الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدي توفى، وكنت عاقة له، فهل من توبة؟

السؤال

السلام عليكم.

والدي كان يعاني من أمراض نفسية، ومن الخوف والموت، كان يجلس طوال اليوم في غرفته، ينادينا بأسمائنا لكي يطمئن أنه ليس وحيدا، ينادي أكثر من 40 مرة، وهذا جعلني لا أحسن معاملته، وأهجره طوال الوقت، ولا أجلس معه، وكنت أحلم كثيرا أني أكرهه وأضربه، والدي الآن متوفى منذ سنة 2019، وأنا في غاية الندم على ما كنت أفعله في حقه، خائفة من عقوبة عقوق الوالدين، كرهت نفسي، وكرهت كل شيء، علما أني أقرأ عنه صفحتين من القرآن كل يوم ، فهل هذا يكفي؟ هل من توبة؟ أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Amal حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نسأل الله تعالى أن يغفر لأبيك ويرحمه، وأن يتوب عليك ويغفر لك ذنوبك كلها.

لا شك – أيتها البنت الكريمة – أن شعورك بالندم على ما كان من معاملتك لأبيك هو خيرٌ ساقك الله تعالى إليه، فالندم توبة، وهو ركن التوبة الأعظم، والتوبة يمحو الله تعالى ما كان قبلها من ذنب، كما قال النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، والله تعالى وعد في كتابه الكريم بأنه يُبدِّل سيئات التائب حسنات، فقال: {إلَّا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحًا فأولئك يُبدِّلُ الله سيئاتهم حسنات}.

فإذًا هذا هو الطريق إذا أردتِّ التخلص من هذا الماضي، طريق أن تتوبي إلى الله تعالى توبة متكاملة بأركانها، فالندم جزءٌ منها، والعزم على عدم فعل هذا الذنب، إذا كانت أُمُّك لا تزال موجودة مثلاً، وعدم التقصير في حق الوالد الميِّت، فإذا فعلت ذلك فإن الله تعالى يتوب عليك، وحقُّ الوالد: ينبغي أن تجتهدي في تعويضه الآن بعد موته، فإن بر الأب والأم لا ينقطع بالموت، كما بيَّن ذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فبيَّن أنه من البِرِّ بعد الموت الاستغفار لهما، والدعاء لهما، وصلة الرحم التي لا تُوصلُ إلَّا بهما، يعني: صلة أقاربهما. فهذا كلُّه من البر إلى أبيك، وقد أحسنت حين قررت أن تقرئي القرآن وتُهدي ثوابه إليه، فهذا يصل إليه -بإذن الله- على مذهب كثير من أهل العلم.

فأكثري الدعاء لوالدك، ومن الاستغفار له، ومن قراءة القرآن بقدر استطاعتك، وهذا -إن شاء الله- خيرٌ كثير ينفعه ويفرح به هو في قبره، فقد جاء في الحديث أن الإنسان يوم القيامة يجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا، فيفرح ويستغرب من أين لي هذا؟ فيقول الله تعالى له: (هذا باستغفار ولدك لك).

فإذًا إدخال السرور على الوالد الآن وهو في قبره وإيناسُه في وحشته يتمثّل في هذه الأعمال الصالحة، أكثري من الاستغفار له، فهو يشعر بهذا ويُبشَّرُ به ويفرح.

نسأل الله أن يوفقك ويُعينك على الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً