الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وسواس الطهارة، كيف أتخلص منه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة عمري 20 سنة، منذ كان عمري 18 سنة وأنا أعاني من مشاكل الوسواس، وقد تزايد معي كثيرا إلى أن أصبحت أغير ملابسي الداخلية قبيل كل صلاة بعد دخول الوقت، بالطبع لأنني أجدها مبللة وأظن أن بها بولا، وبها رائحة بول، فعاملت نفسي بمن لديه سلس البول وأحكامه.

تلك المسألة كانت معي قريبا منذ عام تقريبا، ولكن قبل ذلك عندما أرجع من الجامعة ألاحظ اتساخ ملابسي بلون بني فاتح، أو يميل إلى الصفرة، وهذا بالطبع يمنعني من أداء الصلاة خارج المنزل، وأنا لا أعرف ماهي تلك الألوان فأضطر إلى الاغتسال لأنني لا أعلم، وأصلي الفروض التي مضت.

بالإضافة إلى وسواس الريح، الحقيقة لا أعلم هل هي حقيقة أم وسواس، وقد أخبرت أمي وذهبنا إلى الطبيب منذ عام، وأخبرني بأن هناك التهابات في المثانة، وأخذت أدويتي ولم تذهب.

أعاني بشدة من تلك الأشياء لأنني لا أعلم حقيقتها، ولأن الصلاة أصبحت ثقيلة، وأحمد الله على وقت العذر الشرعي حتى يخفف عني قليلا، وأمي تخبرني أن هذا وسواس لا يجب أن أنصت إليه، فأخبروني رجاء ماذا أفعل حتى أتخلص من هذا وأذوق حلاوة الصلاة؛ لأنني أصبحت أريد الانتهاء من الصلاة بسرعة حتى لا ينفلت مني ريح أو شيء آخر.

رجاءً ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينب حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

مرحبا بك في موقعنا، ونسأل الله أن يمن عليك بالعافية، والجواب على ما ذكرت:
- بداية، لا شك أن لديك وسواسا، والسرعة في معالجته، والخلاص منه ضروري؛ لأنه إذا تساهلت معه، يمكن أن ينتقل إلى ما هو أشد، وستكون حياتك في ضنك ومشقة.

- للخلاص من الوسواس هناك طريقان: طريق عام، وطريق خاص.

1- أما الطريق العام فيكون:
* بكثرة الذكر والمحافظة على الصلاة، وقراءة القرآن والاستغفار، فإن الذاكر لله تعالى ينصرف عنه الشيطان، قال ابن تيمية: "والوسواس يعرض لكل مَن توجَّه إلى الله، فينبغي للعبد أن يَثبُت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر، لأنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان، قال تعالى: ﴿إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 76]، وكلما أراد العبد توجهًا إلى الله بقلبه، جاء الوسواس من أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله أراد قطْعَ الطريق عليه".

* ومن طرق الخلاص طلب العلم الشرعي، قال ابن الجوزي: "اعلم أن الباب الأعظم الذي يدخل منه إبليس على الناس هو الجهل، فهو يدخل منه على الجهال بأمان، وأما العالم فلا يدخل عليه إلا مُسارقة، وقد لبَّس إبليس على كثير من المتعبدين بقلة علمهم، لأن جمهورهم يشتغل بالتعبد ولم يحكم العلم" فطالب العلم يعرف الأحكام المتعلقة بالشرع وما يصح منها وما لا يصح، ويعرف الوسواس وطرق الخلاص منه.

* ومن العلاج الوسوسة: الالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء بصِدق وإخلاص، كي يُذهِب عنك هذا المرض.

2- أما العلاج الخاص للوسوسة: فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته" رواه البخاري، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :" لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا، خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل: آمنت بالله، وفي رواية: يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق السماء، من خلق الأرض؟ فيقول: الله ثم ذكر بمثله، وزاد: ورسله" رواه مسلم، ويمكن أن نستخلص طريقة علاج الوسواس من هذين الحديثين، وذلك بالآتي:

* قولي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم عندما يطرأ عليك الوسواس.

* ثم قولي آمنت بالله ورسوله، أو آمنت بالله ورسله. 

* اتركي الاستطراد في الوسواس فلا تلتفتي لما جاء فيه مطلقا، ولا يضرك ما يحصل لك، وليس عليك فيه إثم، وضؤك صحيح وصلاتك صحيحة، ولا داعي الاستعجال فيها، ولا تخافي من خروج ريح أو نحوه، فقد جاء في الحديث: "فليستعذ بالله، ولينته"، فمعناه: إذا عرض له هذا الوسواس فليلجأ إلى الله تعالى في دفع شره عنه، وليعرض عن الفكر في ذلك، وليعلم أن هذا الخاطر من وسوسة الشيطان، وهو إنما يسعى بالفساد والإغواء فليعرض عن الإصغاء إلى وسوسته وليبادر إلى قطعها بالاشتغال بغيرها.

قال ابن حجر الهيتمي: "للوسواس دواء نافع هو الإعراض عنه جملة، وإن كان في النفس من التردُّد ما كان، فإنه متى لم يلتفتْ لذلك، لم يثبت، بل يَذهَب بعد زمن قليل، كما جرَّب ذلك الموفَّقون، وأما مَن أصغى إليها، فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثير ممن ابتلوا بها، وأصغوا إليها وإلى شيطانها"، راجعي الاستشارة رقم 2319982.

- ثم اعلمي -أختي الكريمة- أن مرض الوسواس قد يكون مرضا نفسيا، وأنت بحاجة إلى أخذ مشورة طبيبة نفسية، كما أن هذا المرض قد يكون سببه البعد عن الله تعالى، والإكثار من المعاصي والذنوب، وإذا كان هذا فيك فعليك بسرعة التوبة إلى الله تعالى، وقد يكون سبب الوسواس مرض الحسد أو العين أو المس، ولذلك عليك بالمداومة على الرقية الشرعية، من قراءة سورة الفاتحة، وآية الكرسي والمعوذات، ونحو ذلك.

كان الله في عونك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً