقد كنت أحب زوجي كثيرا، ولكن لا أعرف ماذا حصل، هو طيب وحنون جدا، إلى الآن صابر معي، مع أني تركت بيتي، وأنا الآن عند أهلي، حتى الصلاة لم أعد أشعر بحلاوتها، مع أني كنت ملتزمة جدا، حتى النوافل كنت أؤديها جميعها من قيام وصدقة.

المهم بعد فترة، يعني ممكن شهر أو أكثر على نفس الحالة، ذهبت لطبيبة نفسية، فأعطتني سركويل 50وفايبكس xr 75، لم أعد أمشي بعدها، وبدأت آكل ولكن مشاعري لم تعد.

قرأت كثيرا في النت، وجدت أن حالتي ممكن أن تكون تبلد بالمشاعر، لا أعلم، أم هي من عوارض الاكتئاب، عدت للطبيبة، خففت الفايبكس، وأضافت لي اللسترال، حتى إذا حصل حمل يكون الوضع بأمان، طبعا أضافته بالتدريج ل 50 م، واليوم طلبت أن أرفعه ل100 بالتدريج، ثم ترفع عني بعد فترة السيركويل.

هل هناك أمل في الشفاء أو التحسن؟ هل ممكن أن تعود مشاعري وأحب زوجي كما كنت سابقا؟ وما سبب فقدي للشعور بالبرد؟ هل هو أيضا من عوارض الاكتئاب، أم هناك خطب آخر؟ هل هناك علاجات أخرى سلوكية؟ هل ممكن أن أعود طبيعة وأصبح أما بإذن الله؟ هل ممكن أن يعود شعري وينبت؟ أشعر وكأني لن أشفى، وأن كل الطرق للشفاء مغلقة، أفيدوني مأجورين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

عوضك الله بكل خير، وجعل صبرك واحتسابك في ميزان حسناتك.
نعم -أيتها العزيزة- فمن الممكن جدا أن تصبحي أما -بإذن الله تعالى-, فلقد حدث لديك سابقا حمل بشكل طبيعي وعفوي, وحتى لو أن هذا الحمل قد انتهى بالإجهاض -وللأسف- إلا أن مجرد حدوثه يعتبر علامة مطمئنة ومبشرة, فلا تقنطي من رحمة الله عز وجل, واستمري في التفاؤل والصبر والأخذ بالأسباب, وأيقني بأن الذرية هي رزق كباقي الرزق, وستنالين رزقك كاملا حينما يشاء الله جل وعلا.

والحقيقة -يا ابنتي- هي أن حالتك تحتاج إلى تقييم جيد, ولم يرد في رسالتك أي معلومات عن وضعك ووضع زوجك, فهل تم عمل تحاليل واستقصاءات لكما خلال فترة الثمان سنوات من الزواج أم لا؟

ما يجب أن يتم عمله هو: تحليل للسائل المنوي لزوجك، تحليل للهرمونات عندك وهي:
LH-FSH-TOTAL AND FREE TESTOSTERON-TSH-PROLACTIN-DHEAS، ويجب عملها في ثاني أو ثالث يوم من نزول الدورة وفي الصباح.

تحاليل للدم عامة وهي: CBC- CRP-FBS-ANA-LA-ACA-PT-PTT-PROTIEN C-S- TORCH-
HCS CULTURE-URINE TEST، تصوير ظليل للرحم والأنابيب، مع تنظير لجوف الحوض وتنظير لجوف الرحم.

إذا تبين وجود سبب فيجب علاجه أولا, أما إذا تبين بأن كل شيء طبيعي, فهنا يمكن القول بأن الحالة هي حالة عقم غير مفسر, وننصح هنا بعدم إضاعة الوقت, فبعد أن تتحسن حالتك النفسية -بإذن الله تعالى-, ننصح باللجوء إلى عمليات المساعدة على الإنجاب, فيمكن محاولة الحقن داخل الرحم IUI أو التلقيح الصناعي ل3-4 مرات، فإن لم تنجح -لا قدر الله- فيجب اللجوء إلى عملية أطفال الأنابيب IVF بدون تأخير؛ لأن نسبة نجاح هذه العملية لها علاقة وثيقة بعمر السيدة, فكلما كانت السيدة بعمر أصغر كلما كانت نسبة النجاح أعلى -بإذن الله تعالى-.

أسأله عز وجل أن يرزقك بما تقر به عينك عما قريب.
--------------------------------------------------
انتهت إجابة: د. رغدة عكاشة -استشارية أمراض النساء والولادة وأمراض العقم-/ تليها إجابة: د. محمد عبدالعليم، استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
-------------------------------------------------
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

أفادتكِ الدكتورة رغدة عكاشة - جزاها الله خيرًا - بمعلوماتٍ علمية طيبة، فأرجو الأخذ بها.
من الناحية النفسية: لا شك أن فقد هذا الحمل كان له تأثيرات سلبية على صحتك النفسية، -الحمد لله- أنت مؤمنة، ومطمئنة تمامًا بقدر الله تعالى، وهذا أمرٌ جيد وعظيم، بقي أن أقول لك: على المستوى النفسي يحدث تأثير مهما كان الإنسان قويًّا ومؤمنًا، وهذا التأثير ربما يكون على العقل الباطني، بمعنى أن هنالك شيئا من الكرب وشيئا من الحزن حدث، وبعد ذلك حدث لك نوع من الهشاشة النفسية العامّة، ممَّا أدَّى إلى ظهور النوبات التي أصابتك، وهي نوبات هرع أو نوبات هلع - كما تُسمَّى - وهي جزء من القلق النفسي الحادِّ، ويظهر بعد ذلك تحوّلت حالتك إلى اكتئاب نفسي، وأصبح لديك ما نسمِّيه بالقلق الاكتئابي، وهذا -إن شاء الله تعالى- يتم علاجه تمامًا.

من الناحية العلاج الدوائي فأنت على الدرب الصحيح، عقار (زولفت) بالفعل هو الأمثل والأحسن، لأن الزولفت - أو ما يُسمَّى لسترال، ويُسمَّى علميًا سيرترالين - وبجرعة مائة مليجرام سيكون هو العلاج الأفضل بالنسبة لك، وبالفعل إذا حدث حمل -إن شاء الله تعالى- لن تكون هنالك أي إشكالات مع هذا الدواء، وجرعة المائة مليجرام تحتاجين أن تستمري عليها لمدة شهرين أو ثلاثة، وبعد ذلك يمكن أن تُخفَّض إلى خمسين مليجرامًا ليلاً كجرعة وقائية.

المتابعة مع طبيبك النفسي ستكون مفيدة جدًّا من وجهة نظري، أما عقار (سوركويل) فأعتقد أنه يمكن أن تخفض جرعته - بعد أن تستمر حالتك - إلى خمسة وعشرين مليجرامًا، وبعد ذلك يمكن أن يتم التوقف عنه.

فالعلاج الدوائي مفيد وجيد، وسوف يحسِّنُ كثيرًا من مشاعرك -إن شاء الله تعالى-، وتبلُّد المشاعر الذي أتاك ناتج من عُسر المزاج الذي سبَّبه لك الاكتئاب.

والأشياء المطلوبة منك كعلاج مُساند للدواء هي: أن تكوني أكثر صبرًا وتوكلاً، وتحرصي في عباداتك وصلواتك، ولا تجعلي للشيطان مجالاً أبدًا، وعليك بالخوض في أنشطة اجتماعية، هذا علاج سلوكي مهمٌّ جدًّا، النشاطات الاجتماعية من حيث التواصل الاجتماعي، على النطاق الأسري، مع الصديقات، إذا كان هنالك عمل تطوعي أو اجتماعي أو خيري، وأيضًا حضور الدروس وحلقات القرآن سيكون مفيدًا جدًّا لك، واحرصي أيضًا على النوم الليلي المبكر، وتجنبي النوم النهاري، وأحسني إدارة وقتك، هذا كله -إن شاء الله تعالى- سوف يُساعدك على العلاج والشفاء، ولا بد أن تكوني دائمًا إيجابية في تفكيرك، وتتخلَّصي من الفكر السلبي، هذا أيضًا مطلوب في مثل هذه الحالات.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً