الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرشدوني إلى العبادة التي تخلصني من مشاكلي الصحية والزوجية!

السؤال

السلام عليكم.

أنا مرهقة من مشاكلي، وأعاني من أعراض الوسواس، الوسواس القهري، الهلع الشديد، التهاب المسالك البولية، مشاكل في المعدة، وقت طويل في الاستنجاء، ومشاكل بيني وبين زوجي في عدة أمور.

أنا أذهب للاستشارة عند طبيبة نفسية، لكنها غير مسلمة ولا أستطيع أن أجد طبيبة نفسية جيدة لي، بعض الناس يقولون علي الصلاة يوميا والدعاء على طهارة، لكن بسبب مشاكل في المعدة أجد صعوبة في ذلك.

الحمد لله أحاول أن اصلي الصلوات الخمس، فما هي العبادة التي يمكنني فعلها، أو ما الواجب علي فعله كي أتخلص من مشاكلي؟ انصحوني وقدموا لي اقتراحاتكم، واقترحوا علي بعض الكتب لأنجح في هذه الحياة وفي الأخرة، أرجو الرد على سؤالي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Zeenath حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

هنالك مؤشرات تدل بالفعل أنه لديك شيء من الوساوس القهرية، ووساوس الأفكار وربما أيضًا شيء من وساوس الأفعال، وكلها تتمركز حول المحور الديني.

المبدأ الأول في علاج الوساوس هو: تحقير الوسواس، وعدم اتباعه مهما كان مُلحًّا، مهما كان مستحوذًا يجب أن يُحقّر ويجب أن يتم تجاهله، ويجب أن يُصرف الانتباه عنه.

هذه هي الأسس العلاجية الرئيسية، وهي ليست صعبة، تتطلب شيئًا من الجلد وشيئًا من الثبات وهزيمة الوسواس، وسوف تأتي -إن شاء الله تعالى-.

مثلاً أنت لديك استغراق الوقت لفترة طويلة في الاستنجاء: أيتها الفاضلة الكريمة: أنصحك بأن تُحددي كمية الماء، لا تستنجي من ماء الصنبور مباشرة، ضعي ماءً في إبريق أو في إناء أو شيء من هذا القبيل، ويجب أن تكون كمية هذا الماء قليلاً، الشيء الذي يكفي تمامًا، وحتمي على نفسك أنك لن تزيدي على هذا الماء أبدًا، وحددي أيضًا الوقت، هذا مهم جدًّا، طبقي مثل هذا التمرين باستمرار، هذا سوف يجعلك - أيتها الفاضلة الكريمة - ترجعين إلى ما هو طبيعي، مع تحقير الوسواس وعدم اتباعه.

أيضًا التخلص من الفراغ الزمني والذهني دائمًا يعطي الناس حقيقة مجالاً ليتخلصوا من وساوسهم.

ولا تحسّي بالذنب حيال هذه الوساوس، لأنها أتت لأفضل القرون، فقد اشتكى أناس من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- له حول هذه الوساوس، وكانت إجابته -صلى الله عليه وسلم- باعثة للطمأنينة في قلوبهم، هناك مقالة منهم مفادها رفضهم لهذه الوساوس، حيث قال فيما معناه: (والله لزوال السموات والأرض خير لي من أن أتحدث عمَّا يأتيني في نفسي، والله لو أن أخرّ من السماء إلى الأرض أفضل لي من أن أذكر ما يأتيني في نفسي)، أجابهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما معناه: (هذا صريح الإيمان. قولوا: آمنا بالله وانتهوا، لا تتبعوها).

فإذًا هذه الوساوس أصابت مَن هم خير مِنّا، والآن اتضح أن الوساوس في معظمها ذات طابع طبي، ويجب أن تُعالج على ضوء ذلك.

إذًا هذا هو الموقف العلمي والسلوكي بالنسبة للوساوس، وحسن التواصل الاجتماعي والتفكير الإيجابي وممارسة الرياضة، وممارسة التمارين الاسترخائية، كل هذه الأمور تعتبر إضافات إيجابية جدًّا في علاج هذه الوساوس.

أيتها الفاضلة الكريمة: لماذا المشاكل مع زوجك الكريم؟ هذا الأمر لا يستحق حقيقة، الزواج ميثاق غليظ ومودة وسكينة ورحمة، كوني امرأة حصيفة، والمرأة الذكية هي التي تعيش مع زوجها حياة طيبة مهما كانت الظروف، وكل امرأة يجب أن تُدرك ذلك، لا نستطيع أن نفصّل حياة زوجية لكل إنسان، لا، الإنسان هو الذي يستطيع أن يقود ذلك. أولاً: تجنبي النقاشات الحادة مع زوجك، خاطبيه بكل الأمور حين يكون مزاجه طيبًا، أشعريه أنه هو صاحب القوامة، وأنه هو الذي يقضي حاجاتك، كوني معه متسعة الصدر، وإن صدرت منه تصرفات لا تُرضيك تحمّلي الأذى، وهذا سوف يُدعم الزواج كثيرًا.

أنا أنصحك بالمحافظة على الصلاة في وقتها، فالصلاة عمود الدين، إن صلحت صلح ما بعدها وإن فسدت فسد ما بعدها، والتهاون في الصلاة ذنب عظيم، فإن أردت السعادة والراحة فلم تجديه إلا بالتقرب من الله تعالى، ولن تكوني كذلك إلا بالوقوف بين يديه في الصلاة، ووقتها اسأليه ما شئت من الخير، ولن يخذلك سبحانه وتعالى.

وأيضا أنصحك أن يكون لك وردًا قُرآنيًا مع زوجك، اقنعيه بذلك، مرة، مرتين، ثلاثة في الأسبوع، هذا مهم جدًّا، يطرد الشيطان وكل البلايا ما بين الأزواج، لا تقولي في وقت الخلاف (أنا) و(أنت)، قولي: نحن، كأنكما تتحمّلان المسؤولية مع بعضكم البعض، ويجب أن تكون الأمور على هذه الشاكلة.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنت تراجعين طبيبة نفسية، لا بد أن تصف لك أحد مضادات الوساوس، وعقار (سيرترالين) والذي يُعرف تجاريًا باسم (زولفت) أو عقار (فافرين) هما من أفضل هذه الأدوية التي تعالج هذه الحالات، فإذًا راجعي طبيبتك حول الدواء، فطبقي ما ذكرته لك من إرشاد، وأنا متفاءل جدًّا أن الذي بك سوف يزول.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً