الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تخلصت من نوبات الهرع فهل شفيت تماما ولا أحتاج للأدوية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب عمري 22 سنة، سوري ومغترب منذ أكثر من سنتين، لا أريد التحدث عن المشاكل التي سببتها لي الحرب منذ صغري، وأنا أعتقد أنها أثرت علي كثيرا في حالتي الآن.

منذ عشرة شهور وسوس لي الشيطان بعقلي، وأقدمت لأول مرة على شرب الحشيش، وكنت لا أعرف ما هي المادة التي شربتها، فقد أعطاني إياها إحدى الباعة، بعد شربها -ولم أكملها- جربت 4-5 نفخات، وحينما عدت للبيت وأنا في الطريق سمعت أذان العشاء وأدركني شعور غريب بأن هذا الأذان يقرأ عليّ، بدأت أشعر باقتراب ساعتي، وكيف يشعر المرء بأن وقت أجله قد حان.

بدأت بالترنح وحين وصلت للمنزل فقدت السيطرة على قدمي، وهنا أدركت حقا أن روحي بدأت تخرج من قدمي إلى رأسي، وسقطت على الأرض، واستنجدت بأمي التي أحزنتها في تلك الفترة، استشهدت بالله وقرأت آيات من القرآن، كنت خائفا جدا، ونفسي متوقف، وقلبي من شدة النبض أحسسته سينفجر، وضعفت الرؤية لدي وأخذوني إلى المستشفى، سلّمت أمري إلى الله، ولم أتمكن إلا من تحريك إصبعي وبصعوبة لنطق الشهادتين.

ظننت أنني ميت، ولكنني ما زلت أرى وأسمع من حولي، وعند وضعي بجهاز تخطيط القلب فكرت بأنهم يريدون صدمي بالكهرباء، وعندما وضعوني بالطبق المحوري اعتقدت أنني في البراد، كنت في حالة صعبة جدا، ومخاوفي كبرت لأنني في غربة، وليس لأمي وإخوتي البنات رجل غيري، ولا أريد أن أكون ضعيفا أمامهم.

أشكر لله لأنني خرجت من المستشفى، ولكن الحالة عادت بعد أسبوع، وأصبحت لا أستطيع التنفس بسهولة، بالإضافة للدوخة والتنميل في الطرف الأيسر كاملا، ذهبت إلى المستشفى مرة أخرى، وقالوا أنت بحاجة لطبيب نفسي، غضبت منهم وظننت بأنهم لم يفهموني، خاصة وأنني أتحدث معهم بالتركية، لكن الطبيب طلب أن أسمع نصيحته وأذهب لطبيب الأمراض النفسية، ولا عيب بذلك، وألا ألتفت لترهات الناس بالمسخرة على من يذهب للطبيب النفسي.

ذهبت للطبيب، ووصفت له حالتي، وكنت أتوسل له بأن يعمل جاهدا لتخليصي، طمأنني وقال: أمرك سليم -إن شاء الله- لخص حالتي بأنها نوبات الهلع -اضطراب قلق معمم- يؤدي للاكتئاب بسبب الخوف، ووصف لي دواء (لوسترال 50)، نصف حبة لمدة أسبوع، وبعدها حبة كاملة، بالإضافة إلى (ريميرون 15) بالمساء، وبعد أسبوع تحسنت، وبعد شهر شعرت بأن نسبة التحسن وصلت 70 بالمئة.

راجعت الطبيب بعد شهر وشكرته، وأخبرته بأن الريميرون يسبب لي ثقلا بالنوم، فأخبرني بأن أتوقف عنه، وبعد شهر رفع لوسترال إلى 100، بعد سبعة أيام أحسست بانتكاسة، وعاد الصداع وضعف التنفس والخوف، رجعت لريميرون، وبعدها بشهر تناولته بجرعة 30.

الآن أتناول (لوسترال 100ظهرا + ريميرون 30مساء)، داومت على العلاج منذ سبعة شهور، وفي بعض الأيام أنسى تناول إحدى العلاجات.

شعرت بتحسن بنسبة 97 بالمئة، بعد اتباع نصائحكم حول تمارين الاسترخاء، والنظام السلوكي المعرفي، ومن خلال التحدث لأناس يشبهون حالتي، كنا نضحك على بعضنا ونقوي بعضنا وتهون علينا المشكلة.

أفرطت بتناول الجوز والمواد الغنية بالسيروتونين، وحتى زيت سمك الأوميغا 3، صحتي تحسنت، ووزني أصبح 72 كجم، وطولي 177 سم، كنت نحيفا.

أنا خائف من فكرة ترك الدواء؛ خوفا من عودة نوبات الهلع التي تغلبت عليها مرتين بعد نصيحة الطبيب حول النفس العميق، ومحاولة إعادة خمس أسماء بحرف (م) مثلا، ومنذ خمسة أيام تعرضت لضائقة في عملي، فعادت لي الدوخة بشكل بسيط، وكذلك الصداع وضيق التنفس، بالأخص من دواء ريميرون، لا أنكر بأنني استفدت كثيرا منه، ولكن غرقي في النوم أدى لمشكلة التأخير عن الدوام، وفي بعض الأحيان أصبحت كثير النسيان.

شكرا جدا لكم ولموقع إسلام ويب، وجعله الله في ميزان حسناتكم، فأنا والعديد استفدنا منكم، ومن حسن تجاوبكم، وآسف جدا على الإطالة، أحببت شرح الحالة بالتفصيل لكم وللقراء الذين استفدت منهم ومنكم، وأتمنى إفادتهم بشرحي لحالتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على هذه الرسالة، وحقيقة أنا أثمن قولك أنك تريد الكل أن يستفيد من تجربتك وهذا من كرمك، فبارك الله فيك وجزاك الله خيراً.

وأنا أرى أن آلياتك العلاجية متطورة فأرجو أن تسير على نفس المنهاج، ويجب أن لا تقلق قلقاً توقعياً استباقياً المستقبل بيد الله والمستقبل كله خير -إن شاء الله تعالى-، تنظيم الوقت يساعد كثيراً في علاج مثل هذه الحالات، فأحرص على ذلك، وممارسة الرياضة والتمارين الاسترخائية، والتفكير الإيجابي هي الآليات العلاجية الضرورية التي تمنع الانتكاسات -إن شاء الله تعالى-، وبعد أن تتوقف من الدواء، والدواء حتى لو استمريت عليه لمدة سنة إلى سنتين من الآن لا مشكلة في ذلك أبداً، لأن الدواء سليم وغير إدماني وغير تعودي.

وبالنسبة للريمانون اجعلها دواء إضافياً وليس أساسياً، نستطيع أن نقول أن الاسترال بجرعة 100 مليجرام هو العلاج الأساسي، وهذه جرعة ممتازة، ومن وجهة نظري كافية جداً، أما بالنسبة للريمانون، فابدأ وخفضها واجعله نصف حبة 15 مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها ربع حبة أي 7.5 مليجرام ليلاً، وهذه يمكن أن تستمر عليها لمدة 6 أشهر مثلاً، -أيها الفاضل الكريم- تجنب النوم النهاري، واحرص على النوم الليلي المبكر، وقطعاً كما نذكر دائماً البكور فيه خير كثير وأرجو أن تستفيد منه، أنا مطمئن تماماً أنك تسير في الاتجاه الصحيح، وحقيقة أنا متفائل جداً أن أمورك سوف تسير على خير، وها أنت تسير الآن في طريقك نحو النضوج النفسي والاجتماعي.

ما يحدث -أخي الكريم- في بعض الأحيان من أعراض سلبية كالدوخة والصداع أو ضيق التنفس هذه أعراض عارضة، وأنا أقول دائماً للناس يجب أن نتحمل شيء من الأذى في حياتنا، هذا يجعلنا أكثر قوة وثباتاً فهذه النوبات البسيطة أو الهفوات البسيطة يجب أن لا تشغلك، لأنها ليست ذات تأثير سلبي، وهي غالباً عارضة، وحين تأتيك أصرف انتباهك عنها بتحقيرها بشيء من تمارين الاسترخاء، أن تستعين بالله تعالى، أن تقرأ شيء من القرآن، تتذكر شيء حدث جميل في حياتك، كل هذا يساعدك في صرف انتباهك عن هذه النوبات البسيطة والمتقطعة، وهي -إن شاء الله تعالى- سوف تمشي نحو الزوال بالتدريج.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.. وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً