الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني منذ عامين من اختناق وضيق تنفس، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة أبلغ من العمر 20 سنة، أعاني منذ عامين من اختناق وضيق تنفس، حيث تعرضت لضغط نفسي، ثم أصبت بضيق تنفس حاد ولم أشف منه، فزرت أطباء قلب، وكانت النتيجة جيدة -الحمد لله-، ثم العام الذي بعده تعرضت لعدم خروج الغازات، وأخبرني الطبيب أنه بسبب القولون، وتتكررت الحالة، ثم العام الماضي تعرضت لصدمة قوية جدا، حيث انسدت أذناي واختنقت، فنقلني أبي للمستشفى، فقالوا: صدمة، ومنهم من قال: حساسية.

بعدها أصبحت لا آكل، لأن الأكل يسد مجرى الهواء ويخنقني، وما زلت أعاني من هذه الحالة، ومن انسداد الأذن، خاصة عند الاستنثار الذي يشعرني بالاختناق وانقطاع النفس، وأحيانا أشعر بانتفاخ بطني عند التنفس، وأحيانا يذهب النفس فجأة وأصاب بهلع شديد، وفي الليل ينقطع نفسي وأصحو مفزوعة، وحاليا أعاني من بلغم ينزل للحلق عند النوم، فأحس بالاختناق، وأشعر أنني سأموت ولا أستطيع التنفس، كذلك أحس بالانفصال عن الواقع، فصرت أخاف من النوم، علما أني أذكر الله.

أنا خائفة، هل هذه حساسية أم نوبات هلع أم قلق أم قولون؟

أرجو منكم المساعدة، لقد احترت، أريد حلا لمشكلتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هالة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أنا تدارستُ حالتك، وقطعًا لديك نوبات هلع، هذا لا شك فيه أبدًا، كل الأعراض التي تنتابك هي ناتجة من الإصابة بالهلع، أعراضك هي أعراض نفسوجسدية، بمعنى أن المحرِّك لهذه الأعراض محرّك نفسي، وتظهر لديك الكثير من الأعراض الجسدية التي تحدثت عنها، واحتمالًا يكون لديك حساسية بسيطة أيضًا، لكن الحساسية لا تُفسّر أبدًا ما يحدث لك من ضيق ومن اختناق وكل الذي ذكرتِه من أعراض.

إذًا التشخيص الأساسي هو نوبات الهلع، مع احتمالية وجود حساسية بسيطة.

قابلي الطبيب في موضوع الحساسية، طبيب الأسرة، وبالنسبة لموضوع الهلع: لو كان بالإمكان أن تقابلي طبيبًا نفسيًّا؛ هذا يكون أمرًا جيدًا، وإن لم يكن ذلك ممكنًا فأرجو اتباع الآتي:

أولاً: يجب أن تتجاهلي الأعراض بقدر المستطاع، هذا مهمٌّ جدًّا، تصرفي انتباهك عنها، حين تحسّين أو تفكّرين فيها غيّري مكانك، أدخلي أفكارًا جديدة على نفسك، خذي مثلاً نفسًا عميقًا، اقرئي آية من القرآن، أكثري من الاستغفار، فإذًا صرف الانتباه مهمٌّ جدًّا.

ثانيًا: عليك بالتمارين الرياضية المستمرة اليومية، أي تمارين رياضية تناسب الفتاة المسلمة سوف تفيدك.

ثالثًا: هنالك تمارين تُسمَّى بتمارين الاسترخاء، مهمّة جدًّا، (تمارين التنفس المتدرج، تمارين قبض العضلات وشدِّها ثم استرخائها وإطلاقها، وتمارين التأمُّل)، وإسلام ويب أعدت استشارة رقمها (2136015) أوضحنا فيها كيفية ممارسة هذه التمارين، فيمكنك الاستعانة بها وتطبيق ما ورد بها من إرشاد، كما أنه توجد برامج كثيرة جدًّا على اليوتيوب توضّح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء.

إذًا هي عملية علاجية بالنسبة لك مهمّة جدًّا.

رابعًا: أريدك دائمًا أن تكوني إيجابية التفكير، وأن تُحسني إدارة وقتك، هذا شيء مهمٌّ جدًّا ويجعلك -إن شاء الله تعالى- تتمتعين بصحة نفسية عالية وجيدة.

قطعًا أنت حريصة على صلاتك في وقتها، وهذا أيضًا من الدعائم الأساسية للمسلم وللمسلمة، الصلاة الخاشعة تبعث الطمأنينة في النفس، وذكر الله يؤدي إلى الطمأنينة في النفس، الأذكار خاصة أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم والاستيقاظ، هذه مهمّة جدًّا، وكذلك الورد القرآني اليومي.

أيضًا أرجو أن تجعلي لنفسك مشروع حياة، هذا حقيقة يُخلِّصك من الفراغ، ادخلي في أي مشروع (دراسات إضافية، مشروع مثلاً لحفظ القرآن أو أجزاء من القرآن) هذا أيضًا يجعلك تستثمرين وقتك بصورة طيبة، ممَّا يصرف انتباهك تمامًا عن نوبات الهرع.

النقطة الأخيرة هي الدواء، والحمد لله تعالى توجد أدوية ممتازة، وأنت تحتاجين لدواء واحد، هنالك عقار يُسمَّى (سبرالكس)، وآخر يُسمَّى (زولفت)، وثالثٌ يُسمَّى (زيروكسات)، كلها أدوية جيدة ومفيدة، وأنا حقيقة أفضل أن تتناولي عقار (سبرالكس) والذي يُسمَّى علميًا (استالوبرام)، ناقشي هذا الموضوع مع أسرتك الكريمة – والدك مثلاً – وإذا اقتنعتِ واقتنعت الأسرة بأن تتحصّلي على الدواء فابدئي في تناوله، وإن لم تقتنع الأسرة يجب أن تقابلي طبيبًا نفسيًّا.

السبرالكس تبدئين في تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة مليجرامات من الجرعة التي تحتوي على عشرة مليجرامات – تناوليها لمدة أسبوع، ثم اجعلي الجرعة عشرة مليجرامات يوميًا لمدة أسبوعين، ثم اجعليها عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، ثم أنقصيها إلى جرعة الوقاية، وهي عشرة مليجرامات يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلي الجرعة خمسة مليجرامات يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرامات يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

الدواء دواء رائع، دواء سليم، لا يُسبِّب الإدمان، ولا يؤثّر على الهرمونات النسائية أبدًا، أحد آثاره الجانبية البسيطة هو أنه قد يرفع الشهية نحو الطعام قليلاً، فيجب أن تتحكمي في ذلك بقدر المستطاع.

أمَّا بالنسبة للقولون فسببه القلق المصاحب لنوبات الهرع، وسوف يختفي -إن شاء الله- باختفاء الفزع.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً