الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعبت بسبب الوساوس القهرية في الكفر

السؤال

أحبكم في الله وأحب موقعكم، فقد استفدت كثيراً منه.
مشكلتي نفسية وسواسية قهرية، قهرتني في حياتي كثيراً، منذ أن كنت صغيرة كانت تهجم علي أفكار ووساوس في ذات الله، وتخيل صورة عنه عياذاً بالله من هذا الكلام.

كنت أعلم أنها خواطر ولم ألق لها بالاً، وكنت أعلم أن الله ليس كمثله شيء، وتيقنت وتأكدت قبل زواجي بأنها مجرد وساوس، والحمد لله أني اطمأننت أنها وسوسة وليست كفراً.

بدأت أقول: يا رب تب علي من كل الذنوب والمعاصي، يا الله أنت ليس كمثلك شيء، كرهت تلك الصورة الشيطانية، أنت الله الواحد الأحد الصمد.

في الحقيقة أنا مفرطة قليلاً في شأن الأذكار، لكني أصلي فرائضي، وأحياناً النوافل وقراءة القرآن، فالوسواس والفكرة هاته تطاردني دائماً، حتى كرهت نفسي بسببها.

تعبت جداً، لا قبل ولا بعد الزواج، لدرجة أني الآن أشك في عقد نكاحي هل هو صحيح أم لا؟! هذا الكلام الذي أقوله لكم لم أتجرأ أبداً أن أقوله لأحد، فالسقوط من أعالي الجبال أحب إلي من النطق بهذا الكلام لأي شخص، لكن أقول هذا لكم لأنكم أهل الاختصاص، أخشى أن أدخل نار جهنم مثل الكافرين.

أخشى أن يكون نكاحي باطلاً، لقد تعبت من تلك الأفكار الهجومية، والله لست كافرة، لا تكفروني، وإن كنت مفرطة في شأن الأذكار لكني أصلي وأصوم، وأنطق الشهادتين بقلبي ولساني، وليس لي مال لإخراج الزكاة، فأنا ربة بيت، وليس لي مال من أجل الحج والعمرة، وإن يسر الله لي المال فحتما سأذهب لآدائهما لوجهه الكريم، وإخراج الزكاة يوم يكون لي المال، فلقد تعبت، ساعدوني فهل أنا كافرة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ كوثر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- مُجددًا في موقع استشارات إسلام ويب، ونحن نبادلك هذه المحبة بالثناء والدعاء، فنسأل الله تعالى أن يصرف عنك كل سوء ومكروه، وأن يكتب لك السعادة في حياتك الأولى والآخرة.

ما ذكرتِه – أيتها البنت الكريمة – من تسلُّط الوسوسة عليك قدرٌ قدَّره الله تعالى عليك، ولكنَّ الله تعالى شرع لنا مُدافعة الأقدار بالأقدار، وبنى هذا الكون وهذه الحياة على الأسباب، فالنتائج لها مُقدِّمات، والثمار لها أسبابُها، فإذا أردتِّ العافية وأن يَمُنَّ الله تعالى عليك بالشفاء وذهاب هذا الدَّاء عنك فخُذي بالأسباب التي تُوصلك إلى هذه النتيجة، وهذه الأسباب أرشد إليها الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-، وهي:

1. الإقلاع عن هذه الوساوس.
2. عدم الاشتغال بها، والاشتغال بغيرها حين تهجم عليك بعد الاستعاذة بالله تعالى.
3. الإكثار من ذكر الله تعالى.

هذه الثلاث خطوات إذا فعلتِها ستزول عنك هذه الوساوس لا محالة، فإذا هجمت عليك الوسوسة أولاً: استعيذي بالله.
ثانيًا: اصرفي ذهنك عن التفكُّر فيها، واشتغلي بأي شيءٍ ينفعك في دينٍ أو دُنيا.
ثالثًا: لازمي ذكر الله تعالى، فإن ذكر الله يطرد الشياطين، كما يشرح الصدر، ويُسكِّن القلب، فقد قال الله تعالى: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، ولا دواء أنجع وأنجح لهذه الوسوسة من هذه الأدوية النبوية.

كلّ ما تتخوَّفين منه ليس له أي أصل أو ثبوت، فلا أنت كافرة، ولا عقد النكاح باطل، ولا غير ذلك من كل هذه الآثار الناتجة عن اشتغالك بالوساوس، فقد جاء أحد الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشتكي إليه شيئًا من الوساوس يجدها في صدره، وأخبره بأن يصير حُممة – أي يحترق حتى يصير فحمًا – أيسر وأهون عليه من أن يتكلَّم بما يجده في صدره، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بأن هذا (صريح الإيمان).

من علامة إيمان المؤمن خوفه وفزعه من هذه الوساوس الشيطانية، فلولا وجود الإيمان في القلب لمَا انزعج هذا القلب، فكراهيتُك لهذه الوساوس وخوفك الشديد منها دليلٌ إن شاء الله على وجود الإيمان في قلبك، فلا تلتفتي أبدًا إلى هذه الهموم الشيطانية، فإن الشيطان حريص على أن يُدخل الحُزن إلى قلبك ليقطعكِ عن الله تعالى، فقد قال الله تعالى: {إنما النجوى من الشيطان ليَحْزُن الذين آمنوا}.

استعيذي بالله تعالى من الشيطان، واتبعي الخطوات التي قُلْناها لك، وستجدين العافية إن شاء الله تعالى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً